الانتخابات الرئاسية المصرية تحولت إلى «كوميديا من الأخطاء»
تحولت الانتخابات الرئاسية المصرية إلى «كوميديا الأخطاء»، مع احتمال وقوع نتائج مأساوية، إذ إن المسألة لم تتوقف على منافسة بين من هو المرشح الأفضل بنظر الناخبين لقيادة مصر عبر مرحلة انتقالية قد تكون صعبة، وإنما تحول الامر إلى حرب الإرادات بين «الاخوان المسلمين» والمجلس الاعلى للقوات المسلحة. وقام هؤلاء الخصوم الطبيعيون بتجميع بعضهم خلال العام الماضي في مسعى منهم لتهميش شباب الثورة الذين لعبوا الدور الحاسم في الاطاحة بالنظام السابق، لكن التوترات بينهما حولتهم الى «أعداء» أي اصدقاء وأعداء. وكانت هذه العملية واضحة بصورة محددة خلال الاسابيع القليلة الماضية بالنظر الى تداخل مصالحهما، ولكن متى وكيف تكشفت هذه العلاقة تماماً فإنه أمر حاسم بالنسبة لمستقبل مصر، والانتخابات الرئاسية عنصر اساسي في هذا الكشف.
وفي 31 مارس الماضي قام «الاخوان المسلمون» باتخاذ موقف معاكس تماما لما اعتادوا على التصريح به منذ الاطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك، وأعلنوا المشاركة بمرشح للرئاسة المصرية. وكان الاخوان المسلمون قد ادعوا لأكثر من عام أنهم لن يرشحوا احداً لرئاسة الجمهورية، وربما فعلوا ذلك لتطمين الطبقة السياسية المصرية إلى أنهم غير مهتمين بالسيطرة على السلطة كما فعل الحزب الوطني وهو حزب مبارك. والسبب الاكثر منطقية الذي يفسر خطوة «الاخوان» هو حصول تفاهم بينهم وبين المجلس العسكري الاعلى حول تقاسم السلطة، حيث يحصل «الاخوان» على الحقائب الوزارية المحلية، في حين يحصل المجلس العسكري على الامن والسياسة الخارجية، وذلك بعد تنصيب رئيس ضعيف، ويتعامل بود مع الطرفين.
ولكن «الاخوان» أظهروا المزيد من الثقة بالنفس والقلق معاً، وفي الوقت الذي شهد الاخوان دعما واسعا من الشعب المصري، بدأوا يفقدون الثقة بأن المجلس العسكري لن يمتثل للاتفاقية. وفي نهاية المطاف، قرر قادة الاخوان أنه من دون دستور جديد ودون ضمانة بأن سلطة الرئيس سيتم تحجيمها، فإن الجماعة ستخوض منافسة الرئاسة. وبالطبع فإن المحاكم ألغت اللجنة التي كانت مكلفة بكتابة الدستور والتي سيطر عليها الاخوان والاسلاميون الآخرون، الامر الذي اعطى إشارة إلى أن قلق الاخوان المسلمين له ما يبرره. وإضافة لما سبق، وفي مشهد مثير قرر نائب الرئيس السابق اللواء عمر سليمان ان يقدم اوراق ترشيحه قبل نحو ساعة من انتهاء المدة المحددة للترشيح. ويعتبر سليمان من رموز النظام السابق، لكن بخلاف معاوني مبارك الآخرين الذين تم اعتقالهم، فقد ظهرت إشارات عدة إلى احتمال دعم العسكر لسليمان، بما فيها مرافقته من قبل عسكريين عندما قدم أوراق ترشحه. وعلى الرغم من ان المجلس العسكري نفى أن يكون سليمان مرشحا له، إلا ان التوقيت يوحي بأن ترشيح هذا الرجل يعتبر اشارات الى «الاخوان المسلمين». ولكن «كوميديا الاخطاء» تتواصل. وكشف نقاد المرشح حازم صلاح أبوإسماعيل، وهو يمثل السلفيين، ومعاد صراحة للأميركيين، أخيراً، أن أمه كانت تحمل الجنسية الاميركية قبل وفاتها عام ،2008 وأنها ربما سجلت للتصويت بولاية كاليفورنيا الاميركية. وبموجب قانون الانتخابات المصري الصارم، فإن هذا الرجل يعتبر غير مؤهل للمشاركة في منافسات الانتخابات الرئاسية. ومن المحتمل أن يكون مرشح الاخوان ومنظرهم السياسي خيرت الشاطر غير مؤهل هو الآخر أيضاً، استناداً الى ارتكابه جنحة خلال فترة حكم مبارك.
والمأساة أن هذه المناورات يمكن ألا تؤدي الى شيء، فالاقتصاد المصري يعاني، كما أن أحداً من المرشحين ليس لديه برنامج حقيقي أو رؤية لإنقاذ الاقتصاد مستقبلاً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news