الانفلات القانوني والدستوري يطل على البلاد عقب فوضى أمنية
مقعد الرئاسة وراء معركة عسكر و«إخوان» مصر
اشتعل الصراع بين المجلس العسكري الحاكم في مصر وجماعة الاخوان المسلمين صاحبة الاغلبية في البرلمان، وخيّم على المشهد السياسي بالبلاد اجواء انقلاب عسكري او انقلاب دستوري، يطيح بالاغلبية الاسلامية في البرلمان بغرفتيه، وبينما قال محللون سياسيون ان الخلاف يعود الى مخاوف من اصدار الاخوان دستوراً لا يعبر عن عموم الشعب المصري، قال اخرون ان جوهر الصراع حول منصب رئيس الجمهورية وصلاحياته، وحصانة القوات المسلحة في الدستور.
واكد المستشار بمجلس الدولة، حسن عيد، لـ«الإمارات اليوم»، أن «الخلاف حول اللجنة الدستورية خلاف مصطنع لاخفاء الصراع الحقيقي بين الطرفين الحاكمين في مصر». واوضح عيد «ان الدستور يمكن ان يكتبه اربعة فقط من فقهاء القانون الدستوري، ولا يحتاج الى كل هذا الصراع»، مؤكداً ان «لعبة عض الاصابع بدات بين (الاخوان) و(العسكري)، مع اقتراب اغلاق باب الترشيح للرئاسة في الثامن من ابريل المقبل ». وقال ان «(الاخوان) يريدون رئيسا يؤمن بمشروعهم، حتى لو لم يكن عضواً منهم، بينما يسعى «العسكري» لاختيار رئيس يؤمن تماما بالدولة المدنية، ويصلح ان يكون حكماً بين السلطات الثلاث». وقال المستشار عيد: «انه اطلع على رؤية الاخوان للرئيس المقبل، التي تمنحه صلاحيات الامساك بعدد من الملفات الخارجية، دون ان يملك سلطة حل البرلمان، على ان يكون نائب الرئيس من بين صفوفهم وشريكاً للرئيس في تلك الملفات». مشيرا الى ان «المجلس العسكري يطالب برئيس له صلاحيات خارجية وامنية، دون مشاركة من نائب اخواني».
وكان الصراع قد تصاعد بين الطرفين، إذ اتهمت جماعة الاخوان المجلس العسكري بالوقوف خلف كل الكوارث التي حلت بمصر والتدخل في حلها للظهور بدور البطل المنقذ،بينما هدد المجلس بحل البرلمان.
وكشف الناشط بشباب الاخوان، محمد داود، عن رفض الاخوان تاييد رئيس المجلس الاستشاري منصور حسن. وقال داود ان «المجلس العسكري طالب الجماعة بالوقوف خلف حسن باعتباره رئيساً توافقيا، الا ان الجماعة عرضت بشكل سري حسن على قواعدها التي رفضته لتجاوزه سن الـ80 عاما من ناحية، وعدم وجود حضور شعبي له من ناحية ثانية، كما ان الاخوان عرضوا اسم رئيس المجلس الاعلى للقضاء، المستشار حسام الغرياني، لكن المجلس العسكري رفضه». وقال داود إن «أمام الاخوان ثلاثة خيارات، اما ترشيح رئيس مجلس الشعب، الدكتور سعد الكتاتني، او نائب المرشد خيرت الشاطر، والخيار الثاني الخضوع لرأي شباب الجماعة بعدم ترشيح احد من كوادرها والوقوف خلف الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، والخيار الثالث هو عدم الاعلان عن دعم مرشح معين، وترك الحرية لاعضائها في الاختيار».
وكان الباحث السياسي الدكتور عمار علي حسن، قد كشف عن تلقّي حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للاخوان، تهديدا مباشرا من المجلس العسكري بحل البرلمان حال اصرار الجماعة على سحب الثقة من حكومة الجنزوري. وقال عمار إن «الكتاتني ابلغه عضو بالمجلس العسكري عبر الهاتف، ان العسكري سيقوم بحل البرلمان حال سحب الثقة من الحكومة».
واعتبر الناشط في المنظمة المصرية لحقوق الانسان، السيد سرحان، ان «المجلس العسكري، نجح في حصار التيار الاسلامي، عبر الطعون المقدمة ببطلان البرلمان امام المحكمة الدستورية العليا، وافتعال الازمات الاقتصادية، وهو ما ادى الى انصراف الشارع المصري عن اغلبية لا تفعل شيئا، وتريد الهيمنة على كل شيء». وتوقع سرحان ان «يلجأ المجلس الى ضرب اغلبية الاخوان من خلال ابطال ثلث الاعضاء المنتخبين على المقاعد الفردية»، مستبعداً «اجراء انتخابات رئاسية قبل اجراء انتخابات برلمانية مكملة للثلث الباطل». وقال ان «البلاد مقبلة على فوضى دستورية وقانونية، بعد الفوضى الامنية». مؤكدا ان الوجود المكثف لوحدات الجيش المصري في الشوارع والمناطق الحيوية بالبلاد، يؤكد اصرار المجلس العسكري على فرض شروطه، وليس التفاوض عليها.
وكانت جماعة الاخوان قد اصدرت بيانا قالت فيه ان المجلس العسكري هو الصانع لكل الأزمات الموجودة على الساحة من بنزين وسولار وانفلات أمني، وأنه بعد أن يقوم بفرضها يتدخل لحلها، ليظهر أنه المنقذ للبلاد.
وقال البيان إن المجلس وافق على تشكيل الاخوان للحكومة بشرط تعيين 10 وزارات تتضمن الوزارات السيادية، وهي الدفاع، والداخلية، والخارجية، والمالية والعدل، اضافة إلى نائبين لرئيس الوزراء، ووضع خاص به في الدستور. وقال البيان ان المجلس يلوح بالطعون على البرلمان، التي هي امام المحكمة الدستورية، ما يؤكد خضوع هذه المحكمة للعسكري.
وكانت المحكمة الدستورية قد اعتبرت بيان الاخوان خطيرا، ويشكك في نزاهتها واستقلالها، وسحبت مرشحها من اللجنة التاسيسية لاعلان الدستور.
وقال المستشار بالمحكمة الدستورية، علي غراب، لـ«الإمارات اليوم»، ان «الطعن في نزاهة المحكمة الدستورية، وهي الرقيبة على دستورية القوانين والاحكام، يشكل بداية حقيقية للفوضى في مصر، مشددا على ان هذه المحكمة قامت بحل البرلمان في عهد مبارك، واحتفظت باستقلالها طوال الوقت ولا يجب الزج بها في لعبة السياسة».
من جهته، اعترف القيادي بحزب الحرية والعدالة، محمد البلتاجي، بان جماعة الاخوان ارتكبت اخطاء عدة، وعليها الاعتراف بها، مشيرا الى استعداد حزبه لفتح حوار مع القوى السياسية الممثلة في البرلمان، والاتفاق على تشكيل جديد للجنة اعداد الدستور، وقال إن انقاذ البلاد يتطلب حوارا عاجلا مع الجميع.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news