القضاء التونسي يبتّ في شرعية « مواقع إباحية »
يبت القضاء التونسي الأسبوع الجاري في شرعية المواقع الإباحية على الإنترنت، في قرار يتوقع ان تكون انعكاساته كبيرة على الشبكة التونسية، حسب متخصصين يخشون من العودة الى الرقابة والممارسات القديمة.
وأمر القضاء مرتين في مايو واغسطس الماضيين، الهيئة الوطنية للاتصالات التي تدير الانترنت، بفرض رقابة على مواقع إباحية، رداً على دعوى رفعها ثلاثة محامين اعتبروها خطيرة على الشباب و«تخالف القيم الاسلامية». وستبت محكمة النقض غدا في ذلك، بينما اجمع الجميع على الاعتقاد انها ستؤكد ذلك القرار، وستطلب من الهيئة الوطنية للاتصالات ان تفرض مجددا الرقابة عبر التصفية التي تركت تماما بعد سقوط الرئيس زين العابدين بن علي. وقال المدير العام للهيئة الوطنية للاتصالات معز شكشوك، بأسف، انه «تراجع» لاسيما انه يجهد منذ توليه مهامه بعد الثورة في إحداث «قطيعة مع الماضي»، وكسر صورة الرقيب العالقة بهيئته.
وقال معز شكشوك «في عهد بن علي كانت الهيئة الوطنية للاتصالات (التي تأسست في 1996) أداة مراقبة سياسية ورقابة، واليوم نحن نناضل من اجل حياد الانترنت، ونخاف ان يلبسونا المعطف القديم».
ورفض مدير الوكالة التي تشغل 70 موظفاً، الانتقال الى مجال الأخلاق أو الأفكار، مؤكدا أن «هذا ليس دورنا».
من جانب آخر، اكد ان الهيئة الوطنية للاتصالات «لا تملك امكانية تنفيذ الحكم»، معتبرا انها تحتاج لما بين ثلاثة الى اربعة ملايين دينار (ما بين 1.5 ومليوني يورو)، لتشغيل التجهيزات الخاصة بالتصفية. وتخلت الشركة المحدودة التي تمثل الدولة اكبر مساهم فيها، بعد الثورة عن مساعدة سنوية قيمتها مليوني دينار كانت تمنح لها لفرض الرقابة.
واعتبر عالم الاجتماع المتخصص في وسائل الاعلام، رياض الفرجاني، ان القرار الذي سيتخذه القضاء التونسي يتجاوز كثيرا قضية المواقع الاباحية، مؤكدا «انها قضية معرفة ما اذا كان ضروريا منح الدولة سلطة الاختيار بدلا من المواطنين».
واضاف «في هذا المجال لسنا في عالم المجهول، لان تونس لديها سوابق وخيمة، كانت من اكثر البلدان انتهاكا للحريات، كما انها استخدمت مخبرا للمراقبة على الانترنت».
وتحدث خصوصا عن الاتفاق الموقع في 2006 بين عملاق المعلوماتية (مايكروسوفت) وحكومة بن علي، والذي اثار تساؤلات حتى بين الدبلوماسيين الاميركيين، كما افادت برقية كشفها موقع «ويكيليكس» في سبتمبر الماضي.
واعتبر الفرجاني ان تقنين الإنترنت يتطلب أدوات اخرى تختلف عن التصفية: برامج عقول إلكترونية، ومراقبة آباء، وتدريب، وانضباط ذاتي، «لكن النقاش مطروح بشكل خاطئ، اننا في المجال الايديولوجي والعاطفي وليس في الوقائع. انهم يدخلون الاخلاق في كل مكان، بينما الاخلاق كعقد اجتماعي لم تثبت ابدا فعاليتها».
كذلك اعربت اوليفيا غري، ممثلة مراسلون بلا حدود في تونس، عن «الاسف، لان الحوار لم يحصل وتحريم الاباحية لعب دوره».
وقد اصدرت أخيرا بيانا حول «مخاطر العودة الى الوراء»، مع فرض التصفية على الانترنت.
وقال المحامي منعم التركي احد المحامين الثلاثة الذين رفعوا دعوى ضد الهيئة الوطنية للاتصالات «من الممكن ان تنسجم الاخلاق مع القانون».
وأوضح المحامي الذي رفع أيضا دعوى ضد فيلم المخرجة نادية الفاني «العلمانية ان شاء الله»، ان «في فرنسا تخضع المواقع التي تمجد هتلر للرقابة، وفي تونس يجب ايضا فرض الرقابة».
وأضاف ان«المواقع الاباحية ليست مقبولة، والقضاء بت في المحكمة الابتدائية، وفي الاستئناف، وهذا ليس قراراً سياسياً او تعسفياً».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news