مبنى كلية علوم الحاسب الآلي في معهد «التخنيون».. وفي الصورة شيختمان الفائز بـ«نوبل» الكيميائية .2011 أرشيفية

معهد إسرائيلي لتفريخ حائزي « نوبل »

بعد فوز رابع إسرائيلي بجائزة نوبل في مجال الكيمياء لعام ،2011 وهو البروفيسور دان شيختمان، الذي يشكل في الوقت نفسه عاشر إسرائيلي يفوز بنوبل، أصبحت إسرائيل، الدولة الصغيرة، في السنوات الأخيرة «قوة نوبل عظمى»، بفضل المعهد الإسرائيلي للتكنولوجيا (التخنيون)، المؤسسة الأكاديمية التي تتحول تدريجيا إلى إحدى أهم المؤسسات العلمية في العالم، والتي أنجبت عددا من الحائزين جائزة نوبل، كل ذلك بميزانية متواضعة للغاية بالمقارنة مع منافسي المعهد في الخارج.

لقد تجول رئيس «التخنيون»، البروفيسور بيرتس لافي، في استوكهولم، خلال حفل تسليم شيختمان الجائزة التي كأن لافي قد فاز هو أيضاً بها.

من كان يصدق أن لافي سيضطر مجددا لإدارة مؤسسة بهذا الثقل، ويحقق هذه الانتصارات، رغم عجز الموازنة البالغ 50 مليون شيكل (العملة الإسرائيلية).

و«التخنيون» هو أول الجامعات التي بناها اليهود في فلسطين، إذ وضع حجر الأساس له سنة ،1912 لكن تأسيسه الفعلي لم يتم إلا سنة 1924 في مدينة حيفا.

واشتمل «التخنيون» في البداية على قسمي الهندسة المدنية والهندسة المعمارية فقط، ومن بعدها تمت إضافة بقية الأقسام العلمية والهندسية شيئا فشيئا إلى أن أصبح اليوم من المراكز التكنولوجية المشهورة عالميا في البحوث التقنية، إذ يحتل مرتبة متقدمة بين المراكز التكنولوجية في العالم، كما يعتبر اليوم الأول على مستوى إسرائيل في الهندسة والتكنولوجيا الحديثة.

وطوال سنوات، ناهضت المؤسسة العلمية البروفيسور شيختمان، الرجل الذي أجبر عالم الكيمياء على الاعتراف بأن أحد المبادئ الرئيسة التي أقرها ملايين العلماء حول العالم طوال عشرات السنين كان ببساطة غير صحيح، إذ وقف شيختمان، السبت الماضي، أمام ملك السويد كارل الـ،16 غوستاف، ليسلمه جائزة نوبل.

ورفض شيختمان أن يبتهج، قبل الحفل الأهم في حياته المهنية بساعات قليلة خلال نهاية البروفة العامة لحفل التسليم، وقال «إنه أمر عادي»، إذ لعب خلال تلك البروفة إحدى الشخصيات دور ملك السويد.

وحين وقف أمام الملك الحقيقي، لم ينجح بروفيسور الكيمياء في إخفاء سعادته.

وتجدر الإشارة إلى أن العاصمة السويدية استوكهولم منحت شيختمان في الأيام الأخيرة شرف الملوك، وأرادت أن تسمعه مراراً وتكراراً.

وفي كل خطاب ألقاه في الأيام الأخيرة، وقفت وراءه دولة كاملة مفعمة بالمشاعر لرؤيتها جائزة نوبل الـ10 التي ينالها إسرائيلي.

وفي مكالمة هاتفية لشيختمان قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، «لقد رفعت دولتنا بكاملها قامتها اليوم بفضلك»، كما هنأه قائلاً «إنجازك يمثل فخراً للأمة بأسرها».

وقد أدت جهود شيختمان إلى اكتشاف أشباه البلورات للمرة الأولى في العالم، وهي مركبات كيميائية غير منظمة بشكل دوري على خلاف ما كان يعتقده العالم.

والأمر لا يتعلق هنا بقصة البلورات فقط، بل القصة هنا قصة الحقيقة العلمية.

وفي هذا الشأن قال البروفيسور سيفين ليدين، من الأكاديمية السويدية لشيختمان، «اكتشافاتك تذكرنا أيضا أننا لا نعرف سوى القليل من الحقيقة، وربما حتى علمنا مجرد درس صغير ومتواضع. إنه إنجاز كبير».

يشار إلى أن المجلة العلمية الأولى التي أراد شيختمان أن ينشر فيها اكتشافه، الذي جعله يفوز بجائزة نوبل، كانت قد رفضت النشر.

أما المجلة الثانية فنشرت له البحث، لكن بعد ستة أشهر من توجه شيختمان إليها. لقد أعطاه المجتمع العلمي ظهره.

أما لينوس باولينج، الذي فاز بجائزة نوبل للكيمياء عام ،1954 وجائزة نوبل للسلام عام ،1962 الذي اعتاد التشكيك في أبحاث شيختمان في جميع المناسبات، قال «لقد شعرت بالخجل إزاء البحث».

لكن البروفيسور الإسرائيلي لم يتنازل وواصل القتال، وقال «كان من الواضح أننا سننتصر في القتال، لأننا كنا على حق». وفي كلمته في استوكهولم، اقتبس شيختمان عن كتاب المزامير «حتى وأنا أسير في وادي الموت لم يحدث شر».

وخلال حفل استقبال نظمه السفير الإسرائيلي في استوكهولم بني داجان، على شرف الإسرائيلي الـ10 الذي يفوز بجائزة نوبل، اعترف شيختمان أنه لا يعتزم أن يكون مثل الأديب صموئيل يوسف عجنون، أول إسرئيلي يفوز بجائزة نوبل للآداب.

ووقتها قال عجنون إنه غادر حدود إسرائيل مرتين فقط، مرة بكتبه، ومرة لكي يحصل على الجائزة في السويد والنرويج.

ويقول شيختمان، الذي حصل، عدا عن الميدالية، على 10 ملايين كرونة، أي نحو مليون ونصف المليون دولار، «أعتزم السفر كثيرا في العالم، والعمل على نشر ما وصلت إليه، من أجل دفع التعليم ومبادرات التكنولوجيا والعلوم».

وعلى الرغم من أن مملكة السويد لم تمنح إسرائيل من الاحترام الكثير في السنوات الأخيرة، إلا أنه يبدو أن لغة العلم تخترق الحدود.

الأكثر مشاركة