11 سبتمبر كلّف « القاعدة » نصف مليون دولار.. وانتقام أميركا تجاوز الـ 3.7 تريليونات

معدة التقرير كاثرين لويتز (إلى اليسار ) مع شريكتها في كتابته نيتا كروفرد. رويترز

عندما تعلل الرئيس الأميركي باراك أوباما بالكلفة سبب في اعادة القوات الأميركية من أفغانستان، أشار الى أن كلفة الحروب الأميركية تبلغ تريليون دولار. ورغم ان هذا المبلغ في حد ذاته هائل فإن ذلك الرقم يقلل بصورة كبيرة من اجمالي كلفة الحروب في العراق وأفغانستان وباكستان على وزارة الخزانة الاميركية ويتجاهل المزيد من التكاليف التي ستتكبدها الولايات المتحدة طبقا لدراسة صدرت أمس. ويقول تقرير (تكاليف الحروب) الذي أعده معهد واطسون للدراسات الدولية التابع لجامعة براون ان اجمالي الكلفة سيكون3.7 تريليونات دولار على الاقل ومن الممكن أن تصل حتى 4.4 تريليونات دولار.

وفي السنوات الـ10 التي مضت منذ توجه القوات الاميركية الى أفغاستان للقضاء على زعماء تنظيم «القاعدة» الذين اتهموا بأنهم وراء هجمات 11 سبتمبر عام 2001 على الولايات المتحدة بلغ الانفاق على الصراعات ما بين 2.3 تريليون دولار و2.7 تريليوندولار.

وستظل هذه الارقام في ارتفاع عندما نتحدث عن تكاليف عادة ما يجري الالتفات اليها مثل الالتزام على المدى الطويل بجرحى المحاربين القدامى والانفاق الحربي المتوقع من 2012 وحتى .2020 ولا تشمل التقديرات تريليون دولار على الاقل من مدفوعات فوائد مستحقة ومليارات اخرى من الدولارات من الكلفة التي لا يمكن احصاؤها كما ورد في الدراسة.

أما بالنسبة للكلفة البشرية فقد لقي ما بين 224 ألفا و258 ألفا حتفهم مباشرة من جراء الحرب منهم 125 ألف مدني في العراق، كما لقيت أعداد أخرى كثيرة حتفها نتيجة الافتقار لمياه الشرب النظيفة والرعاية الصحية والتغذية، كما أصيب 365 ألف شخصوأصبح 7.8 ملايين بلا مأوى.

وشارك في دراسة (تكاليف الحروب) أكثر من 20 أكاديميا للكشف عن كلفة الحرب البشرية والمادية وهي مهمة مضنية، نظرا لعدم اتساق السجلات التي تتحدث عن القتلى والجرحى وما سماه التقرير سجلات مبهمة وغير متقنة للحسابات من الكونغرس الأميركي ووزارةالدفاع.

ويبرز التقرير المدى الذي ستظل فيه الحرب تشكل مزيدا من الضغط على الميزانية الاتحادية الأميركية التي تعاني بالفعل مساراً صعباً نتيجة ارتفاع أعمار سكان الولايات المتحدة والكلفة الباهظة للرعاية الصحية، كما أنه يثير تساؤلا عما جنته الولايات المتحدة من استثماراتها التي بلغت تريليونات عدة من الدولارات.

وقال السيناتور بوب كوركر وهو جمهوري من تينيسي لـ«رويترز» في واشنطن «أتمنى أننا عندما ننظر للوراء لدى انتهاء هذه الاوضاع أن نرى شيئا طيبا».

ويقيم التقرير بصورة أو بأخرى كلفة هجمات 11 سبتمبر، لقد أنفق 19 خاطفا إلى جانب متآمرين اخرين من تنظيم «القاعدة» ما بين400 ألف دولار و500 ألف دولار على الهجمات التي نفذت بطائرات مخطوفة وأسفرت عن سقوط 2995 قتيلا وسببت خسائر في الاقتصاد تقدر بما بين 50 مليار دولار و100 مليار دولار. والذي حدث بعد ذلك هو قيام ثلاثة حروب قتل فيها منذ ذلك الحين 73 شخصا مقابل كل شخص قتل في هجمات 11 سبتمبر، لكن هل كانت هذه الحروب تستحق كل هذه الكلفة.

وقالت رئيسة قسم علم الانسان في جامعة براون والمشاركة في الدراسة كاثرين لوتز ان هذا هو السؤال الذي يريد كثيرون الاجابة عنه. وقالت «قررنا أننا بحاجة الى القيام بمثل هذا التقييم الدقيق لكلفة اختيار خوض الحرب، افترضنا أن الساسة لن يقوموا بمثل هذا التقييم». والسؤال الآن هو ما الذي جنته الولايات المتحدة من التريليونات التي أنفقتها؟

من الناحية الاستراتيجية فإن النتائج التي حققتها الولايات المتحدة مختلطة، لقد قتلت شخصيات مثل اسامة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة» والرئيس العراقي السابق صدام حسين لكن لا يمكن على الاطلاق القول ان العراق وأفغانستان أصبحا نظامين ديمقراطيين مستقرين، كما زاد نفوذ ايران في الخليج ومازالت حركة «طالبان» رغم الاطاحة بحكومتها في أفغانستان قوة عسكرية لا يستهان بها هناك.

وقال مؤسس ستراتفور للمعلومات جورج فريدمان «نجحت الولايات المتحدة بشدة في حماية الوطن».

وأضاف «كانت (القاعدة) في أفغانستان قادرة على شن عمليات معقدة ومركبة في شتى أنحاء العالم، هذا التنظيم مع تلك القدرة لم يتراجع بصورة كبيرة فحسب بل انه انهار في ما يبدو». ومن الناحية الاقتصادية جاءت النتائج أيضا مختلطة، إذ قال التقرير ان الانفاق على الحرب ربما يضيف نصف نقطة مئوية سنويا على النمو في الناتج المحلي الاجمالي لكن ذلك قابلته الاثار السلبية للاقتراض حتى يتسنى الانفاق على الحروب.

وحاولت بعض تقارير الكونغرس الاميركي تقييم تكاليف الحرب، خصوصا تقريراً من جهاز الابحاث بالكونغرس صدر في مارس 2011 والذي قدر أن تمويل الحرب في ما بعد 11 سبتمبر بلغ 1.4 تريليون دولار حتى .2012 وتوقع مكتب الميزانية بالكونغرس أن تبلغ تكاليف الحروب حتى عام 2021 نحو 1.8 تريليون دولار. وأظهر تقرير (تكاليف الحروب) أن الكلفة العامة للحروب على مدى السنوات الـ10 الماضية وصل عام 2011 الى 1.3 تريليون دولار.

لكن عندما يجري حساب كل دولار تم انفاقه فإن هذا المبلغ ما هو الا مجرد بداية، ومنذ أن أصبح التمويل يتم عبر الانفاق من خلال الاقتراض أصبح من الضروري دفع الفائدة والتي بلغت قيمتها التراكمية 185 مليار دولار حتى الان. وكشف التقرير ان وزارة الدفاع حصلت على ما بين 326 مليار دولار و652 مليار دولار بالاضافة الى ما يمكن وصفها بأنها مخصصات الحرب. وبلغ اجمالي الانفاق على الامن الداخلي 401 مليار دولار حتى الان يمكن ربطها بهجمات سبتمبر، أما المساعدات الاجنبية المتعلقة بالحروب

فتصل الى 74 مليار دولار أخرى، وهناك أيضا رعاية المحاربين القدامى التي بلغت 32.6 مليار دولار حتى الان.

تويتر