الاحتجاجات تتزايد ضد الأسد على الرغم من بطش قوات النظام والموالين له بالمتظاهرين. رويتزرز

نظام الأسد فقد السيطرة على البلاد

يسود الغموض الأزمة السورية منذ انطلاق الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد قبل 10 أشهر، بيد أن جميع الشواهد التي لا لبس فيها تشير الى أن جميع الاحتجاجات ظلت حتى الآن سلمية، وايضاً مما لا شك فيه ان تلك الاحتجاجات تتعرض للهجوم من قبل الموالين للأسد والجيش والشرطة، ومعلوم ايضاً انه لا يمر يوم من دون وفيات.

أحد الذين قضوا يوم الاربعاء الماضي كان مراسل القناة الفرنسية الثانية، جيل جاكييه، وقد لا نعرف كيفية موته ومن المسؤول عن موته، الا أن وفاته ستستقطب المزيد من انتباه الأسرة الدولية.

الكثير من الشعب السوري يموت كل يوم، الا ان انعدام حرية الصحافة في سورية يجعل من الصعب معرفة من هو المسؤول عن كل شيء، ومن المسؤول عن كل حالة، فالنظام يلوم «الارهابيين» و«العصابات المسلحة» و«أن النفوذ الخارجي يسعى الى الاخلال بالاستقرار في البلاد»، وفي المقابل تلوم المعارضة النظام وتتهمه بقتل المتظاهرين والمنشقين عن الجيش لتخويف المعارضة ومحاولة إعادة السيطرة على زمام الأمور.

ولكن في النهاية هناك شيء واحد واضح وأكيد وهو ان اكثر من 6000 شخص قضوا نحبهم حتى الآن، وأن المنشقين يشتبكون يومياً مع الجيش السوري، وأن التظاهرات مستمرة من دون توقف، وأن النقص المريع في الوقود وما يتبعه من قطع للكهرباء يجعل الامر اكثر سوءاً، وأن خط امداد الجيش اصبح اكثر طولاً، وأن الانفجارات طالت حتى أهدأ ضواحي العاصمة دمشق.

ومما لا شك فيه ايضاً أن نظام الأسد فقد السيطرة على البلاد، وفي افضل الأحوال فإنه لا يستطيع الدفاع عن مواطنيه ولا يستطيع توفير الحماية للصحافيين الاجانب الذين يدعوهم لمشاهدة الاوضاع على الطبيعة، وفي اسوأ الأحوال فإن النظام مسؤول عن التخطيط لزرع عدد من القنابل في العاصمة، وإنه مذنب في قتل الصحافي جاكييه من اجل اقناع العالم بوجود «إرهابيين»، وأنه يمارس اعمال القتل اليومي، والاعتقالات الجماعية والتعذيب والاختطاف وتعذيب المعارضين.

وفي كل الأحوال فقد خذلت الحكومة السورية شعبها وبرهنت على انها غير قادرة على حفظ النظام والأمن، وتشير جميع الشواهد إلى أسوأ السيناريوهات المقبلة، فإذا ظلت الحكومة السورية عاجزة عن وضع حد لهذه الأزمة فمن يستطيع؟ ومن يمكنه ان يتحمل المسؤولية؟ متحدثاً من موقع القوة شجب الأسد ما أسماهم «الارهابيين» و«الخونة» و«التدخل الخارجي»، ملقياً عليهم وزر احتجاجات استمرت لـ10 اشهر، وهدد بأن يضرب الاعداء «بيد من حديد». ولكن على الاسد ان يتذكر انه وعد الجامعة بسحب قواته من المدن الكبرى واطلاق سراح السجناء السياسيين، وأن يعمل على احلال الديمقراطية في البلاد، وبالفعل انسحبت بعض الدبابات من بعض المراكز الحضرية (تصر المعارضة ان تلك الدبابات تم اخفاؤها في مكان قريب)، الا ان اعمال القتل استمرت على الرغم من وجود اكثر من 160 مراقباً تابعين للجامعة العربية، فينبغي ان تعمل الجامعة العربية والامم المتحدة بما فيه الكفاية للحد من المذابح والمجازر اليومية التي تدور هناك.

وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، فقد لقي اكثر من 400 سوري مصرعهم منذ وصول المراقبين. وفي هذا الصدد فإن الاسد يعتبر في وضع افضل من نظيره الراحل العقيد الليبي معمر القذافي، ويبدو أن هناك احتمالاً ضعيفاً في ان يتخذ حلف شمال الاطلسي (ناتو) عملا ضد النظام السوري يوافق عليه مجلس الامن والجامعة العربية من شأنه ان يطيح بالنظام، حيث إن معارضة روسيا والصين لمثل هذا العمل منع صدور أي قرار من مجلس الامن في هذا الشأن، كما ان هناك عدم اتفاق في الجامعة العربية بشأن فعالية بعثة المراقبين، فمن المتوقع ان تستمر البعثة وتتوسع قبل موعد انتهاء مهمتها في الـ19 من هذا الشهر.

ليس من المستحيل ازاحة الاسد كما تأمل الولايات المتحدة، بيد أن اهم عمل ينبغي القيام به هو تهدئة الوضع في البلاد وممارسة ضغط اكبر على الأسد للالتزام بتعهداته التي قطعها على الجامعة العربية وعلى شعبه، ويمكن ان تلعب العقوبات دوراً فاعلاً في هذا الخصوص، الا أنه من الضروري ايضا ان تثبت الجامعة العربية وجودها داخل سورية، وتسعى الجامعة لاستقطاب بعض المساعدة من الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي بشأن كيفية كشف وتوثيق انتهاكات اتفاقية السلام.

وما يبعث على التفاؤل ان الأسد في ما يبدو اصبح يخضع للضغوط الخارجية، حيث إنه وافق على أن تدخل الجامعة العربية الاراضي السورية، على الرغم من محاولاته الطعن في دوافعها وفاعليتها، لكن النجاح لا يأتي الا اذا صعدت الجامعة من ضغوطها.

الأكثر مشاركة