يعانون مظالم.. وتتجمع عندهم قضايا غزة والعلاقة بإسرائيل والتهريب والهجرة غـــــير الشرعية
بدو سيناء.. مشكلة تؤرّق مصر ما بعد الثورة
على مدى عقد يمتد من حرب يونيو ،1967 عرفت حياة بدو صحراء سيناء المصرية بالتنوع، من الوطنية في مقارعة الاحتلال الاسرائيلي الى النهب وخطف وتهريب الأسلحة والمواد الغذائية والمخدرات والتفجير والتعذيب.
تقول مراسلة «الغارديان» في نويبع المصريه في سيناء، إن البدو يقومون بعمليات الاغارة على المصالح والاعمال المختلفة، إضافة إلى التفجيرات المتكررة لخط أنابيب الغاز الطبيعي الى اسرائيل والأردن.
وتحكي مثالاً لهجوم بدو من قبيلة الترابين على منتجع «أكوا صن»، جنوب سيناء وخطف بعض العاملين فيه ومطالبة صاحبه بأربعة ملايين جنيه مصري، على اعتبار ان المشروع مقام على أرض تمتلكها القبيلة، ولما رفض صاحب المنتجع الدفع أغاروا على المنتجع ونهبوه دون ان تتدخل الشرطة، وحينما ابلغ صاحب المنتجع الشرطة قالوا له إن الوقت غير مناسب ليتصدوا للبدو، وإن عليه ان يحل مشكلاته معهم.
وخلال الـ13 شهراً الأخيرة راج نشاط التهريب الذي يقوم به بدو سيناء، خصوصاً عبر الحدود مع إسرائيل وقطاع غزة الذي يخضع لحصار قاتل من إسرائيل منذ أكثر من ست سنوات. ويتم تهريب الأسلحة والبضائع الى غزة والمخدرات والافارقة الراغبين في الهجرة الى اسرائيل، ويقدر حجم تجارة التهريب بنحو 300 مليون دولار سنوياً.
كما دفع تصاعد النشاط غير الشرعي للبدو منذ الإطاحة بالرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونظامه، إسرائيل الى تعزيز قواتها على الحدود، والتساهل مع مصر في نشر قوات مصرية في سيناء، الى جانب بناء سور على طول الحدود مع مصر البالغة 240 كيلومتراً، وذلك خلافاً لما تنص عليه اتفاقات كامب ديفيد الموقعة .1979 وظل بدو سيناء يرون المشروعات السياحية تقام على شواطئ جنوب سيناء والمصانع في شبه الجزيرة، ويتم استقدام العاملين فيها من القاهرة، ما يترك أثراً سيئاً في نفوسهم، وكانت معظم الفنادق والمنتجعات في شرم الشيخ وغيرها توفر للسائحين اقامة كاملة بما لا يدع أي فرصة لاستفادة البدو من إنفاق السائحين.
وبعد ثورة 25 يناير المصرية خرج البدو الذين شعروا بالظلم لسنوات خلال حكم مبارك من القمقم، ليقوموا بعمليات النهب والاختطاف طلباً للمال.
واستناداً الى منظمة إسرائيلية تعنى بشؤون المهاجرين غير القانونيين اسمها «أطباء من اجل حقوق الانسان»، فإن معظم الافارقة الذين يقوم بدو سيناء بتهريبهم هم من السودان واريتريا، ويدفع الواحد من هؤلاء 3000 دولار لبدو سيناء ليوصلوه خلسة الى الحدود مع إسرائيل، الا ان البدو غالباً ما يحتجزونهم في معسكرات ويطالبون بفدية من ذويهم.
وحسب شهادات أكثر من 900 من المهاجرين الأفارقة جمعتها المنظمة الاسرائيلية المذكورة، فإن البدو يقومون «بتعذيبهم »، خلال احتجازهم.
ويرصد تقرير بعض الحالات منها حالة لفتاة اريترية طلب محتجزوها من البدو 40 ألف دولار، لكن احداً من ذويها لم يستطع تدبير المبلغ كله. ويقول هؤلاء إنه في بعض الحالات، خصوصاً عند عدم حصول البدو على المال، «يقتل» هؤلاء الراغبون في الهجرة أو تباع أعضاؤهم من قبل محتجزيهم. وهناك من يتحدث عن «قبور جماعية»، تضم رفات كثير من الافارقة الذين لم يجد مهربوهم من البدو فائدة مادية ترتجى من بقائهم أحياء.
وبعد عقود من المعاناة والفقر والتهميش، يقوم بدو سيناء بأعمال كثيرة جعلت نظام مبارك وقوات شرطته يخشون جانبهم بل وينقمون عليهم لإسهامهم في تقويض الحصار الذي تفرضه اسرائيل على الفلسطينيين في قطاع غزة، في الوقت الذي كان نظام مبارك يعمل على إبقائه.
ويقول موظف بمنتجع اكوا صن، «حينما هاجموا المنتجع لم يبقوا على شيء الا أخذوه، وحينما طلبنا من الشرطة التدخل لم يفعلوا شيئاً».
وفي جنوب سيناء تنشط عمليات السرقة تحت تهديد السلاح واختطاف السياح للمطالبة بفدية، وفي الشمال هناك عمليات تفجير خط أنابيب الغاز المؤدي الى الأردن وإسرائيل وتهريب الافراد والاسلحة والمخدرات، اضافة الى تزايد نشاط المسلحين الاسلاميين.
وبعد الثورة التي أطاحت بمبارك ونظامه، ابدت إسرائيل مرونة وتساهلاً كبيرين ازاء مصر لزيادة عدد قواتها وسمحت لها بتعزيز اسلحة أفرادها، خلافاً لما نصت عليه اتفاقات كامب ديفيد، في مواجهة ما يقوم به بدو سيناء.
ويصف المحلل الإسرائيلي ايهود يعاري، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى شبه جزيرة سيناء بأنها «بؤرة توتر ساخنة مجهزة ببنية تحتية للإرهاب آخذة في التوسع، وجبهة امامية برية غير آمنة». وخلال الشهور الـ13 الاخيرة تم تفجير خط الغاز 12 مرة متسبباً في خسائر مادية جسيمة تقدر بملايين الدولارات. وقد أقام بدو سيناء في السنوات الاخيرة معسكرات خاصة لتهريب الافراد والاعتقال والتعذيب، إذ أصبحت هذه المعسكرات مصدرا مهما لكثير من الحكايات المرعبة حول ما يتعرض له المعتقلون والمختطفون.
كما يزعم مسؤولون في الاستخبارات الإسرائيلية أن أعضاء حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومسلحين وناشطين إسلاميين آخرين ينسقون ويتعاونون مع بدو سيناء للقيام بهجمات ضد اسرائيل. ويقول بعض موظفي منتجع أكوا صن، «إن الهجوم على المنتجع يؤكد أن بدو سيناء أصبحوا يستشعرون تنامي قوتهم واشتداد شوكتهم بعد الإطاحة بمبارك».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news