عائلات دون مأوى أو في مراكز الإيواء
العائدون إلى جنوب السودان يواجهون الواقع المرّ
على ضفتي نهر النيل رست سفن الشحن المحملة بالغذاء وجميع أنواع البضائع القادمة من شمال السودان إلى جوبا عاصمة جنوب السودان، التي ستصبح دولة مستقلة بشكل رسمي بعد أيام قليلة.
وعلى إحدى ضفتي النيل، جلست إليزابيث ماديت (27 عاما) وعائلتها، لتستظل بالأشجار القائمة على جانب النهر، وتتخذ منها ملاذا في آخر محطة لها برحلتها صوب الجنوب.
لقد حل موسم الأمطار في جوبا ولم يعد الوقت مناسبا لأناس لا يملكون مأوى يقيهم أمطار السماء، لم تكن ماديت تتخيل أن تكون عودتها هكذا إلى الجنوب الذي فرت منه طفلة مع والديها، لقد كان الجنوب دوما رمزا للأمل عند الكثير من أهله المغتربين في الخرطوم.
ويتوقع أن يعود ما يصل إلى 120 ألف شخص لهذه الدولة الجديدة بنهاية العام الجاري. الكثير منهم يعلقون آمالا كبيرة على البلد الذي أجبروا على الفرار منه خلال الحرب الأهلية الدامية.
أما نونا كليمنتاين (24 عاما)، وهي واحدة ممن أعيد توطينهم من الشمال إلى الجنوب، فقد نقشت رسوما بالحناء على ذراعيها قبل أسابيع عدة، عند مغادرتها الخرطوم، لقد تلاشت أنماط الحياة المرفهة تلك في الوقت الحالي.
تقول كليمنتاين: «أعتقد أن الأمر سيكون مختلفا، لقد عدنا ويحدونا أمل في الاستقرار وفي حياة أفضل في السودان، لكن بدلا من ذلك هانحن نجلس هنا وسط الأوحال».
وعلى الرغم من أن مانحي المساعدات في الأمم المتحدة قدموا الخيام للعائدين، لكن المطلوب أكثر من المعروض. على الطرف الآخر من المدينة حيث يوجد مركز الإيواء الوضع أفضل، إذ تتم عملية تسجيل الوافدين الجدد.
المكان لا يخلو من الناس إلا بعد نقل اللاجئين إلى أماكن إقامتهم، ولايزال الناس يتوافدون من الشمال، فبحلول التاسع من يوليو المقبل سيتم التعامل معهم على أنهم أجانب. لقد التحفوا بكل آمالهم في بداية جديدة في بلدهم القديم، هي آمال يكادون يعرفونها.
أحد هؤلاء روبرت انينكي، الذي ظل مسافرا لأشهر عدة، يقول «غادرنا يوم الثالث من ديسمبر الماضي، كنا نريد أن نصل إلى الجنوب في الوقت المحدد للتصويت على استفتاء الانفصال».
وعندما أجري الاستفتاء التاريخي في يناير الماضي، كانت قافلة الحافلات التي تقل انينكي وثمانية من أقربائه لاتزال عالقة في الشمال.
يضيف انينكي «كانت هناك تأخيرات مستمرة، السيارات تتعطل كانت تتقطع بنا السبل عند حواجز الطرق ولم يكن معنا المال لدفع ثمن بقية الرحلة، لم يتمكن الجميع من الوصول فكبار السن والأطفال ماتوا في الطريق ولم يكن أمامنا خيار سوى أن ندفنهم على جانب الطريق».
على الرغم من أن المهجرين عادوا إلى جوبا، إلا أن هذا لا يعني أنها نهاية الطريق بالنسبة لهم، فالسلطات في الجنوب تريد أن تسكن كل الأشخاص القادمين من الشمال في قراهم القديمة، لكن خلال الحرب الأهلية التي انتهت عام ،2006 فر سكان الولايات المضطربة على الحدود بين الشمال والجنوب، والتي ابتليت حاليا بتجدد القتال، إلى الشمال، ويثور الشك في مدي امكانية عودتهم بأمان فى الوقت الحالي.
ويقول بوكاي دينغ، الذي يعمل لمصلحة منظمة إغاثة «جوعى العالم» الألمانية العاملة في جوبا إن الكثير من المهجرين العائدين لا يأملون أن يعيشوا في القرى النائية التي تعاني ضعف أو انعدام البنية التحتية.
ويضيف «هم سكان مدن عاشوا في الخرطوم ومدن حديثة أخرى في الشمال، لن يقبلوا بمكان لا توجد به مدرسة لأطفالهم ولا مياه صالحة للشرب أو رعاية صحية».
لكن الذين رفضوا الانتقال إلى المكان الذي عرض عليهم تركوا لتصريف أمورهم بأنفسهم.
حاليا، العديد من العائلات العائدة إما دون مأوى أو تعيش في أماكن إيواء مؤقتة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news