ناشطون يلمّحون إلى أن الخطوة قد تكون مفتعلة من «العسكري»
فرحة مصرية بوقف تصدير الغاز لإسرائيل
تحولت أنظار المصريين مرة أخرى إلى إسرائيل، بعد ان غرقوا في الشأن الداخلي، وأحدث قرار إلغاء تصدير الغاز للكيان الصهيوني دوياً هائلاً في المشهد السياسي المصري، لا يقل عن دوي التفجيرات الـ14 لخط الغاز التي قام بها غاضبون على مد العدو بالطافة والكهرباء منذ قيام الثورة في 25 يناير ،2011 وبينما لقي القرار ترحيباً هائلاً عند البعض، باعتباره انجازاً لاحد مطالب الثورة المصرية وطالبوا بمد غزة المحاصرة بالغاز، حذر باحثون وناشطون من المبالغة في الفرح، باعتبار ان المجلس العسكري الحاكم يصنع ازمة للبقاء في السلطة.
وأكد الناشط من جبهة ثوار سيناء سلطان العربي أن «القرار يضمن خروج شبه الجزيرة المصرية من حالة الانفلات الامني التي سادتها بعد الثورة ويعيد إليها استقرارها المفقود». وقال العربي لـ«الإمارات اليوم»، إن «ابناء سيناء عانوا كثيراً نتيجة الاستحكامات الامنية المبالغ فيها التي تقوم بها الاجهزة الامنية لحراسة الخط الناقل للغاز»، مشيراً الى أن «المساحات المحيطة بالخط تحولت الى مناطق امنية لا يجوز الاقتراب منها»، موضحاً أن «الاستحكامات الامنية قابلها اصرار على تفجير الخط الذي يمنع ابناء سيناء من حرية الحركة في مناطقهم».
وطالب العربي السلطات المصرية بتوصيل الغاز لجميع انحاء سيناء ولأبناء غزة المحاصرين، معتبراً ان مد الصهاينة بالطاقة وحرمان ابناء الشعب الفلسطيني منها كان جريمة وكابوساً طارد ابناء الشعب المصري طوال السنوات الماضية.
وكانت شركة أمبال أميركان إسرائيل وهي شريك في شركة غاز شرق المتوسط، التي تدير خط الأنابيب أكدت أن مصر أخطرتها بإلغاء اتفاق الغاز. وقالت الشركة في بيان لها إن شركة غاز شرق المتوسط تعتبر الإلغاء غير قانوني، مطالبة بالتراجع عن القرار، مضيفة «أنها وأمبال ومساهمين أجانب آخرين يدرسون خياراتهم وطعونهم القانونية ويخاطبون مختلف الحكومات ذات الصلة».
من جهته، اعتبر رئيس الهيئة العامة المصرية للبترول المهندس هاني ضاحي أن «قرار إلغاء تصدير الغاز للجانب الإسرائيلي هو قرار تجاري بحت ولا علاقة له بأي جانب سياسي».
وأضاف ضاحي أن «إلغاء التعاقد مع شركة البحر المتوسط للغاز، وهي الشركة التي تتولى تصدير الغاز إلى إسرائيل جاء لعدم التزامها بسداد المستحقات المالية القديمة منذ شهور لمصلحة الجانب المصري». وأوضح ضاحي أنه «تمت مطالبة الجانب الإسرائيلي أكثر من مرة ليقوم بدفع المستحقات المتأخرة عليه وهو ما يفعله، ولذا تم اتخاذ كل الأطر القانونية التي تضع مصر في منأى عن أي تعويضات مالية نتيجة القرار».
وأكد الخبير البترولي إبراهيم زهران، لـ«الإمارات اليوم»، أن «اسرائل امتنعت عن دفع مستحقات مصر لأكثر من عامين وهو ما يعني ان اسرائيل لا تحصل على الغاز المصري بأسعار زهيدة فقط، لكنها تحصل عليه مجاناً». وقال إن «ايقاف تصدير الغاز لإسرائيل وإلغاء التعاقد معها جاء بسبب تجاري وليس سياسياً»، مشدداً على «عدم وجود حقوق قانونية لإسرائيل في تعويضات لأن التصدير لم يكن ضمن معاهدة ولا اتفاقات دولية، انما بين شركتين خاصتين». وقال إن «مصر اوقفت تصدير الغاز لشركة رجل الاعمال الهارب حسين سالم وهو الذي اوقف تصدير الغاز إلى إسرائيل».
وكانت الفرحة قد سادت الشارع المصري عقب قرار هيئة البترول بوقف تصدير الغاز لاسرائيل. وقال الناشط في حركة (لا لتصدير الغاز لإسرائيل) شريف الدمياطي، إن «القرار جاء بعد جهود الشعب المصري الذي لم يتوحد كما توحد في قضية الغاز». وقال الدمياطي لـ«الإمارات اليوم»، إن «القضاء المصري اصدر العديد من الاحكام التي اعتبرت تصدير الغاز للعدو الاسرائيلي جريمة، لكن الثورة هي التي نجحت في اجبار السلطة على ذلك»، مشيراً الى إن «عمليات تفجير خط الغاز وجدت تأييداً من المصريين كافة، على الرغم من سلمية الثورة وكراهية الشعب المصري للعنف».
وقال منسق حملة «لا لبيع الغاز للكيان الصهيوني»، السفير إبراهيم يسري إن «وقف تصدير الغاز لو كان إلغاءً كاملاً للاتفاقية وليس مجرد وقف لإنقاذ سمعة العسكر، يستحق ان نقبل ايدي من اصدروا قراره». وأوضح يسري أن «السبب في الوقف حتى الآن هو تسويات مالية، في إشارة إلى عدم دفع الشركة المستوردة مستحقات مصر منذ عام 2010 »، وهو ما اعتبره (بشاعة ) تضاف إلى جريمة التصدير».
وقال على حسابه الخاص إن «جريمة تصدير الغاز أصبحت أكثر بشاعة ولن يتحملها العسكر بعد أزمات البوتاجاز والخبز، لأن جريمة التبرع إلى إسرائيل بـ 10 ملايين دولار يومياً أصبحت مع الأزمات والفقر أكثر بشاعة ولا تحتمل»، كما وجه دعوته إلى «الشعب البطل والثوار للدفاع عن ثورتنا وإهداء إسرائيل 10 ملايين دولار من دم مصر يومياً».
من جانبه، قال عضو الكنيسيت الإسرائيلي الحالي ووزير البنية التحتية السابق بنيامين بن أليعاز، الذي وقع اتفاقية الغاز مع مصر خلال توليه الوزارة، إن إلغاء الاتفاقية مؤشر آخر إلى أن صراعاً بين القاهرة وتل أبيب ممكن.
ووصفت اسرائيل القرار بأنه خطوة غير قانونية، وقال موقع الجيش الاسرائيلي، إن مصر طالبت إسرائيل بأن تغير اتفاق توريد الغاز وإن مصر طالبت بزيادة إيراداتها من 90 مليون دولار في السنة إلى 290 مليون دولار واعتبر المسؤولون الاسرائيليون أن شركات الطاقة المصرية لم يكن بإمكانها أن تلغي الاتفاقية من دون دعم الحكومة.
وقال نائب البرلمان المهندس حمدي الفخراني، أحد أصحاب دعاوى فسخ اتفاقية بيع الغاز المصري لإسرائيل، إن إسرائيل لا تملك الحق في التعويض او اللجوء الى التحكيم الدولي، موضحاً لـ«الإمارات اليوم»، أن «هناك فريقاً من رجال القانون الذين يحسبون على النظام السابق يستخدمون فزاعة التعويض لإفساد فرحة المصريين بالقرار»، موضحاً ان «القانون الدولي لا يحمي العقود التي شابها فساد».
وقال إن القضاء المصري اصدر احكاماً عدة بفساد الطرف الرئيس في الاتفاق وهو رجل الاعمال الهارب في اسبانيا حسين سالم، اضافة الى احكام فسخ العقد التي صدرت من القضاء الاداري وهو ما يضمن سلامة الموقف المصري.
وشدد الخبير في العقود الدولية المحامي عادل عبدالقادر، على أن مصر كسبت كثيراً بفسخ العقد، مشيراً الى أن الخسائر المصرية بلغت 150 مليار دولار منذ توقيع الاتفاق عام 2005 نتيجة بيع الغاز بأقل من دولار للمتر، في الوقت الذي يراوح سعره بين ستة وتسعة دولارات، وقال إنه في أسوأ الأحوال إذا قامت إسرائيل برفع قضية امام التحكيم الدولي وكسبتها، فإن ما تدفعه لن يتجاوز الـ100 مليون دولار.
وكانت الاحزاب السياسية وائتلافات الثورة والحركات السياسية قد تسابقت في اعلان تأييدها وسعادتها بوقف تصدير الغاز لاسرائيل، وطالب حزب النور السلفي بمراجعة جميع الاتفاقات مع اسرائيل في البرلمان المصري.
من جهة اخرى، حذر الناشط وعضو ائتلاف الثورة خالد ثروت، من المبالغة في الفرحة بالخطوة، وقال لـ«الإمارات اليوم» إن «القرار بسبب عدم دفع اسرائيل المستحقات المصرية، وإن المجلس العسكري يمكن ان يتراجع عن القرار حال دفع الاموال»، مشيراً الى سيناريو يتم تداوله بقوة بين شباب الثورة وهو افتعال المجلس العسكري للازمة مع اسرائيل قبيل الانتخابات حتى تقوم الدولة الصهيونية باحتلال بضعة كيلومترات من سيناء». وتابع مع احتلال اسرائيل لسيناء أو جزء منها سيرفع المجلس العسكري شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ويتم اجهاض الثورة المصرية وتدمير العملية الديمقراطية، وقال في افضل الظروف سيحدث في ازمة الغاز ما حدث في أزمة التمويل الخارجي.
يذكر أن اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل وقعتها الحكومة المصرية عام 2005 مع إسرائيل وتقضي بتصدير 1.7 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز الطبيعي لإسرائيل لمدة 20 عاماً، بثمن يراوح بين 70 سنتاً و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية، بينما يصل سعر الكلفة 2.65 دولار، كما حصلت شركة الغاز الإسرائيلية على إعفاء ضريبي من الحكومة المصرية لمدة ثلاث سنوات من عام 2005 إلى عام .2008
وقد أثارت هذه الاتفاقية حملة احتجاجات كبيرة دفعت عدداً كبيراً من نواب مجلس الشعب المصري إلى الاحتجاج وتقديم طلبات إحاطة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news