تسارع تدفـق اللاجئين السوريين مع اقتراب انتهاء مهــلة أنان
أمسك رجل الإطفاء السوري أحمد زقزق ببطنه بينما كان يرقد في مستشفى تركي وظهره ينزف من جرح ناجم عن شظية أصيب بها خلال قصف بلدة صغيرة في محافظة إدلب القريبة.
وزقزق واحد من آلاف اللاجئين الذين فروا من البلدات والقرى التي يقولون انها تعرضت لنيران الدبابات والمدفعية في هجوم متواصل من جانب قوات الرئيس السوري بشار الاسد قبيل الموعد النهائي للحكومة كي توقف إطلاق النار الذي ينقضي في 10 ابريل الجاري.
وقال الرجل البالغ من العمر 45 عاما وهو يلهث ويصرخ ألماً من جروحه «لست قلقا من الجروح التي أستطيع رؤيتها، أنا خائف من ان يكون هناك نزيف داخلي، أعمل في الانقاذ وأنا اعرف (أني قد أتعرض للمخاطر)، يا بشار الاسد أنت لم تستثن أحداً».
ومع امتلاء عنبر الجراحة قفز طبيب بين سبعة جرحى سوريين آخرين في قسم الطوارئ، ودوت ابواق سيارات الاسعاف، ووصل عدد أكبر من المصابين نقلهم مهربون ومقاتلون من الجيش السوري الحر عبر الاراضي الوعرة الى الجانب الآخر من الحدود.
ويقول المسؤولون الاتراك إن أكثر من 2800 سوري فروا الى تركيا من محافظة إدلب التي كانت بؤرة العمل العسكري يوم الخميس الماضي، وهو ما يمثل زيادة كبيرة على مستوى تدفق اللاجئين الذي كان يقل بصورة كبيرة عن آلاف خلال معظم الايام السابقة.
وخرج زقزق في ساعة مبكرة من صباح الخميس من مدينته حلب المركز التجاري لسورية الى قرية كللي في ادلب، لينقذ ابنته البالغة من العمر 20 عاماً عندما سمع ان الجيش يقصف المنطقة، وخطوط الهاتف مقطوعة منذ اسابيع.
وقال زقزق «وصلت الى هناك وبدأت طائرات الهليكوبتر في قصف الشوارع بالرشاشات، هربت من سيارتي وساعدني شاب يركب دراجة نارية، ركبت معه ورأينا دبابة امامنا، اطلقت قذيفة في اتجاهنا وقتل على الفور». وأضاف «لم استطع ان اميز كللي، فالطرق كانت مليئة بالانقاص، والقذائف كانت تسقط في كل مكان».
وروى لاجئ يدعى محمد خطيب انه أتى من كستاناز وهي بلدة سورية يسكنها 20 ألف نسمة حكاية مماثلة، وقال «الجيش يدمر المباني ويقصفها الى ان تتفحم». وقال ناشطون سوريون في مخيمات اللاجئين إن معظم الوافدين الجدد عبروا من كللي ومناطق أخرى في شرق ادلب وشمالها.
وحوّل التدفق بلدة الريحانية التركية الصغيرة الى مركز للاجئين.
والرحلة خطرة، فنهر العاصي الذي يعبر الحدود يشتهر بتياراته القوية، ويمكن رؤية خيام الجيش السوري منصوبة وسط المزارع الخصبة على الجانب الآخر من الحدود.
وقال ناشطو المعارضة السورية، إن اربعة لاجئين قتلوا بالرصاص لدى محاولتهم عبور النهر الاسبوع الماضي وغرق صبي عمره 16 عاماً. واضافوا ان الجيش السوري اطلق النار على البراميل التي تستخدم قوارب مؤقتة تسحب بالحبال، ما أدى الى غرقها.
وقال محمد حجازي الذي انتخب ممثلا للاجئين في مخيم بوينيوجون أحد المخيمات العديدة التي اقامتها السلطات التركية على الحدود مباشرة «خلف الخيام توجد مواقع رشاشات الجيش، اذا ترك الاسد الناس يهربون فستجدون مئات الآلاف من الناس هنا».
وأضاف حجازي في اشارة الى خطة السلام التي طرحها مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سورية كوفي أنان «في كل مرة يمنح فيها النظام مهلة تكون كارثة، الاسد يفسرها على انها رخصة لقتل بلا هوادة، الاسد يريد ابلاغ السوريين ألا تقولوا لا مرة أخرى».
وأبلغ اللاجئون والنشطاء عن سقوط مئات القتلى والجرحى جراء القصف في الايام القليلة الماضـية بينهـم 120 شخـصا قتلوا في الـ48 ساعة الماضية في تفتناز بإدلب التي اقتحمتها 50 دبابة ومركبة مدرعة.
وقال ايمن شلح الذي يمتلك نشاطا في هندسة الديكور وأصيب من خصره الى اسفل برصاصات وشظايا «حاصرتني نيران دبابة وسط تفتناز بعدما قمت بزيارات لإخراج اقاربي، الطبيب خدرني لمرحلة لم استطع عندها الشعور بشيء». وتنص خطة أنان التي وافقت عليها دمشق على ان توقف القوات السورية العمليات وتنسحب من المدن والبلدات بحلول 10 ابريل الجاري. ويتعين على قوات المعارضة عندئذ ان توقف إطلاق النار خلال 48 ساعة.
وقال أنان يوم الخميس، إن دمشق أبلغته ان انسحاب القوات جار من ادلب والزبداني ودرعا، لكن مقيما في الزبداني قرب الحدود اللبنانية قال انه ليس هناك انسحاب كبير.
وقال رجل ذكر ان اسمه ابومصطفى بالهاتف «هم كاذبون تماماً، فلا يوجد انسحاب للجيش فهم لايزالون في وسط المدينة، اطلقوا النار على المدينة هذا الصباح مثلما يفعلون كل يوم». واظهرت اللقطات المنشورة على موقع «يوتيوب» دخانا يتصاعد جراء إطلاق وابل من قذائف المدفعية على حزانو وهي بلدة أخرى في ادلب يفر منها اللاجئون ايضاً.
وقال عبدالرحيم الرازي الذي أصيب في صدره في بلدته صرمين «إذا لم يستسلم المنشقون فسيسوون القرية كلها بالأرض»، وقضى ستة أيام للوصول الى تركيا.