من مسافر إلى القاهرة وموسكو

عزيزي، ربما اعتقدت ان الوضع في مصر وروسيا لا علاقة له مع بعضه البعض، فكر مرة اخرى، نعم، هاتان الدولتان لديهما تاريخ مختلف، ولكن بما انني قمت بزيارة لكلا البلدين في الأسابيع القليلة الماضية، استطيع ان اخبرك بأن لديهما قاسماً مشتركاً كبيراً، وهو ان الانفجارات السياسة في كلتيهما لا تدفعهما مبدئياً أي ايديولوجية محددة ولكنهما مدفوعتان بالعواطف الإنسانية المتمثلة في السعي نحو الكرامة والعدالة. ويعتبر الذل هو القوة التي يساء تقديرها في السياسية، قد يتحمل الناس شظف العيش والجوع والآلام. ويعبرون عن شكرهم عند توفير الوظائف والسيارات والحوافز، ولكن اذا اجبرت الناس للعيش لمدة غير محددة داخل لعبة من الخداع، او تجعلهم يشعرون بأنهم قطيع من الأبقار تتحول ملكيته من القائد الى ابنه، او من سياسي الى اخر، فإنهم سينفجرون بالغضب، وهذه هي المشاعر التي فجرت شرارة الانتفاضات في القاهرة وموسكو، ولم يهدأ الوضع هناك بسهولة ولهذا فإنك تغوص في مشكلة اكثر مما تعتقد.

هل شاهدتم ايها السادة افلام الفيديو التي تم اعدادها في المنازل في روسيا، والتي انتشرت في جميع ارجاء روسيا هذه الايام؟ اكثر فيلم اثار اهتمامي صورة روسيين كانا يعملان في القوات المظلية وتحولا الآن الى مغنيين وضعا ذلك الفيلم على موقع «يوتيوب» تحت عنوان «قدامي محاربي القوات المحمولة جواً ضد فلادمير بوتين»، اغانيهما تخاطبك مباشرة يا سيدي بوتين، ففي عشية اعلان 24 من سبتمبر، سيتنازل الرئيس ميدفيدف عن السلطة ليمهد الطريق لك ولحزبك (وهو الحزب الذي يعرف الآن بحزب المحتالين واللصوص) للترشح لرئاسة البلاد لست سنوات مقبلة، المجموع 12 عاماً، وبدا الروس للتو يحسبون كم عاماً سيعيشون ليروا شخصاً غيرك يقود البلاد. وهذا امر يبعث اليأس في نفوس الكثيرين، لا سيما ان ميدفيدف اكد انكما «تتبادلان المواقع» وهو امر تم التخطيط له منذ فترة طويلة. وعلى الرغم من ذلك لم تستشر أي شخص، لا غرو في ان تلك الأغنية التي ألفها المظليان السابقان لبوتين تتحدث عن الكرامة. المدون والناشط الروسي، اليكسي نافالاني، الذي قاد الحملة ضدك قال لي انه لا يوجد شيء يدفع الموسكيين لمزيد من الاحتجاج اكثر من التجربة اليومية المريرة التي يعيشون فيها داخل سياراتهم في قلب الزحام، بينما تمرق من جانبهم سيارة تومض وميضا ازرق تحمل بعض اتباع بوتين يقبعون خلف زجاج مظلل. يقول نافالاني «كل ذلك عن الكرامة»، ويضيف «من هم هؤلاء الناس، لماذا لا يهتمون بحقوقنا؟ لا يهم على الاطلاق المهنة الجيدة التي نتقلدها، ستظل في قلب ذلك الازدحام، وسيمر بسرعة امامك هؤلاء الناس وابناؤهم بوميضهم الأزرق».

هل تحدثت أخيراً لمدير مركز البحوث الاستراتيجية، ميخائيل ديمتريف؟ كان الرجل يقوم بتشكيل مجموعة «تنوير» منذ ،2009 فقد اكتشف ديمتريف ان الاحتجاجات المناهضة لبوتين لم تكن مدفوعة بسبب البطالة بل «بوساطة قطاع المواطنين الروس الأكثر مهارة». مع بداية ،2009 كما يقول ديمتريف، اشارت مجموعة التنوير الى ان «هذه الطبقة المتوسطة الجديدة المحترمة»، بدأت تشعر بأنها «غير معترف بها كما تستحق ولا يتم التعامل معها بالتساوي مع أي مجموعات اخرى».

توماس فريدمان صحافي اميركي مهتم بمنطقة الشرق الاوسط

تويتر