الثورة السورية لها أبعاد إقليمية وعالمية. غيتي ــ أرشيفية

إسقاط نظام الأسد سيغير ميزان القــوى فـي المنطقة

ما يجري في الوطن العربي ليس «ربيعاً»، وليس موجة من الإصلاح والتغيير، كما انه ليس مجرد «صحوة»، إنما «زلزال». وهذا ما ينطبق تماما على ما تشهده سورية من فوران شعبي يومي في وقت تصعد الدول العربية الاخرى لتغيير نظام الرئيس بشار الاسد، دعونا نسمي ما يحدث بـ«الزلزال».

ويقول الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات وأمن الدولة والسفير السعودي الاسبق في واشنطن، الأمير تركي بن الفيصل، «أصبحت حكومة الاسد آلة للقتل ولابد للقتل ان يتوقف، وهذا النوع من القيادة لم يعد مقبولاً، والتغيير في سورية اصبح أمراً حتمياً ولا مفر منه».

وكان الامير تركي يتحدث في مؤتمر في كانبرة حول سياسة العالم بمشاركة كثير من المسؤولين والخبراء من دول العالم، نظمه معهد «آي إف آر آي» الفرنسي للأبحاث.

ويتورط في الحرب الاهلية التي يشتد اوارها وتزداد شعلتها يوما بعد آخر، جنود من قوات نظامية وعناصر امن واستخبارات ومسلحو ميليشيات، منها ماهو للنظام، وما هو لجماعات مسلحة معارضة، ومنها لمسلحين يدخلون سورية من الخارج.

وعلى خلاف الثورات التي خلعت قادة تونس ومصر وليبيا، واليمن على الطريق فيما يبدو، فإن الامر في سورية يختلف، لان اسقاط النظام سيغير من ميزان القوى في حرب مذهبية اخرى تجري في اطار العالم الاسلامي منذ نحو ثلاثة عقود. وادرك القادة العرب ان الوضع في سورية بعد تغيير النظام سيكون خطيرا وحساسا للغاية، واقرب الى الفوضى والتشوش اكثر من الدول العربية الاخرى. إضافة الى إحساسها المتزايد بالغضب والاشمئزاز من استمرار اعمال القتل التعذيب وغير ذلك من الجرائم الوحشية، فإن لدى الدول العربية الضاغطة اسبابا وحوافز اخرى لمواصلة ضغوطها لتغيير النظام في دمشق، فهي قد وصلت الى نقطة اللاعودة في صراعها مع النظام في ايران، والذي تعتبر سورية اهم واكبر حليف خارجي له. ويضيف الامير تركي في هذا المعنى «ايران ليست اكثر من اسد من ورق، لكن لديها مخالب حديدية»، وهو يشير هناك ليس الى سورية فحسب، بل الى «حز ب الله» اللبناني وحركة حماس الفلسطينية، اللذين يتحالفان مع ايران التي تحاول تصدير ثورتها الاسلامية عام 1979 الى العالم الاسلامي.

وبعد انسحاب القوات الاميركية من العراق فإن ايران تتطلع الى القيام بدور طموح ومؤثر بشكل كبير في هذا البلد المجاور لها.

ويبدو أن روسيا تخطط لاستثمار الوضع في سورية، فرئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين اعتبر ما جرى في ليبيا انتصاراً للغرب وهزيمة لبلاده، وهو مصمم على عدم السماح بتكرار ذلك في سورية، وعليه فإن روسيا ستواصل معارضتها القوية للقيام بأي عمل جماعي ضد الاسد، على حد قول سفير اوروبي في موسكو.

ولا يغيب عن ذهن بوتين ما يجري من مشاورات غير رسمية ومناقشات بين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ودول عربية بشأن التعجيل في تغيير نظام الاسد، إذ يسبب له ذلك قلقا، لكن ليس الى حد بلورة تنسيق عملل جماعي لـ«الناتو» لتدخل عسكري مماثل لما حدث في ليبيا.

غير أن مصادر دبلوماسية تقول ان هناك تبادلا نشيطا للمعلومات الاستخبارية ومداولات حول شكل ما من اشكال العمليات المشتركة، لمساعدة المعارضة السورية ضد نظام الاسد.

من جانبه قال وزير الحرب الاسرائيلي ايهود باراك، إن مصير نظام الاسد اصبح محسوماً، وسيزول ويختفي خلال اسابيع، ولدي شكوك في أن الاسد يبدي كثير اهتمام بهذا التجمع الدولي المتزايد ضده، فأبوه الرئيس السابق حافظ الاسد، الذي قابلته ثلاث مرات، لم يكن يبدي ادنى اهتمام بأي اجماع دولي ضده، وكان يصر على معاقبة معارضيه وقمعهم حتى النهاية، لانه كان يعتقد ان العلويين الذي ينتمي اليهم يقدمون على الانتحار اذا ما سلموا السلطة للاغلبية السنية في سورية، لكنه كان يمتلك مهارات للبقاء على قيد الحياة، وقدرات للاستمرار ليس بالضرورة ان يمتلكها ابنه، فالاب عاش في زمان مختلف وظروف مغايرة.

لكن لم يعد بإمكانك الآن ان تقتل 4000 شخص في أي مكان في العالم العربي وتنكر فعلتك، او تقول ان الناس سرعان من ينسون، فهذا لم يعد مقبولاً او ممكناً، فالشعب سيعرف كل ما يحدث ولن يقبل.

جيم هوغلاند كاتب عمود ومقال متخصص في الشؤون الخارجية في «واشنطن بوست»

الأكثر مشاركة