قانونيون يتوقعون استبعاد إعـــدام مبارك
على هامش محاكمة القرن التي تجري وقائعها بأكاديمية الشرطة بمدينة القاهرة الجديدة، تضاربت الحجج القانونية لكبار المستشارين والمحامين حول إدانة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، وما إذا كانت المحاكمة تسير في اتجاه اعدام الرئيس المخلوع، مع ثبوت الادلة، وهي قتل نحو 1000 مصري، أو اعتبارها غير كافية لاعدام الرجل. وقال فريق ثالث ان «إدانة الرئيس المخلوع ستكون على اساس سياسي وليس قانونياً».
واستبعد المستشار خالد العوضي، نجاح النيابة المصرية في إثبات تهمة التآمر لقتل المتظاهرين على الرئيس المخلوع. وقال لـ«الإمارات اليوم»، إن «الادلة المقدمة حتى الآن من النيابة المصرية، لم تعط دليلا واحدا على ان الرئيس المخلوع اعطى اوامره بقتل المتظاهرين»، مؤكداً أن «هذه هي الطريقة القانونية الوحيدة للحكم باعدام مبارك». وقال «إذا تم إثبات أن مبارك أصدر أوامر بقتل المتظاهرين فسيعدم، لكن النيابة فشلت في ذلك، والعقوبة طبقاً لما قدمته النيابه ستكون السجن وليس الاعدام».
وكانت النيابة العامة المصرية قد طالبت بإعدام الرئيس المخلوع، لانه تسبب في قتل وإصابة آلاف المصريين عقب قيام ثورة 25 يناير، وتسبب في إفساد الحياة السياسية، بينما شن محامي مبارك هجوما كاسحا على النيابة المصرية، واتهمها بالتخبط في توجيه الاتهامات، واعتمادها على ادلة واهية، كما اتهم المخابرات المصرية بانها مسؤولة عن عقد تصدير الغاز لإسرائيل وليس مبارك.
وقال المحامي والناشط الحقوقي محمد زارع، لـ«الإمارات اليوم»، إن «فريد الديب فشل في تفنيد أدلة إدانة الرئيس المخلوع لانه يقدم مرافعة سياسية امام محكمة الجنايات»، مؤكداً أن «كل ما قاله الديب حتى الآن مجرد كلام في السياسة، لان «حديثه عن إنجازات مبارك لا يقترب من الخسائر البشرية في الثورة ولا عن قضايا الفساد وتخريب البلاد». وقال زارع إن «الحكم ببراءة مبارك أو تخفيف العقوبة عنه امر متوقع، وهو ليس لبراعة المحامي فريد الديب، بل لان هناك قصورا متعمدا في تقديم ادلة الثبوت في القضية»، مشيرا الى ان «الفيديوهات والأدلة التي سجلت اثناء ثورة 25 يناير غير موجودة الآن واختفت عمداً لمصلحة تبرئة مبارك وإخلاء مسؤوليته عما حدث فيها».
وقال رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق المستشار رفعت السيد، ان «طلب النيابة العامة إعدام مبارك، أمر طبيعي، في ظل دورها الذي يوجب عليها أن تطبق الحد الأقصى من العقوبات المقررة قانونًا من خلال ما توافر لها من أدلة وقرائن ضد المتهمين».
وقال لـ«الإمارات اليوم»، إن «هناك فرقاً بين الأدلة المادية التي تدين المتهم الفاعل الأصلي في جريمة قتل الثوار، وهم الضباط والجنود، والأدلة المادية التي تدين من حرضه أو اتفق معه أو شاركه في القتل». وأوضح السيد أن «الاتهامات الموجهة إلى مبارك ورجاله، هي اتهامات مقصورة على الاشتراك في الجريمة وليس ارتكاب الجريمة، لأن مرتكب الجريمة أشخاص لم يستدل عليهم، ولم يتم القبض عليهم».
وقال إن «الفيصل في إدانة مبارك ورجاله، ثبوت ادلة مادية بحقهم في الاشتراك والتحريض، وهي أن يشهد أحد عليه أنه سلم الفاعل الأصلي سلاحًا أو حرضه أو اتفق معه على ارتكاب الجريمة، أو أن تضبط تسجيلات أو مراسلات أو تعقد اجتماعات تسهم في الجريمة»، وهو ما يدفع إلى إدانته بحسب التكييف القانوني للنيابة، مشيرا الى أن «الادلة يجب ان تكون على سبيل القطع واليقين والجزم، ولا يدخلها أي شك، لان الشك يفسر لمصلحة المتهم، والقضاء الجنائي هو قضاء يقين».
وقال محامي اسر الشهداء يوسف عيد، إن «الحديث عن الحكم ببراءة مبارك، هو حديث اعلامي تروجه الاجهزة الامنية والاعلامية التي تنتمي لنظام مبارك»، مؤكدا لـ«الإمارات اليوم» ان «اجهزة الدولة المصرية اخفت عن عمد إظهار اوامر القتل التي صدرت من مبارك ومعاونيه بقتل الثوار، ومنها ال(سي دي) الذي يحتوي على تسجيلات كاميرات متحف التحرير». وقال إن «هذا لا يعني أن الجريمة لم تقع، لان مهمة الضباط والجنود التي لا تحتاج لادلة هي حمل السلاح وتهمتهم هي إطلاق الرصاص وقتل الثوار، أما مبارك ورجاله فتهمتهم التحريض والاتفاق والمساعدة على القتل».
وأوضح أن «القانون يعاقب الشريك بتهمة الاصيل في القتل، وان مبارك ورجاله مصيرهم أن يعدموا، وهي عقوبة القتل، لان شهداء التحرير وآلاف المصابين قتلوا واصيبوا بفعل النظام الذي كان يحكم البلاد قبل الثورة»، معتبرا ما قاله الديب «مجرد هروب من صلب القضية القانونية الى عمل العلاقات العامة بتحسين الصورة».
من جهته اعتبر المحامي والناشط الحقوقي سليم عبدالجواد، أن «محاكمة مبارك تتجه الى ادانة سياسية وليست قانونية»، مؤكداً لـ«الامارات اليوم» أن «جميع الدلائل تشير الى ارتكابه ورجاله عمليات القتل العمد، لكن هناك قصوراً في تقديم الادلة ». واضاف أن «وجود الدلائل سيعطي المحكمة قناعة بالادانة غير الكاملة، وهو ما يعني ان مبارك سيلقى عقوبة الاشغال الشاقة المؤبدة التي تسبق عقوبة الحد الاقصى وهي الاعدام». وقال إن «افساد الحياة السياسية وتدمير الاقتصاد المصري هي تهم ثابتة عليه، وكفيلة بهذه العقوبة المشددة، دون حاجة لاثبات قتل المتظاهرين».
وقال عبدالجواد، على الرغم من أن الادانة ليست محل تساؤل، لكن الادعاء كافح منذ البداية في ظل غياب الأدلة الرئيسة مثل التسجيلات الخاصة بالكاميرات الموجودة في ميدان التحرير، وكذلك التسجيلات الصوتية من غرف عمليات الأمن المركزي.