«الحديقة القومية» مخطط إسرائيلي لنهب أراضي القدس

الاستيطان الإسرائيلي يلتهم مدينة القدس. آي.بي.إيه

باتت عملية مصادرة الأراضي والترحيل مصير كل فلسطيني يعيش في مدينة القدس، في ظل تصاعد مخططات التهويد الإسرائيلية، إذ يواجه سكان قريتي العيسوية والطور، شرقي القدس، مشروعاً إسرائيلياً جديداً يسمى «الحديقة القومية (29011A، الذي يُصادر 740 دونماً من أراضي المواطنين، ويحرمهم التوسع العمراني، إضافة الى تقييد حركتهم، فيما قام الاحتلال يوم الثلاثاء الماضي بتجريف مساحات كبيرة من أراضي المقدسيين في القريتين، مقدمةً لإقامة الحديقة القومية، ما أدى إلى هدم العديد من منازل المواطنين وتشريدهم.

ربط جغرافي

ويقول عضو لجنة الدفاع عن أراضي وعقارات العيسوية، هاني العيساوي، لـ«الإمارات اليوم» إن «مصادرة الأراضي وإقامة الحديقة القومية تعنيان منع التواصل والتمدد العمراني بين قريتي العيسوية والطور، وهو بداية لمخطط استيطاني بعيد المدى يهدف لربط جغرافي بين المدينة المقدسة والتجمع الاستيطاني (معاليه أدوميم) الواقعة شرقي المدينة».

وأضاف «تدعي السلطات الإسرائيلية أن الحديقة القومية ستكون مفتوحة أمام الجميع، لكن عملية التجريف وإغلاق الأراضي بالأتربة التي تمت، الثلاثاء، تثبت بشكل قطعي أنه سيتم إغلاق هذه الأراضي بوجه أصحابها الأصليين».

ويمتلك أصحاب الأراضي التي سيصادرها الاحتلال، بحسب العيساوي، كل الأوراق والوثائق التي تثبت حقهم فيها، إلا أن ما يسمى «سلطة الطبيعة» تدعي أنها تريد الحفاظ عليها فارغة للمحافظة على طبيعة وجمال الأراضي!

تناقض

من جهة أخرى، قال الخبير في شؤون الاستيطان وعضو رابطة الباحثين الميدانيين بالقدس، أحمد صب لبن «إن هذا المخطط يتناقض مع التخطيط الهيكلي الذي أجرته بلدية القدس عبر مخطط 2020»، إذ إن مناطق واسعة من هذه الأراضي التي تُراد مصادرتها حالياً من أجل إنشاء الحديقة، كانت معدّة من أجل التوسع العمراني الطبيعي لكل من بلدتي العيسوية والطور اللتين تعانيان أصلا ضائقة كبيرة في السكن».

وأوضح أن مصادرة هذه الأراضي ستعمل على ربط مستوطنات «معاليه أدوميم» بالقدس، عبر إضافة 3900 وحـدة جـديدة بين «معاليه أدوميم» والقـدس في مخطط (E1)، إضافة الى ربط مستوطنات شمال الضفة ومنها «عناتوت» و«جيفع بن يمين ادم»بشكل مباشر في القدس، ضمن مخطط يراد من خلاله الحفاظ على هذه الكتل الاستيطانية تحت السيطرة الإسرائيلية، والتمهيد لذلك عبر إنشاء شبكة طرق آمنة للمستوطنين وحدهم، وأخرى للفلسطينيين.

واستعرض صب لبن معاناة سكان العيسوية من الاستيطان على مدار أعوام الاحتلال الماضية، سواء بإقامة مستوطنة التلة الفرنسية على أراضيها أو شق شارع رقم واحد وشارع الأنفاق منها، إضافة الى بناء مستشفى هداسا والجامعة العبرية وموقف للسيارات.

وقال الخبير في شؤون الاستيطان «لم يتبقّ للأهالي في العيسوية سوى الجهة الجنوبية للبناء والتوسع، ولكن بعد الإعلان عن مخطط الحديقة القومية فإن ذلك سيحول دون التوسع العمراني، على الرغم من وعود البلدية من أجل التوسع الطبيعي في مساحات الأراضي هذه المهددة اليوم بالمصادرة».

وأشار إلى أن قرية الطور يحاصرها جدار الفصل من الجنوب، وشارع رقم واحد الاستيطاني من شرقها، بينما تحاصرها الحدائق العامة من الغرب.

ويبلغ عدد سكان قريتي العيسوية والطور ما يقارب 45 ألف نسمة، وهم بحاجة إلى إقامة 2000 وحدة سكنية لاستيعاب الضائقة السكنية التي يعيشون بها، وذلك بحسب صب لبن.

وللحديث عن أثر مخطط الحديقة القومية في قرية الطور، قال عضو لجنة أهالي الطور، مفيد أبوغنام «إن قرارات مصادرة أراضي الطور هي قضية قديمة جديدة، بدأت عام ،1974 إذ سعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى مصادرة أراضي القرية، حيث إن المجلس الاستيطاني في «معاليه أدوميم» أوصى بعدم وجود أي مواطن فلسطيني على هذه الأرض لربط المستوطنات الإسرائيلية بأحياء القدس وبالبلدة القديمة».

وأوضح أن منطقة «خلة العين» المنوي مصادرتها هي المتنفس الوحيد المتبقي لأهالي الطور للبناء والتوسع العمراني.

من جهة أخرى، أوضح نائب مدير مركز القدس للمساعدة القانونية، رامي صالح، أن مصادرة الأراضي شكل آخر لسياسات الاحتلال في عمليّة التطهير العرقي في المدينة المحتلة، إذ إن هذه الخطوة ستساهم بشكل غير مباشر في ترحيل الفلسطينيين من القدس، والحد من التوسع العمراني للأحياء الفلسطينيّة في المدينة.

وشدد على ضرورة إقامة خيمة اعتصام في المنطقة المراد مصادرتها، وضرورة الوجود الدائم فيها من قبل الأهالي والمؤسسات الدولية رفضاً لسياسة التطهير العرقي.

وينوي الاحتلال اقتلاع شجرة «الخروبة» التي تعد إرثاً حضارياً ورمزاً مقدساً من أجل تنفيذ المخطط الإسرائيلي، إذ قال الباحث عبدالله حمدان «تحاول إسرائيل اليوم اقتلاع هذا الإرث الثقافي والرمز المقدس من قرية العيسوية، ونحن نؤكد أهمية الحفاظ عليه ومنع المساس به».

وأوضح أن هذه الشجرة ارتبطت بسيدنا عيسى عليه السلام، ونُسبت لأنصاره الـ،10 إذ كانوا يجلسون ويختبئون قربها، كما كان أهالي القرية يضيئون الخروبة باستمرار ويضعون عليـها الأقمـشة من ثيابهم ويدعون الله.

تويتر