المخابرات البريطانية سلّمت منشقين وسجناء ليبيين إلى القذافي
علاقات لندن وطرابلس مزجت بين العداء والتعاون السري
![](https://www.emaratalyoum.com/polopoly_fs/1.421086.1462699038!/image/image.jpg)
كاميرون وساركوزي هزما القذافي بلا غزو. إي.بي.إيه
مهمة بريطانيا بقيادة رئيس وزرائها، ديفيد كاميرون، في ليبيا لاتزال مستمرة في اطار المهمة العامة والأكبر بالنسبة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) بهدف القضاء على نظام الرئيس الليبي، معمر القذافي، ومناصرة الثوار المعارضين لهذا النظام.
بل ان المهمة البريطانية مازالت بعيدة عن تحقيق الهدف المنشود على الرغم من الانتصارات الأخيرة للثوار بمساندة كبيرة من الـ«ناتو»، وعلى الرغم من حرص كاميرون وحليفه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على تجنب الأخطاء التي ارتكبها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، وحليفه رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، أثناء الغزو الأميركي للعراق عام ،2003 إذ نجح كاميرون وساركوزي في هزيمة القذافي من غير أن يضطرا إلى نشر قوات على الأرض باستثناء وحدات من القوات الخاصة.
وتقول لندن ان المشاركة البريطانية والفرنسية في الحرب على القذافي ونظامه، لم تتسبب في سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين كما أنها لم تسرق نشوة النصر من الثوار الليبيين، كما كانت الحصيلة النهائية مرضية على النحو الذي كانا يأملان فيه. وتجلى الارتياح للدور البريطاني الفرنسي في تلك الحرب في الثقة التي بدى عليها كاميرون وساركوزي خلال مؤتمر «أصدقاء ليبيا» الذي احتضنته باريس الأسبوع الماضي، ويمكن القول إن كاميرون يستحق الآن أن يشعر بالارتياح بعد تعرضه لانتقادات من أوساط عامة وخاصة، ومن كبار قادة القوات المسلحة البريطانية، الذين عبروا عن خشيتهم من أن حرب ليبيا قد تستنزف القدرات العسكرية لبريطانيا، وترتب تكاليف مادية كبيرة على كاهل خزانتها.
واعتبرت حكومة كاميرون أن الحرب من أجل مستقبل ليبيا لم تنته بعد بالنصر المبين، على الرغم من أن المجلس الوطني الانتقالي الليبي حظي باعتراف دولي، بما في ذلك روسيا التي تأخرت كثيراً وعارضت التدخل «الأطلسي» في ليبيا، وتبين خلال الاحتفالات الليبية بنهاية شهر رمضان وحلول عيد الفطر، ان هناك نقصا كبيرا في الخدمات الأساسية والسيولة النقدية، وأن أحداً من الثوار لا يرغب في التخلي عن سلاحه.
وينبغي ان تكون أولوية القيادة الليبية الجديدة تأمين إمدادات الكهرباء والمياه النظيفة، ورفع القيود عن الأصول الليبية المجمدة في الخارج، إضافة الى ان هذه القيادة تحتاج إلى فرض سلطتها على الأراضي الليبية والوفاء بالعهود التي قطعتها بشأن تحقيق التسامح والمصالحة الوطنية وتنظيم انتخابات في غضون ثمانية أشهر.
وعلى مدى عقود اتسمت العلاقات البريطانية الليبية بالكثير من التعقيد الذي مزج بين العداء الشديد، ولا سيما بعد اسقاط طائرة الـ«بان اميركان» فوق بلدة لوكيربي البريطانية عام ،1988 ثم مرحلة من الالتباس والغموض قبل الدخول في مرحلة التعاون السري في مجال الاستخبارات.
ويقود هذا الأمر الى ما تسرب من معلومات عن تورط أجهزة المخابرات البريطانية في تسليم منشقين وترحيل سجناء ليبيين إلى طرابلس الغرب عام ،2004 حيث تعرضوا للتعذيب، ومن بينهم عبدالحكيم بلحاج أحد قادة الثوار. ويبدو أن هذه المعلومات تثير على ما يبدو الذعر والفوضى في أوساط الحكومة البريطانية، حيث قال كاميرون ان على وزراء سابقين الاجابة عن تساؤلات تدور حول ما حدث في اطار عمل الاستخبارات في سنوات سابقة، كما ادت الى زيادة الضغوط على الحكومة لزيادة مراقبة أجهزة الأمن والمخابرات وجعل عملها اكثر دقة وانسجاماً مع القوانين.
كما دفع الجدل المستمر في الأوساط الرسمية والأمنية البريطانية حول هذا الأمر كاميرون، وزعيم حزب العمال المعارض إد ميليباند، الى المطالبة بتشكيل لجنة. ويقول بلحاج الذي كان ناشطاً في جماعة اسلامية ليبية «تعلم الاستخبارات البريطانية انني تعرضت للتعذيب ولاشك لدي في ذلك»، ومما لا شك فيه أن المعلومات التي تسربت عن المعاملة المروعة التي تعرض لها بلحاج اثناء الاعتقال، تسببت الآن في عاصفة دبلوماسية دولية وتشويه جديد في صورة أجهزة الاستخباراتية البريطانية.
وطالب أعضاء في مجلس العموم البريطاني بإدخال تغييرات على أداء النظام الأمني وطبيعة عمله، بل وذهب بعضهم الى ما هو ابعد من ذلك بوصفه تورط السلطات البريطانية في اساءة معاملة سجناء ومنشقين ليبيين، بـ«الفضيحة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news