دوره سيكون صعباً في ظل صعود إسلاميين

تشابكات مصر ترسم مـلامح بابا الأقبـاط المقبل

رحيل البابا شنودة جاء في وقت حرج سياسياً. من المصدر

قال مسؤولون، أمس، إن اختيار بابا جديد للكنيسة الأرثوذكسية في مصر قد يستغرق شهورا، فيما يزيد الجدل بين المسيحيين بشأن الدور السياسي الذين ينبغي للزعيم القادم القيام به، في وقت يرتقي فيه الاسلاميون إلى سدة السلطة في البلاد.

وتوفي البابا شنودة الثالث في 17 مارس الجاري، بعد أن ظل على رأس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أربعة عقود، وخلال حكم الرئيس السابق حسني مبارك كان شنودة المدافع السياسي الرئيس عن مسيحيي البلاد، الذين يشكلون نحو 10٪ من السكان البالغ عددهم 80 مليون نسمة.

ومنذ الإطاحة بمبارك في العام الماضي، يشعر المسيحيون بقلق متزايد بعد تصاعد الهجمات على الكنائس، التي ينحون باللائمة فيها على الإسلاميين المتشددين إلا أن الخبراء يقولون إن زيادة الخلافات المحلية غالبا ما تكون أيضا سببا وراء الهجمات.

وزادت وفاة البابا شنودة، عن عمر يناهز الـ88 عاما، تلك المخاوف وجعلت المسيحيين يتساءلون: كيف يوصلون أصواتهم ويعبرون عن مواقفهم في وقت هيمنت فيه جماعة الإخوان المسلمين مع إسلاميين آخرين على مقاعد البرلمان، ويرجح أن تكون لهم الهيمنة في وضع الدستور الجديد.

لكن منصب البابا، الذي يشغله مؤقتا الانبا باخوميوس، لا يمكن شغله بسرعة.

وقال المسؤول الإعلامي بالمجمع المقدس وأسقف شبرا الخيمة الأنبا مرقص، إن «باب الترشيح (لمنصب البابا) سيفتح في 27 أبريل المقبل، وسيبقى مفتوحا لمدة 20 يوما»، مضيفا أنه سيتم الإعلان قريبا عن تفاصيل الاختيار والإطار الزمني.

وقال بيتر النجار، وهو محام في الكنيسة إن هذه العملية قد تستغرق «أشهراً عدة»، وعين البابا شنودة بعد نحو ستة أشهر من وفاة سلفه.

وفي الوقت الذي يبرز فيه خلفاء محتملون، فإن القضية التي تشغل العديد من المسيحيين هي ما إذا كان ينبغي لرأس الكنيسة الجديد أن يسعى لكي يظل الصوت الرئيس المعبر عنهم، أم يجب عليه تشجيعهم على الانخراط بنشاط أكبر في السياسة بعيدا عن مظلة الكنيسة، لضمان الحصول على حقوق يطالبون بها منذ زمن طويل.

ويريد المسيحيون تغيير القوانين المصرية، بحيث تجعل بناء الكنائس بالسهولة نفسها لبناء المساجد، ويشكون منذ زمن طويل التمييز في أماكن العمل.

وقالت ايفون مساعد، وهي مدرسة تبلغ من العمر 52 عاما «البابا المقبل يجب أن يكون له دور سياسي لحمايتنا (الأقباط)، و(حماية) حرياتنا وضمان حقوقنا، نحن بحاجة إلى زعيم قوي وحكيم، لدعمنا في الفترة المقبلة مع وصول الإسلاميين إلى السلطة».

وكانت إيفون تتحدث بعد حضورها جنازة البابا شنودة في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية في القاهرة، الأسبوع الماضي، وردد مشيعون غيرها القول نفسه.

ولم تطلب الكنيسة من المسيحيين الابتعاد عن السياسة، لكن البيئة الخانقة في ظل حكم مبارك حملت الكثيرين على أن يتركوا البابا ليتحدث باسمهم، ومنذ ذلك الحين بقي معظمهم على الهامش، مفضلين الابتعاد عن الأضواء، في الوقت الذي برز فيه الإسلاميون قوة سياسية قوية.

وقال يوسف سيدهم رئيس تحرير صحيفة «وطني»، إنه يجب على المسيحيين تغيير نهجهم واتباع نهج أسلافهم، الذين كانوا شخصيات بارزة أوائل القرن الـ،20 في عهد كان فيه البرلمان نشطا قبل أن يطيح ضباط الجيش الملك في عام .1952

وقال سيدهم إن على المسيحيين الانخراط في الأحزاب السياسية بعيدا عن الكنيسة، مضيفا أن المسيحيين لا يمثلون سوى 10٪ من السكان، وأن الطريقة الوحيدة بالنسبة لهم لكي يكون صوتهم مسموعا، هي المشاركة السياسية مع المسلمين المعتدلين. وأشاد سيدهم بتركيز شنودة على احتواء التوتر الطائفي، لكنه قال إن من الأفضل بالنسبة للكنيسة أن تسمو فوق الخلافات السياسية، ولكن حتى بعض المسلمين يقولون إن من غير المرجح حدوث ذلك. وقال نجاد البرعي، وهو محام مسلم وناشط حقوقي معروف، «من المستحيل إبعاد الكنيسة عن السياسة، لأنه ليس بإمكاننا إبعاد المساجد عنها، نحن في غمار عملية دينية وليست سياسية».

وبدأ النقاش بالفعل حول المرشحين لمنصب البابا، لكن لم تبدأ عملية اختيار رسمية بعد، وأبرز المرشحين ثلاثة، أحدهم الأنبا بيشوي (69 عاما)، وهو مطران دمياط وكفر الشيخ وخريج الهندسة وعضو بارز في المجمع المقدس، وعلى الرغم من شعبيته بين المسيحيين فمن الممكن أن يغذي التوترات الطائفية في حالة تعيينه، بسبب تصريحات أدلى بها في عام ،2010 عندما شكك في صحة بعض آيات القرآن الكريم، واعتذر البابا شنودة عن تلك التصريحات، ووصفها بأنها «غير لائقة».

والمرشحان الآخران، اللذان يتم تداول اسميهما على نطاق واسع، هما الأنبا يؤانس (51 عاما)، الذي يحمل شهادة في الطب وكان السكرتير الشخصي للبابا شنودة، والأنبا موسى (73 عاما)، المعروف بعمله الشبابي، وبناء علاقات بين المسلمين والمسيحيين. وتنص قواعد الكنيسة على ضرورة أن يتجاوز أي مرشح سن الـ،40 وأن ينال تزكية من قبل ما لا يقل عن ستة من رجال الدين الكبار في فترة لا تتعدى الشهرين بعد وفاة البابا. بعد ذلك يتم التصويت من قبل المجمع المقدس للكنيسة لاختيار ثلاثة مرشحين فقط. ويكون الاختيار النهائي عندما يلتقط طفل صغير أحد هذه الاسماء من صندوق. ويدعو بعض الخبراء المسيحيين لتغيير النظام حتى يتخذ القرار بالانتخاب.

تويتر