الطابور الخامس.. ذريعة المستبدين ضد قوى المعارضة
يطلق هذا التعبير على جماعة من الناس، تقوم بتقويض أي نظام أو دولة بصورة سرية من الداخل. وجاءت هذه التسمية في فترة الحرب الأهلية في إسبانيا، عندما أعلنت محطة اذاعية أن قائد قوات القوميين الجنرال إيميلو مولا يقترب من مدريد بأربعة طوابير من قواته العسكرية، وأنه سيحظى بالدعم من طابور خامس موجود داخل المدينة، بهدف القضاء على حكومة الجمهوريين، واستخدم هذا التعبير عنواناً للمسرحية الوحيدة التي كتبها المؤلف الأميركي الشهير إيرنست هيمنغواي، والتي كتبها بينما كانت مدريد تتعرض للقصف، ونشرت عام .1938
وخلال المراحل الأولى من الحرب، عمدت الحكومة الجمهورية إلى تنظيف الشرطة، والجيش والمدنيين من الطبقة المتوسطة في مدريد، من المحافظين الذين يمكن ان يتحالفوا مع القوات القومية، لكن الطابور الخامس لم يثبت فاعليته في تلك المرحلة، وظلت مدريد مستعصية حتى عام ،1939 على الرغم من القتال العنيف، ومع ذلك فإن المسمى ظل مستخدما.
وحتى في أيامنا تستخدم كلمة الطابور الخامس للدلالة على أي جماعة تقوم بالتخريب في دولة ما لمصلحة دولة أخرى، وهناك جماعة من الكوريين الشماليين الذين يعيشون في اليابان، خصوصا الذين ينتمون الى منظمة «تشونغرين»، وهي بدورها مرتبطة بالحكومة في كوريا الشمالية، وهي تعد طابورا خامسا من قبل الكثير من اليابانيين، وقد تعرضوا للكثير من الهجمات سواء اللفظية أو الجسدية، وتبلور ذلك بصورة متكررة أكثر بعد ان اعترفت حكومة كيم يونغ ايل بأنها اختطفت العديد من اليابانيين، وبعدما اجرت تجارب على صواريخ بالستية.
وأشارت رواية «الطابور السادس»، للخيال العلمي وهي للكاتب روبرت هاينلين عام ،1949 إلى الطابور الخامس، لكنها كانت مركزة على الطابور السادس وتحكي عن حركة مقاومة خفية تحارب قوى احتلال مستبدة للاسيويين على الارض الاميركية، وذلك تمييزا عن الطابور الخامس الذين يعتبرون خونة. وتحوي الرواية العديد من الاشارات الى حدث مدريد التاريخي.
يذكر أن هذا التعبير انتقل ليصبح سلاحا في يد السلطات الاستبدادية في البلدان المختلفة، إذ تتهم معارضيها دوما بأنهم «طابور خامس» لأعداء مفترضين، حتى تحرض ضدهم الشعوب.