«القاعدة» يتعاون مع أميركـــــا وبريطانيا في سورية
أثارت البصمات الواضحة لتنظيم «القاعدة» على عمليات التفجير الاخيرة في العاصمة السورية دمشق، والتي اودت بحياة اكثر من 50 شخصاً في فترة عيد الميلاد جدلاً واسعاً في لندن وواشنطن حول فرضية تحالف قائم بين بريطانيا والولايات المتحدة وذلك التنظيم، بعد ان قامتا باحتلال افغانستان قبل اكثر من 10 اعوام للقضاء عليه.
وأكدت هذا الكلام، شهادة مدير جهاز الاستخبارات الأميركية أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، جيمس كلابر، والتي قال فيها إن عمليات التفجير في دمشق تحمل بصمات القاعدة. وهناك أيضا تظاهرة لأنصار حزب التحرير ذي التوجه الاسلامي في ضواحي غرب لندن «تضامناً مع إخوانهم في سورية»، والتي قال أحد قادتهم «إن هناك عداء مشتركا يربط بريطانيا والولايات المتحدة وتنظيم «القاعدة» لنظام بشار الأسد الحليف الوثيق لإيران».
ويضيف ما حدث في ليبيا الى الصورة العامة، فقد ساعدت بريطانيا وفرنسا على إسقاط الرئيس الليبي معمر القذافي ونظامه، ليصل الى السلطة أشخاص بينهم رموز مرتبطة ب«القاعدة».
وكان هناك اهتمام بما شدد المعارضون السوريون على نفيه من وجود اية جماعة او تنظيم تابع لهم له علاقة من بعيد او قريب بتفجيرات دمشق، وانها من تدبير الحكومة، في مبادرة لاستدرار التعاطف العالمي.
إن جميع الشكوك حسمت حينما ابلغ كلابر أن «تفجيرات دمشق تحمل جميع مميزات وخصائص عمليات التفجير التي يقوم بها «القاعدة»، ونعتقد ان (قاعدة العراق)، يعمل على توسيع نشاطه الى داخل سورية. وأظن انه أمر رسمي القول ان التنظيم طرف حليف لبريطانيا واميركا في رغبتهما القوية في الاطاحة بالنظام السوري».
يمكن لأي منا التفكير جيدا في الامر، فقبل 10 اعوام وعقب احداث 11 سبتمبر، قمنا نحن الاميركيين بمساعدة من حلفائنا الغربيين بغزو افغانستان للقضاء على تنظيم «القاعدة» او تحجيم نفوذه وقوته، ونلقي نظرة الآن فنجد أن اكبر واشهر تنظيم ارهابي في العالم «يبدي رغبة في الدخول معنا في تحالف جديد بشأن تغيير النظام في سورية».
واذا صحت حكاية تحالف «القاعدة» مع اميركا وبريطانيا ستكون أشهر حادثة في التاريخ السياسي الحديث للعالم عن تحول الاعداء الى اصدقاء وحلفاء بعد معاهدة مولوتوف - ريبنتروب ،1939 التي تحول فيها الاتحاد السوفييتي السابق والمانيا النازية من عدوين يذيقان بعضهما مرارة العداوة والمشاحنة الى صديقين حليفين. ومن المهم ان نفهم تماثل المصالح وتقاربها بين «القاعدة» والغرب يمتد الى ما هو ابعد من سورية، إضافة الى اجماع الاطراف الثلاثة على كراهية شديدة لنظام الرئيس الاسد وحليفته الوثيقة ايران. كما أننا في بريطانيا والولايات المتحدة، مثل «القاعدة»، نبدي اهتماما متزايدا وقويا في إضعاف حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في قطاع غزة، وتقويض نفوذها وحزب الله في لبنان.
وفي ليبيا القى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بثقليهما لتدمير نظام القذافي، واستبداله بنظام جديد اتضح ان فيه مسؤولين لهم علاقة بالتنظيم الذي يشاركنا كراهيتنا لنوري المالكي رئيس الوزراء العراقي، لأننا ثلاثتنا نجمع على انه يتلقى اوامره من طهران. كما ان الاميركيين والبريطانيين و«القاعدة» يتشاركون في اهداف عدة قصيرة المدى، رغم عدم وجود تعامل مباشر بين الطرفين الاول والثاني من جهة، والقاعدة من جهة ثانية، لكن حلفاء غربيين آخرين يقومون بذلك. وعلى مدى الاشهر الماضية تعج المنطقة بمختلف انواع الشائعات عن تسلل مسلحي القاعدة وجماعات سنية أخرى الى سورية من اراضي لبنان وتركيا، بعد ان قاتل معظم هؤلاء مع «القاعدة» في العراق قبل طردهم من هناك.
ترى فما الذي حدث حتى يصبح تنظيم «القاعدة» في هذا الوضع المرغوب فيه من الآخرين؟ الجواب يكمن في «الربيع العربي». فبالتأكيد ان ثورات تونس ومصر وليبيا هي انتفاضات شعبية، والناس في سورية يواصلون التظاهر والاحتجاج، ومنهم من يحمل السلاح ضد النظام من اجل حقوق الانسان والحرية والديمقراطية والتغيير، وحينما يتحدث كاميرون عن الوضع في سورية، يقول انه صراع بين نظام اوتوقراطي مستبد وغير شرعي وشعبه. هذا هو موقف الاميركيين والقاعدة أيضاً.