الخطة تغلق الباب أمام التدخل الخارجـي فــي سورية

التزام سورية بخطة أنان ستراقبه الأمم المتحدة. رويترز

خلال الأزمة السورية التي دخلت شهرها الـ،13 وعد الرئيس بشار الاسد مراراً وتكراراً بوضع حد لأعمال العنف، ففي بواكير هذا العام خيب آمال جامعة الدول العربية في ايجاد حل للمشكلة، عندما أمر قواته بقصف المدن، مثلما حدث لحمص، ثالت اكبر مدن البلاد، لترتفع حصيلة القتلى الى اكثر من 9000 قتيل، ثم حامت الشكوك حول موافقة الاسد على خطة مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سورية، كوفي أنان.

وعلى الرغم من ان للشكوك ما يبررها في ما يتعلق بمدى نجاح هذه الخطة، إلا ان ما ينعش الآمال هو أن الاسد ليس الشخص الوحيد الذي يوقع على تلك الخطة، وانما ايضا حلفاؤه الروس والصينيون والايرانيون، مع تردد المعارضة المتمثلة في المجلس الوطني السوري.

كما ان هذه الخطة لها أسنان، على الرغم من انها تبدو خجولة مقارنة بالجهود السابقة للجامعة العربية التي اشترطت تنحي الاسد عن منصبه، إذ سعى الامين العام السابق للامم المتحدة خلال زيارته الصين وموسكو إلى نيل رضا كل من بكين وموسكو، اللتين كانتا حتى ذلك الوقت ترفضان قبول أي شيء تشتمّ من ورائه رائحة التدخل الخارجي في سورية، واستطاع من خلال زيارته اقناعهما بقبول مساندة اتجاه لا يفتح الباب على مصراعيه أمام هذا الخيار (التدخل الخارجي) حتى ولو باحتمال ضئيل للغاية.

معظم جوانب خطة أنان تؤكد مطالب الجامعة العربية المتمثلة في سحب القوات من جميع المدن، واطلاق سراح السجناء السياسيين والتفاوض مع المعارضة، إلا ان التزام الاسد بالخطة ستراقبه الامم المتحدة بدلاً من الجامعة العربية التي لم يعد الاسد يخشى سلطتها، وهذا يعني بالتالي احتمال تدخل الامم المتحدة في الامر، واجماعاً عالمياً على مثل هذا التدخل اذا ما فشل الاسد في الالتزام بالخطة.

وكما تنص الخطة، فإن وقف اطلاق النار لساعتين في اليوم بين الجيش السوري وقوات المعارضة يعني السماح بدخول المساعدات الانسانية التي يمكن ان تنقذ ارواح المدنيين، وتوفير الطعام والادوية التي تعتبر شحيحة في الاجزاء المحاصرة من البلاد، وبين اكثر من 200 ألف من المهجرين عن مدنهم وقراهم.

وعلى الرغم من ذلك، فمن الصعب تبديد الشكوك كلياً، إذ يعتبر البعض ان هذا الحل بمثابة اسعافات اولية بدلاً من حل طويل الاجل، كما وصفه احد المحللين السوريين، حيث يعتقد هذا المحلل ان الاسد، الذي قضى على 50 متظاهراً خلال اعلان خطة أنان، لا يتورع من التنصل عن أي وعد ملزم له بالتخلي عن العنف، لان قواته اذا ما انسحبت من المدن فسيملأ طوفان المعارضين له الساحات هاتفين بسقوطه.

وبغض النظر عما إذا كان الاسد سيفي بعهوده أم لا، فإن الصياغة الغامضة للخطة تسمح للنظام بالالتفاف عليها، وتجعل المجلس الوطني السوري مترددا في القبول بها، واصراره على تنحي الاسد شرطا للحوار، كما ان النظام يبدو من خلال الخطة اكثر اعتدالاً من المعارضة، عندما ادعى أن الاستراتيجية الرئيسة لخصومه هي «تسليح العصابات» التابعة للجيش السوري الحر.

ويحذر احد الدبلوماسيين في الامم المتحدة من ان «هذه الخطة لا تشير الى تقدم في موقف الروس»، ولهذا السبب فإنهم (الروس) سيعرضون حلاً حتى ولو فشلت الخطة، وأن «التدخل الخارجي لن يكون أحد تلك الخيارات».

وحتى الآن فإن جميع الأشياء لا تبدو مشرقة امام الاسد، فقد اتفق معارضوه في مدينة اسطنبول التركية، على الرغم من اختلافهم كالعادة، على التوحد خلف المجلس الوطني السوريو وذلك قبيل انعقاد التجمع الثاني لأصدقاء سورية في الاول من ابريل الجاري (اليوم)، وهو عبارة عن منتدى يتألف من المنشقين السوريين والدبلوماسيين العرب والمعارضين الغربيين للنظام السوري.

ويبدو ان المجلس الوطني السوري يلعب دوراً اكثر عقلانية في عدم رفضه خطة الامم المتحدة الرامية الى ايجاد تسوية للازمة السورية وافشال فرص الاسد.

وفي هذه الاثناء تتزايد الضغوط على الاسد من جميع الجهات، حيث صارت تركيا احدث دولة تغلق سفارتها في دمشق، ووعد القادة الاتراك والاميركيون بإرسال اجهزة اتصال للمعارضة الداخلية، التي صارت تتوحد اكثر بعد الاعتداءات الشرسة التي تعرضت لها في الشهور الماضية.

تويتر