تونسيون يطمحون إلى ديمقراطية لا يهدّدها بن علي «جديد»

ثورة تونس لم تحقق أهدافها بعد. أ.ف.ب

ينتظر مواطنون تونسيون تنظيم أول انتخابات وطنية لاختيار أعضاء المجلس الوطني التأسيسي لوضع دستور جديد للبلاد لإنهاء «سنوات الفساد»، التي عمت خلال حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

ويؤكد المواطنون التونسيون الذين التقتهم «الإمارات اليوم»، في مناطق متفرقة من العاصمة التونسية أنه «لا رجعة عن الثورة مهما كلف الأمر، وأن تونس ماضية نحو تأسيس نظام ديمقراطي بغير بن علي وعائلة زوجته ليلى الطرابلسي المتهمة بسرقة ثروة تونس».

وأعربوا عن أملهم في أن يتمكن أعضاء المجلس التأسيسي، الذين سيتم اختيارهم يوم 23 أكتوبر المقبل من وضع دستور جديد يلائم «الطموح الشعبي في تأسيس دولة ديمقراطية يسودها السلام والطمأنينة».

وعلى الرغم من أن الثورة الشعبية التي انطلقت شرارتها من مدينة سيدي بوزيد (جنوب البلاد) قد دفعت بن علي إلى الهرب من قصره في مدينة قرطاج إلا أن شباناً تونسيين يرون أن «الثورة لم تحقق أهدافها بعد بتطهير البلاد من المفسدين».

وتقول التونسية مريم بوسالمي، التي التقيناها في شارع وسط العاصمة، الذي شهد أعنف مواجهات مع رجال الشرطة في اليوم الذي فر فيه بن علي «إن رموز الفساد والمحسوبية في عهد بن علي لايزالون يواصلون إدارة مؤسسات عامة»، على حد قولها. وقال شاب يدعى زياد «إن الثورة لم تحقق أهدافها كاملة، صحيح انها قضت على رأس الفساد، لكن البقية التي ساعدت بن علي طوال 23 عاماً من حكمه لاتزال تحكم».

وأضاف «إن وزارتي العدل والداخلية اللتين تعدان من أهم الوزارات السيادية التي يتم المطالبة بتطهيرها من الفاسدين، لاتزالان تواصلان سياسة بن علي بطريقة التفافية»، حسب وصفه.

وتقول فتاة تونسية إنها تأمل أن تحقق الثورة أهدافها بإنهاء مظاهر الفساد التي انتشرت خلال حكم بن علي، عبر القضاء على الرشوة والمحسوبية، مشيرة إلى أنها تتوقع بلوغ نتائج إيجابية فور تشكيل حكومة دستورية.

وتماشياً مع ذلك، فقد أظهرت نتائج استطلاع آراء قام به المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، أن نحو 71.9٪ من التونسيين يعتقدون أن جهاز الأمن هو الأكثر تضرراً من تنامي ظاهرة «الرشوة والفساد المالي»، يليه الأحزاب السياسية بنحو 70.2٪، ثم الديوانة (الجمارك) بنسبة 57.2٪.

واحتلت الحكومة التونسية الانتقالية المرتبة الرابعة بنسبة 56.8٪ في هذا الاستطلاع الذي نشرت نتائجه يوم 23 سبتمبر الجاري، ويعتبر 56.7٪ من التونسيين أن الحكومة التونسية لا تمتلك سياسة لمقاومة ظاهرة الفساد المالي.

ويسود جدل في تونس حول النظام السياسي الذي سيتم اعتماده مستقبلاً لمواجهة تداعيات 23 عاماً، يتهم فيها نظام بن علي بإدخال البلاد في حالة «فوضى ومحسوبية ورشوة وفساد مالي وسياسي وإداري». وتطالب قوى سياسية تونسية بإرساء نظام حكم رئاسي، فيما يطالب آخرون بنظام برلماني يقوم على الفصل بين السلطات وبصلاحيات محدودة للرئيس.

في هذا الخصوص، قال الأكاديمي المتخصص في القانون التونسي ناجي خذيري لـ«الإمارات اليوم»، إن «تونس بحاجة إلى نظام برلماني يستجيب لمتطلبات المرحلتين الانتقالية والمقبلة». وأضاف خذيري أن النظام البرلماني، الذي يثير جدلا بين التيارات السياسية حول أهميته في تسيير البلاد مستقبلاً، لن يمنح أي حاكم جديد للبلاد سلطات مطلقة ولن يسمح بالعودة بتونس إلى سنوات الاستبداد. واعتبر أن نمط الحكم المتبع في بريطانيا وفرنسا مناسب لتطبيقه في تونس باعتباره يسمح بإسقاط الحكومة في حال لم تؤد واجباتها بشكل سليم. معرباً عن اعتقاده أن بلاده تستطيع تأسيس نظام ديمقراطي حديث شرط عدم تدخل القائمين على الحكومة الحالية في وضع السياسات المستقبلية.

وانتقد الأكاديمي التونسي لجوء الحكومة المؤقتة إلى وضع برامج إصلاحية في القطاعين الاقتصادي والسياسي لسنوات مقبلة، معتبراً أن مهمتها الأساسية هو تصريف الأعمال وليس وضع البلاد في أتون الخطر، حسب قوله.

وفي سياق آخر، أظهرت نتائج دراسة ميدانية قام بها المرصد الوطني للشباب أن نحو 77.7٪ من الشباب التونسي يعزفون عن المشاركة في اجتماعات الأحزاب السياسية التونسية التي وصل تعدادها إلى 105 أحزاب.

وبينت الدراسة الجديدة التي نشرت في 25 سبتمبر الجاري أن نحو 59.5٪ من الشباب في تونس يخشون انعكاسات ما يسمونها «الثورة المضادة»، على الأجندة الانتخابية بهدف إفسادها بالعنف أو بإثارة القضايا الهامشية.

وحسب الدراسة التي وقع من خلالها استطلاع عينة تتكون من 1250 شاباً تونسياً من مختلف الولايات التونسية، فإن ما يقارب 40.9٪ من الشباب يؤكدون على أولوية إعداد دستور جديد للبلاد بعد الانتخابات المقبلة، في حين يرى نحو 35.9٪ من الشباب أن الأولوية بعد الانتخابات تكون في تشكيل حكومة سياسية شرعية، فيما رأى نحو 23.2٪ انتخاب رئيس جديد للبلاد.

يذكر أن انتقادات لاذعة وجهت للطبقة السياسية الحاكمة في تونس بعد ثورة 14 يناير على خلفية ما يقال إنه عدم إشراك الشباب، الذي انتفض في وجه نظام بن علي، في صنع القرار السياسي في المرحلة الانتقالية.

ولم تظهر في تونس قيادة شبابية واضحة بعد الثورة خلافاً لبروز تيارات سياسية جديدة تمثلت في ولادة أحزاب سياسية جديدة يتهم أكثر من نصفها بأنه موالٍ لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي، الحاكم سابقاً.

تويتر