تقرير يزعم وجود تعاون بــيـن «مجاهــدي خــلق » و«الموساد»
حتى الآن لم يعلن أحد مسؤوليته عن عمليات اغتيالات العلماء الإيرانيين، باستثناء بعض التعليقات الفرحة التي تعبر عن الرضا من مسؤولي الدولة الأجنبية، التي ربما تكون الأكثر ترجيحاً بأنها ارتكبت تلك الفعلة، ولكن تلفزيون «ان بي سي»، الأميركي عرض دليلاً أكثر وضوحاً. وطبقاً لتقرير وضعه ريتشارد اينجلن وروبرت ويندرم، وهما مراسلان من التلفزيون، فإن عمليات الاغتيالات كانت مشتركة بين اسرائيل، وجماعة «مجاهدي خلق».
وحسب التقرير فإن الشراكة تطلبت قيام اسرائيل بتقديم التمويل والتدريب والأسلحة لـ«مجاهدي خلق» كي ينفذوا العمليات، اضافة الى ارتكاب اعمال ارهابية تخريبية داخل ايران. وترجع القصة الى صدور اتهامات من مسؤولين في الحكومة الإيرانية الذين قالوا انهم يستندون في معظم معلوماتهم إلى التحقيقات والمواد التي تمكنوا من ضبطها خلال محاولة اغتيال فاشلة وقعت عام .2010
ويمكن رفض هذه الاتهامات بحد ذاتها بسهولة بالطبع لكونها حملات اعلامية. ولكن قصة تلفزيون «ان بي سي» ذكرت ان مسؤولَين اميركييّن كبيرين رفضا الكشف عن هويتيهما أكدا القصة. وقال مسؤول ثالث «انها لم تتأكد تماماً حتى الآن»، على الرغم من انه انكر مثل الآخرين تورط الولايات المتحدة بها. واحجمت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن التعليق، وانكر «مجاهدي خلق» القصة.
وسواء توفر التأكيد على تفاصيل هذه القصة أو لا، فإن عمليات الاغتيال تعتبر عملاً ارهابياً، وينص التعريف الرسمي للحكومة الأميركية للإرهاب على انها «اعمال العنف التي يتم التخطيط لها مسبقاً، مدفوعة بأسباب سياسية وترتكب ضد اهداف مدنية من قبل جماعات قومية متنوعة اوعملاء سريين».
وكان التغير الكبير في هذا التقرير الجديد هو استخدام اسرائيل، التي يعتقد بصورة عالمية انها مسؤولة عن الاغتيالات، لـ«مجاهدي خلق»، وهي جماعة لها سجل كبير في اعمال الإرهاب، وتضمنت ضحايا اميركيين.
وثمة اجزاء اخرى من هذا السجل تشير الى انه اضافة الى ان هذه الجماعة كانت سلاحاً في يد قوات صدام حسين الأمنية، فإنها لا تحظى بالشعبية داخل ايران، وأي شخص في اسرائيل، او في الولايات المتحدة، او في اي مكان اخر، يتمنى اجراء تغيير للنظام في ايران، فسيكون احمق اذا اقام علاقات مع «مجاهدي خلق».
ووسط جميع اسباب الرعب والغضب على احداث الاغتيالات، ثمة مفارقة ايضا، اذ ان احد الأسباب التي يتكرر ذكرها في عدم الرغبة في جعل ايران تمتلك السلاح النووي، هو الخوف من تحولها الى بلطجي في منطقة الشرق الأوسط على نحو مسيء.
وفي واقع الأمر هناك دولة في الشرق الأوسط تتصرف على هذا النحو، ولكنها ليست ايران. فهذه الدولة تغزو الدول المجاورة لها، وتنزل التدمير الوحشي بالسكان المدنيين، وتصادر وتستوطن مناطق عدة من خلال القوة العسكرية. وهي تستخدم ايضا جماعة ارهابية غطاء، لها اضافة الى ان عملاءها يتصلون بالقتلة من الدول الأخرى في المنطقة.
وإضافة الى الإرهاب، تمتلك هذه الدولة، كما هي الحال في نمط الدولة المارقة، اسلحة نووية.
ويمكن ان يقول البعض ان هذا السجل من السلوك يدعم الحكمة التقليدية بشأن ما يمكن ان يؤدي السلاح النووي اذا امتلكته ايران من تغييرات في سلوكها. ولكن حقيقة الأمر ليست كذلك، اذ ان سلوك الدولة المقصودة اصبح سيئاً ليس بسبب الأسلحة النووية وانما نتيجة تفوقها العسكري بالأسلحة التقليدية على جيرانها، ونتيجة الغطاء الذي توفره لها دولة عظمى خانعة، وحامية لها، ونتيجة تحكمها بسياستها الخارجية.
والولايات المتحدة بحاجة الى ان تبعد نفسها قدر ما تستطيع عن هذه البشاعة، من اجل ان تلتحم بمبادئها اضافة الى محاولتها تجنب الانزلاق اكثر نحو الهاوية. وكان أمراً طيباً ان قامت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، بالتنصل من معظم عمليات الاغتيالات ولكن ابعاد الدولة يتطلب اكثر من ذلك. دعونا ننسى موضوع الانسجام بين الولايات المتحدة واسرائيل اذ ان الأخيرة تختلف كثيرا عن الولايات المتحدة لأنها من الواضح أنها غير منسجمة مع القيم والمصالح الأميركية. وتحتاج واشنطن الى ان تعلن بقوة، وعلى نحو متكرر، ان نوع الإرهاب الذي وصفه التقرير الذي نشره تلفزيون «ان بي سي» يعد تناقضاً مع الكيفية التي ينبغي وفقها حل الأزمة مع ايران.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news