ازدهار صناعة السلاح عقب أحداث11 سبتمبر
تدفقت أموال ضخمة على شركات صناعة الأسلحة في الولايات المتحدة، عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وحققت كبريات الشركات أرباحاً خيالية، في حين حصلت المؤسسات الصغيرة على نصيبها من الاستثمارات الدفاعية والهجومية. وتعد «أيروفيرمونت إنكوربورايشن»، التي لم تكن معروفة قبل الهجمات، من أكبر المستفيدين من صفقات الأسلحة حيث قامت بتزويد الجيش الأميركي بأحدث المعدات لدعم القوات الأميركية في حربها ضد تنظيم «القاعدة» في أفغانستان.
وبعد وقت وجيز انتشرت وحدات خاصة من الجيش الأميركي على الأراضي الأفغانية بحثاً عن العناصر التي دبرت الهجمات، وقد تم تجهيزهم بأجهزة الاتصال الحديثة ووسائل الرؤية الليلية، والبنادق الرشاشة المتطورة، وتم تزويد نخبة تلك الوحدات بأحدث الأجهزة لمطارة المسلحين.
ومن بين تلك الوسائل الفائقة التطور، طائرة تجسس صغيرة يمكن حملها على الظهر، استخدمها الجنود الأميركيون لتصوير مواقع العدو على ارتفاعات منخفضة، ومعرفة مكان وجودهم بالتحديد، وقد ساعدت هذه التقنية في تفادي الكمائن التي ينصبها عناصر «طالبان» و«القاعدة». وحصلت معدات شركة «أيروفيرمونت إنكوربورايشن» على ثقة المسؤولين العسكريين في وزارة الدفاع الأميركية «بنتاغون»، وتم استخدامها على نطاق واسع في مسارح المعارك في أفغانستان.
يذكر أن صناعة الأسلحة في أميركا شهدت نكسة كبرى عقب انتهاء الحرب الباردة، إلا أنها عرفت انتعاشاً منقطع النظير عقب أحداث سبتمبر ،2001 وعقدت كبريات الشركات في هذا المجال، مثل «بوينغ» و«لوكهيد مارتن»، صفقات تاريخية مع الجيش الأميركي. كما استفادت الشركات الصغيرة من الطلب المتزايد على السلاح المتطور وضاعفت مداخيلها في السنوات العشر الماضية.
وفي هذا السياق يقول المسؤول في شركة «أيروفيرمونت إنكوربورايشن»، تيموثي كونفر، لقد تغيرت التهديدات بعد 11 من سبتمبر، مضيفاً «واجه الجيش هذه التهديدات باستخدام أنظمة صغيرة وفعالة، اننا نستخدم الأفضل». وبعد الهجمات قررت الإدارة الأميركية مضاعفة ميزانية الدفاع واستثمرت مبالغ خيالية في تطوير الأسلحة الذكية، وأنقذت بذلك سوق السلاح المتهاوية في البلاد. ويقول رئيس لجنة الخدمات العسكرية في الكونغرس، هاورد ماكون، لقد كان بإمكانهم (مصنعو الأسلحة) التجاوب سريعاً مع ما تتطلبه ساحات المعارك، ويتجلى ذلك في إمداد قواتنا بأنظمة الاتصالات والاستطلاع التي كنا في أمس الحاجة إليها. ويقول المسؤولون في «البنتاغون» إن التقنية الحديثة التي وفرتها الشركات الأميركية أسهمت في منع وقوع المزيد من الضحايا في صفوف القوات التي تعمل على الأرض، وكانت تواجه خطر الألغام والقنابل التقليدية، التي قتلت العدد الأكبر من الجنود في أفغانستان والعراق.
وقد قتل في شهر مايو ،2007 92 جندياً وأصيب 408 آخرون بجروح، والآن تضاءل عدد ضحايا الألغام، إلى نحو 10 شهرياً، حسب المسؤول في وحدة مكافحة الألغام المزروعة، بول سويرغوس. وتقول التقارير العسكرية إن الفضل في انخفاض الضحايا يعود إلى التجهيزات المتطورة التي حصلت عليها القوات الأميركية. وفي المقابل يقول الفريق المعارض لزيادة النفقات على التسليح، إن المبالغ الضخمة التي صرفت على صناعة السلاح لم تجعل أميركا آمنة بعد أحداث سبتمبر، بل على العكس أصبحت أكثر عرضة للهجمات الإرهابية. ورأى كبير الباحثين في «ناشيونال بروجكت بريوريتيز» في ماساتشوستس، كريستوفر هيلمان، ان العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الأميركي، بما في ذلك الهجمات بوساطة الطائرات من دون طيار، فاقمت حالات التوتر الموجودة أصلاً، وخلقت حالات جديدة، مضيفاً «تزعزعت مكانتنا في أكثر المناطق اضطراباً، الأمر الذي أدى إلى سقوط آلاف من الضحايا ومعاناة عدد أكبر من البؤس والحرمان».
ويقول الطيار المتقاعد، توماس كاسيدي، الذي شارك في تأسيس وحدات صناعة الطيران في شركة «جنرال أتوميكس»، في 1993 «عندما بدأنا العمل في هذه الوحدة لم نتلق طلبات حكومية بتصنيع طائرات «برداتورش من دون طيار»، مضيفاً «كان يتعين علينا أن نقنعهم بذلك، وبعد أحداث سبتمبر جاء المسؤولون في الحكومة الأميركية إلينا وطلبوا منا بناء هذا النوع من الطائرات، وفي غضون أشهر تضاعف الانتاج وتم توظيف مئات العمال، ليصل العدد إلى 5300 عامل». ويوضح كاسيدي،(79 عاماً)، الذي تقاعد العام الماضي، ان الهجمات أحدثت تغييراً كبيراً في صناعة الأسلحة، بعد أن كانت شركته غير معروفة لدى الكثيرين.