تفتيـش مذلّ للمقـدسيين فـي مكـاتـب الداخليـة الإسـرائيليـة

التفتيش الأمني الإسرائيلي للمقــــــــــــــــــــــــــــــــدسيين يظهر مدى العنصرية. الإمارات اليوم

«طابور طويل من المواطنين»،«تفتيش أمني مذل يطال أدق الحاجيات»، «استكبار واستعلاء من قبل الحراس والموظفين الإسرائيليين»، هذه صورة مقتضبة للمعاناة التي يواجهها أي مواطن مقدسي يعيش في مدينة القدس المحتلة ويحمل هويتها الزرقاء، عندما يضطر إلى زيارة مكتب وزارة الداخلية الإسرائيلية لإجراء المعاملات الخاصة بهم، فيما تزداد هذه المعاناة في فصل الصيف.

ويستقبل مكتب الداخلية شرق القدس مئات المواطنين المقدسيين يومياً، معظمهم يمر بالإجراءات نفسها، لكن قلة منهم يتوجه بشكوى مباشرة إلى الداخلية بسبب سوء المعاملة والطلبات المعقدة.

وكان المحامي في مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان معين عودة، قد وجه مساءلة قانونية إلى وزارة الداخلية حول ما يعانيه المواطنون المقدسيون قبل وأثناء دخول المكاتب وداخلها، منذ لحظة الوقوف في دور طويل مروراً بإجراءات التفتيش الأمني ووصولاً إلى الموظف المعني. وقال عودة لـ«الإمارات اليوم» «ركزت المساءلة القانونية على موضوع الإجراءات المتبعة في مكتب السكان في القدس الشرقية، والخدمات والشروط المادية التي تناقض قواعد الإجراءات المنطقية والإدارة السليمة، إذ تُخالف قواعد العدالة الطبيعية من خلال انتهاك قيم المساواة واحترام الإنسان بشكل خطير كما تخالف القانون الأساسي لاحترام الإنسان وحريته». وأضاف «إن مكتب الداخلية ارتبط في حالات عدة بالإذلال والمهانة من قبل الحراس والمسؤولين، نتيجة لعدم الكفاءة ولسياسات تعجيزية، حيث يضطر المقدسي إلى الحضور للمكتب وللمعاملة نفسها مرات عدة والانتظار في دور يصل إلى خارج المكتب منذ ساعات الفجر الأولى لضمان دخوله إلى المكتب»، وتابع قوله «إن دخول المقدسي لا يعنى ضمان الخدمة المطلوبة، فيضطر إلى العودة ثانية والانتظار في طابور طويل مرة أخرى واقفاً، من دون وجود مظلات في الخارج صيفاً وشتاء».

أما في ما يتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة، أوضح عودة أن مبنى الداخلية يفتقر إلى وجود مدخل مناسب لهم، على الرغم من صدور قانون تعديل في شهر مارس عام ،2009 الذي ينص على وجوب ملاءمة البنايات ذات الخدمات العامة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وبين أن مبنى الداخلية يفتقر إلى وجود صندوق خاص لاستلام المستندات المطلوبة من المراجعين، وهي طريقة مختصرة للأوراق والمستندات للوصول إلى يد الموظف، حيث يضطر المراجع إلى الوقوف في الدور حتى يسلمها. أما الناحية الأكثر حساسية في عملية الدخول إلى مكاتب الداخلية، بحسب عودة، فهي المعاملة السيئة والعنيفة التي يتعامل بها الحراس مع المواطنين، حيث يتعرضون للإهانة والإذلال والصراخ والشتم من قبلهم، كما يرفض الحراس التعاون مع النساء الحوامل أو المسنين، ويتجاهلون المواطنين الذين يريدون الاستفسار عن أمر ما.

وعرضت المساءلة التي قدمها محامي مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، طرق التفتيش الأمني في مكتب الداخلية، التي تُظهر مدى الإذلال الجماعي والعنصرية والتمييز ضد سكان القدس الشرقية، فيما يلزم حراس الأمن جميع المراجعين بمن فيهم المسنون والنساء والأطفال وحتى المحامون، بخلع أحذيتهم وأحزمتهم، والمرور بجهاز الأشعة السينية على الرغم من مخاطرها على الحوامل والمرضى.

معاملات بسيطة لا تحتاج سوى إلى دقائق قليلة داخل مبنى الداخلية تدفع المواطن المقدسي، على خلاف الإسرائيلي، للانتظار ساعات خارج المبنى، وانجازها في وقت أكبر من المطلوب لها، وكان مركز القدس قد أوفد مندوباً من طرفه للتحقق من ظروف الانتظار، حيث اضطر للمرور بخمس مراحل وطوابير مختلفة، حتى يصل إلى الموظف الذي يجري له معاملته الخاصة به، وقد استغرق ذلك ما يقارب أربع ساعات.

أما المواطنة (أم أحمد) فقد حضرت برفقة رضيعها إلى مقر الداخلية منذ الثامنة صباحاً، ولكنها اضطرت للانتظار لساعات طويلة، وتقول «إن المعاناة لا تنتهي بالدخول الى المكاتب، فالوصول إلى أحد نوافذ إجراء المعاملات بحاجة إلى ساعات أخرى، وذلك بسبب المماطلة من قبل الموظفين وعدم الاكتراث بالمراجعين، فمن بين ثمانية شبابيك في الداخل للأسف لا تعمل سوى ثلاثة منها». وقالت الحاجة فاطمة نصر الدين، التي جلست على قارعة الطريق بجانب شجرة صغيرة للاحتماء من أشعة الشمس «أنا موجودة منذ ساعة والدور أمامي طويل، ولا أستطيع الوقوف في الطابور أكثر، وسأعود مع عائلتي لتجديد هويتي في يوم آخر».

تويتر