يعرف تفاصيل استثمارات النظام السابق في الصحراء الإفريقية.. ويتحكم في 7 مليارات دولار
الحكومة الليبية تبحث عن بشير صالح كاتم أسرار القذافي
تبدي الحكومة الليبية هذه الأيام اهتماماً كبيراً باقتفاء آثار بشير صالح بشير أحد أقرب مستشاري الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وكاتم أسراره واكثر مستشاريه حظوة ونفوذاً. ولا تتوقف أهمية بشير هنا فقط بل يحمل مفتاح الأموال الليبية المفقودة والتي تقدر بالمليارات.
وتود الحكومة من خلال معرفة مكان بشير وهو مدير مكتب القذافي والوصول اليه الاهتداء الى الكثير من أسرار القذافي المالية، منها معرفة مصير سبعة مليارات دولار كان مسؤولاً عن إدارتها.
لطالما كان بشير يحظى بثقة القذافي الذي أرسله ليطوف نيابة عنه عموم القارة الإفريقية ومناطق أخرى من العالم، حيث كان عينه الساهرة على استثماراته وأرصدته التي تقدر بالمليارات، وكان يتنقل ما بين الفنادق الفاخرة وقصور الرئاسية من خلال عمله وسيطاً بين القيادة الليبية وجهات عدة في القارة الإفريقية وفرنسا.
وبعيد سقوط القذافي بوقت قصير، اختفى بشير وهو المدير السابق للصندوق الليبي - الإفريقي للاستثمار، حيث يتردد أنه الآن في إفريقيا، بينما يقول فريق إنه يعيش متخفياً في العاصمة الفرنسية باريس تحت حماية حلفاء ومساعدين متنفذين.
واستناداً الى بعض كبار المسؤولين الليبيين، فإن العثور على بشير قد يساعد أيضا في الحصول على إجابات عن أسئلة في شأن العلاقة بين نظام القذافي والمؤسسة الحاكمة في فرنسا. ويقول المصرفي الليبي عبدالحميد الجدي الذي يعمل حاليا مع الحكومة الليبية الجديدة عن اهمية بشير والمعلومات التي بحوزته «ليس لدي ربع المعلومات التي لدى هذا الرجل، فهو الشخص الوحيد في ليبيا الذي يعرف كل تفاصيل الاستثمارات الليبية في إفريقيا ونحن في أمسّ الحاجة إليه لمعرفة مصير الارصدة الليبية التي تم تبديدها واهدارها في عهد القذافي».
ومن بين المهام التي قام بها بشير (66 عاما) استثمارات بمليارات الدولارات من عائدات النفط الليبي في دول جنوب الصحراء الافريقية الكبرى. كما انفق بشير مبالغ طائلة من تلك العائدات على افراد اسرة القذافي وفي شراء الفنادق ومناجم المصادر المعدنية والمساهمة في شركات كبيرة بمفرده دون الخضوع الى أي رقابة أو تدقيق، حتى وصف مسؤولون وخبراء ليبيون تلك الاستثمارات بأنها الاكبر والاضخم التي يديرها فرد في قارة افريقيا .
كما ان الصندوق الاستثماري الذي كان يديره بشير كانت له استثمارات كبيرة في دول تتسم بقلة الشفافية مثل روسيا البيضاء وأوكرانيا وذلك طبقاً لما قاله دبلوماسيون غربيون، بينما يقول مسؤولون في هيئة الاستثمارات الليبية إنهم يفتقرون الى وثائق عن الاستثمارات الليبية.
وفي هذا السياق يقول احد المسؤولين في الهيئة «ليس للهيئة أي سلطة على ما كان يتم استثماره وحجم المبالغ او أماكن الاستثمار، ولم يكن أحد ليجرؤ على ان يتوجه الى القذافي وبشير وفريقه لسؤالهم ماذا يفعلون او عن كيفية استثمار تلك الاموال». ويضيف مسؤولون ليبيون ان من الضروري للغاية الحصول على تلك الاصول المالية الليبية بسرعة، لأن بعض الدول الافريقية بدأت في فضح وكشف ملابسات الاتفاقات الاستثمارية مع نظام القذافي بينما باشرت دول أخرى الغاء تلك الاتفاقات وانكار التزاماتها بموجبها. واتهم بعض هؤلاء المسؤولين زامبيا بالاستيلاء على حصة ليبيا في شركة الهاتف المحمول الوطنية فيها «زامتل»، زاعمة وقوع مخالفات منذ البداية في إجراءات ترسية العطاءات.
ويقول وزير الشؤون الخارجية الليبي عاشور بن خيال «تحاول دول مثل زامبيا الاستفادة من حالة الفوضى واخفاء بشير متجاهلة ان هذه الاموال هي للشعب الليبي وليس للقذافي». وترددت معلومات في ديسمبر الماضي ان بشير كان في النيجر وحصل على جواز سفرها، بينما أصر رجل اعمال فرنسي يعرفه منذ أكثر من 10 سنوات على ان بشير كان يعيش متخفيا في باريس متمتعا بحماية رجال أعمال وتجار متنفذين كانت لهم صفقات معه في الماضي.
من جانبه قال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه «من المحتمل ان يكون بشير في فرنسا ولكن لا يمكنني تأكيد ذلك وما يمكنني قوله هو ان وزارة الخارجية ليست لها صلة به». وخلال الحرب التي استمرت ثمانية اشهر لإسقاط القذافي كان يمكن مشاهدة بشير في جزيرة جربة التونسية محاطاً بحراسه الذي يرتدون جاكيتات من الجلد والمزودين بسيارات مرسيدس فارهة.
وطبقاً لدبلوماسيين غربيين فإنه شوهد يعقد اجتماعات مع رجال أعمال وتجار، ما اثار شكوكا قوية في انه كان يسعى لتجنيد مسلحين ومقاتلين للقتال في صفوف قوات القذافي، وابرام صفقات اسلحة لتعزيز تلك القوات. وفي الاسابيع التي تلت انهيار نظام القذافي قالت وسائل الاعلام الرسمية الليبية انه تم احتجاز بشير من ميليشيات الثوار المعارضين للقذافي في بلدة زنتان الجبلية قبل اختفائه ثانية.
ويضيف المصرفي الجدي انه تم تهريب بشير الى فرنسا بسب ما تردد من ان لديه معلومات عن طبيعة العلاقة المثيرة للجدل بين القذافي والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي انكر بشدة ما رددته وسائل الاعلام الفرنسية عن أنه تلقى دعما ماليا من القذافي لتمويل حملته الانتخابية في .2007 وقد دأبت السلطات الليبية في الاسابيع الاخيرة على التأكيد على وجود كبار الشخصيات في النظام الليبي السابق مثل عبدالله السنوسي رئيس جهاز الاستخبارات الموجود في موريتانيا في مصر ولكن هذه السلطات لا تبدو متأكدة من مكان وجود بشير.
ويبدو أن هناك اتفاقا ضمنيا وصامتا بين الجانبين الليبي والفرنسي بعدم تتبع الليبيين لآثار بشير الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة في 22 ابريل الجاري. ويقول العضو في المجلس الوطني الانتقالي الليبي ذياب «أعتقد ان الفرنسيين ساعدوا على تهريب بشير الى فرنسا التي توفر له الحماية. وان رجلا يسيطر على سبعة مليارات دولار يمكن شراء الحماية التي يريدها». بدوره يقول وزير الشؤون الخارجية بن خيال «ان تسليم الليبيين المطلوبين لما لديهم من أسرار سياسية وأمنية وعسكرية ومالية يعتمد على السلطات الليبية أكثر مما يعتمد عليهم أو على الدول التي تؤويهم وتحتضنهم».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news