«التحرير» حوّل «أبناء الشوارع» في مصر إلى «مشاريع ثوار»
كشف «مرصد الثورة»، الذي انشأه الثوار في ميدان التحرير، عن مشاركة اعداد كبيرة من ابناء الشوارع في ثورة المصريين وتحولهم من مشروعات «للبلطجة» والإجرام، الى شهداء وشباب يحلم بحياة كريمة، ومصر اخرى يجدون فيها أنفسهم يتعاملون كبشر.
وقال الناشط في «المرصد» عمرو الخولي، لـ«الإمارات اليوم»، ان الأطفال والصبية بلا هوية، الذين يطلق عليهم «ابناء الشوارع»، قدموا تضحيات مذهلة في الثورة واستشهد عدد كبير منهم بأيدي البلطجية في «موقعة الجمل» الشهيرة.
وأوضح الخولي أن الشهداء الـ19 الذين لم يتعرف إليهم احد ودفنوا بعد اربعة اشهر من استشهادهم، ينتمون الى ما يسمى بـ«أطفال الشوارع»، الذين تصدوا للبلطجية ورجال الأمن مع الثوار في «موقعة الجمل».
وقال الخولي «اننا اكتشفنا وجود اطفال وصبية بثياب رثة، يصرون على رسم اعلام مصر على وجوههم، ويحملون شعارات الثورة ويتحركون معنا، ويتلقون الضربات والقنابل المسيلة للدموع مع الثوار منذ اليوم الاول للثورة في 25 يناير». وكشف الخولي، عن قيام بعض الموسرين من ابناء الثورة بشراء ملابس لهم ومشاركتهم الطعام منذ بداية الاعتصامات داخل ميدان التحرير.
وكشف عضو ائتلاف الثورة حمدي الصاوي، لـ «الإمارات اليوم»، قيام أبناء الشوارع بدور كبير في جمع المعلومات عن الضباط المشاركين في قمع التظاهرات. وقال الصاوي «اكتشفنا انهم يعرفون ضباط المباحث وضباط اقسام الشرطة وأمناء الشرطة بالأسماء والأوصاف وساعدونا على كشف عدد كبير منهم، رغم ارتداء عدد من رجال الشرطة الملابس المدنية، والعمل داخل صفوفنا»، مضيفاً «رجال الأمن جندوا عدداً من ابناء الشوارع للعمل في ميدان التحرير ضد الثوار، لكن العدد الاكبر انحاز للثورة وأبلغ عن مهمته وعن أمناء الشرطة الذين كلفوه».
وقال أحد ابناء الشوارع ويدعى ياسين حسان، إن ميدان التحرير تحول الى بيتنا، بعد ان كنا ننام تحت السيارات وعلى الأرصفة وفي الأقسام. وقال «أنا مع الثورة لأنني هنا لا يعتدي علي احد واحصل على الطعام وأبيت من دون خوف». وأضاف «هربت من البيت في السادسة وعمري الآن 13 عاماً ولا اعرف الا اسمي، وأسماء امناء الشرطة الذين يضربونني كل يوم، وأنا سعيد ان الثوار ضربوا الشرطة، وإن كنت أخشى عودة أولاد الجنية ثانية».
وكشف ياسين، عن اختفاء اثنين من اصدقائه وهما مودي وأشرف، وقال «كنا معا بجوار متحف التحرير في يوم 28 يناير وشاركنا في ضرب البلطجية بالحجارة، لكنهم اختفوا وسط الضرب والزحام، وأبحث عنهم منذ ذلك التاريخ، ولا اجد لهم اثراً وأعتقد ان الأمناء قتلوهم، ربنا ينتقم منهم».
والتقت «الإمارات اليوم » ايضاً بموسى، ابن الـ12 في ميدان التحرير، الذي قال إن «الثورة اعطته الأمل في أن يكون له اسم ثلاثي، ويعمل ويتزوج ويكون له اولاد ولا يضربهم او يحبسهم احد». وقال موسى «أنا لا اعرف الا أن اسمي موسى، ولا اعرف لي اباً او ام او أقارب، وأصحابي يطلقون على اسم الموس. وأنا ضمن سبعة اصدقاء نعيش في وسط البلد وننام تحت الكباري، ونتحرك معا، وشاركنا في ضرب الشرطة بالحجارة، وضربنا البطجية في «موقعة الجمل» لأنهم كانوا يعتدون علينا بالضرب ويغتصبون بناتنا». وتابع «أنا نفسي كل رجال الشرطة يموتوا، ونفسي كمان لا أسمع عن كلمة اطفال الشوارع والدولة ترجعنا لأهالينا». وكشف موسى عن «تعاطف الشيف محمد يوسف، الذي كان يعمل مع (باشا)، وكان يلقي لهم بقايا طعام العزومات كل يوم اثنين وخميس». وقال «بصراحة كنا نحصل على الأطعمة ونبيعها للعيال في الشوارع، دون علم الشيف، وقال كنا نحصل عليها من مقلب زبالة حديقة (الباشا) الذي لا نعرف اسمه، في الزمالك، قبل ان يحصل عليها الزبال، وكانت تكفي لإطعام قرية بالكامل». وتابع «نفسي الثوار يعدموا (الباشا) المفتري ده». وكشفت دراسة جديدة في المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية عن معاناة أطفال الشوارع مع رجال الشرطة قبل ثورة 25 يناير، إذ كان الضباط يتعمدون إهانتهم وضربهم وسبهم بأقسى الألفاظ، بل كانوا يقومون بترحيلهم إلى أماكن احتجاز مع أطفال أكبر منهم سناً، ما يعرضهم للاستغلال الجنسى.
وأفادت الدراسة، التي أعدتها الدكتورة عزة كريم بعنوان «الاتجار في أطفال الشوارع.. الأنماط والعوامل الفاعلة»، بأن من أهم المشكلات التي تقابل أطفال الشوارع فقدانهم شهادات الميلاد، إذ يهربون من أسرهم، ويصبح معظمهم بلا شخصية معروفة ومن دون أوراق رسمية تتيح لهم فرصة إخراج بطاقة رقم قومي. وأبرزت الدراسة صور الاتجار اليومي في الأطفال من خلال استغلالهم في السرقة والتسول وتوزيع المخدرات مقابل مبلغ مالي زهيد، أو بالإكراه نظير حمايتهم وتقديم أماكن للنوم والمأوى، أيضاً تأتي من أهم صور الاتجار في البشر استخدامهم في بيع دمائهم، بالإضافة إلى بيع أعضاء بنات الشوارع، ويقع في مقدمة من يتاجر في الأطفال «المعلمين» في الشوارع بنسبة 43.5٪، ويأتي الاتجار بالأطفال في جرائم المخدرات بنسبة 6.3٪ من الأطفال.