«حماس» تغيرت حساباتها في المصالحة. إي.بي.إيه

تلهف « فتحاوي » وفتور « حماسي » تجاه المصالحة الفلسطينية

الجميع يريد الديمقراطية في الشرق الأوسط إلا عندما يتعلق الأمر بفلسطين المنقسمة منذ عام 2007 بين (فتح)، التي تسيطر على منطقة الضفة الغربية، وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية.

وأدت النهضة العربية والتغير السياسي في مصر الى تحريك المصالحة في مايو الماضي، عندما ضغطت مصر ما بعد الثورة على «حماس» و«فتح»، بهدف اصلاح ذات البين بينهما. وبعد مرور اشهر على ذلك مازالت جهود المصالحة امام طريق مسدود، ويرجع ذلك من ناحية الى الضغط الكبير الذي تتعرض له فتح من الولايات المتحدة، واسرائيل والآخرين بغية عدم الاتفاق مع «حماس» إلا بعد ان تتخلى عن سياستها المعلنة التي تقضي بتدمير إسرائيل.

أصبحت «حماس» اكثر قوة الآن، في حين ان «فتح» اكثر ضعفاً، وكلاهما مستعد للمواجهة مع الولايات المتحدة واسرائيل.

وقالت عضو المكتب السياسي في «حماس» وعضو في المجلس التشريعي الفلسطيني، هدى نعيم، «أبلغت الولايات المتحدة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بأن يختار بين الولايات المتحدة و«حماس»، لكنه يدرك الآن انه ليس هناك اي أمل بان تقدم اسرائيل أي شيء خلال السنوات المقبلة».

وقال المسؤول في «فتح»، حسام زوملوط، مشيرا الى تشدد رئيس الحكومة الاسرائيلية والاتفاق الاخير لتبادل 1000 سجين فلسطيني مقابل الجندي شاليت، «(حماس) اقوى الآن من (فتح)، بسبب بنامين نتنياهو، وبعد صفقة اطلاق سراح شاليت اصبحت (حماس) اكثر شعبية».

وحسب معظم الأشخاص الذين تحدثت معهم من كلا الطرفين، ولأسباب مختلفة، أشاروا الى انهم سيقبلون بنتائج الانتخابات، سواء فازوا او خسروا. وأصعب قضية تواجه توحيد قوى الطرفين تتمثل في دمج القوى الأمنية للطرفين، إذ ان كلا الطرفين يرفض التخلي عن اسلحته للآخر. لكن «حماس» اثارت موضوع الأثمان التي يجب دفعها، مثل مكان حكومة الوحدة الوطنية، التي يشير بعض المسؤولين الى انها يجب ان تكون في غزة وليس في رام الله، الامر الذي سيقوي من موقف «حماس».

ومنذ اللحظة التي اندلع فيها القتال بين «حماس» و«فتح» عام ،2007 عندما سيطرت «حماس» على غزة بعد اشهر من الاشتباكات بين الفصيلين، اثر فوز «حماس» في انتخابات عام 2006 البرلمانية، لم يدخل مسؤولوا «فتح» الى غزة إلا نادراً. وكان زوملوط مستغربا في زيارته الاخيرة الى غزة، لان «حماس» لم تقتحم مكتبه، وقال «انهم يستخدمون الآن القوة الناعمة لإظهار حسن النوايا»، وثمة سبب آخر يجعل غزة قاعدة اكثر جاذبية،اذ لايستطيع مسؤولو «فتح» الذين يقيمون في رام الله مغادرة البلاد دون موافقة اسرائيل، في حين ان مسؤولي «حماس» يستطيعون المغادرة الى مصر، سواء وافقت اسرائيل ام لا، ومن هناك يمكنهم الذهاب الى أي نقطة في العالم.

وفي ضوء تسلم الإسلاميين الحكم في العديد من الدول العربية، فإن «حماس» ستصبح مرحباً بها في المزيد من هذه الدول. وقال عمر شعبان احد مثقفي غزة، الذي يحاول تأسيس حزب ديمقراطي علماني في غزة «المصالحة ستمنح ماضي (حماس) الشرعية وتمنحها الحماية. واعلنت الولايات المتحدة انها ستتعامل مع الاخوان المسلمين في مصر، وحالما تكون (حماس) في البرلمان، فإن الولايات المتحدة ستتعامل معها أيضاً».

وكانت قدرة مسؤولي «حماس» الذين تحدثت معهم قد اثلجت صدورهم. وقال محمود الزهار احد مؤسسي الحركة، «أذكر فترة ما قبل عام ،1967 عندما كنت استطيع ركوب القطار من القاهرة الى غزة. وكان الاجر زهيداً، وكان الناس يقطعون المسافة بالسيارة أحيانا. وربما ستعود الامور الى ما كانت عليه قريباً». وقال محمد الاغا وزير الثقافة في حركة حماس «خلال عامين او ثلاثة سنكون قادرين على قيادة السيارة من غزة إلى المغرب». وقال زوملوط من «فتح»: «الضفة الغربية مرتبطة بإسرائيل فقط في حين ان غزة تمكنت من ابعاد نفسها من سيطرة اسرائيل، ونقلت نفسها الى فضاء آخر».

ويتحدث بعض مسؤولي «حماس» و«فتح» ضمنياً، أن اتفاق المصالحة سيؤدي الى تقويض السلطة الفلسطينية، وهو الامر الذي يمكن ان تقوم به اسرائيل اذا استمرت بسياستها الحالية نحو السلطة. وقالت نائب المجلس الثوري في منظمة التحرير الفلسطينية، امل توفيق حمد، التي توجه نقداً لاذعاً لفساد السلطة، فشلت السلطة الفلسطينية في مهمتها لخدمة المشروعات السياسية، وبناء عليه ما الفائدة من وجودها. وعلى الرغم من الحديث عن تقويض السلطة إلا ان ذلك ليس في مصلحة اسرائيل التي ستضطر الى ادارة الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية.

لكن لا يمكن انكار ان السلطة في حالة ضعف وانحدار، على الرغم من محاولة عباس وضع حد لهذا التدهور، عن طريق تحقيق اعتراف بدولة فلسطين في الامم المتحدة، هذه المحاولة التي لم تظهر لها اي نتائج ملموسة حتى الآن، والتي لم تجلب سوى السخرية من قبل «حماس»، حيث قال عضو المجلس التشريعي عن «حماس» يحيى موسى «من السخرية بمكان ان يتم الإعلان عن دولة بينما هي تحت الاحتلال».

وسألت موسى كيف يستطع التغلب على اسرائيل بقوة السلاح؟ أليس النضال غير العنيف هو الوسيلة الأمثل للنجاح ضد عدو قوي جداً؟ فأجابني «اذا هجم عدد كبير من الناس على فيل وهم يحملون الدبابيس الصغيرة فإنهم سيقتلونه. والنضال غير العنيف يمكن ان ينجح في حالة صراع داخلي، وليس من خلال نضال التحرر الوطني ضد عدو مدجج بالبنادق والدبابات». وأعتقد ان الصراع المسلح لا يتعدى الخطابات بالنسبة لبعض المسؤولين في «حماس»، اذ هناك وقف إطلاق نار ساري المفعول منذ فترة بعيدة، كما هي الحال لدى فتح في الضفة الغربية، فإن «حماس» يمكن ان تقطف ثمار محافظتها على هذا الوقف حتى تدرك اسرائيل والولايات المتحدة ان معارضتهما للمصالحة غير بناءة.

كاثلين بياتيز: كاتبة في صحيفة «نيشن»

الأكثر مشاركة