انقسام «صحافي» بين غزة ورام الله
لايزال الانقسام الفلسطيني الداخلي يعصف بحياة الفلسطينيين على الصعد كافة، فكما توجد في فلسطين حكومتان، أصبحت هناك نقابتان للصحافيين، إذ أسفرت الأزمة الأخيرة التي عصفت بنقابة الصحافيين الفلسطينيين عن تقسيمها إلى نقابتين على غرار الحكومتين، واحدة في الضفة الغربية وأخرى في قطاع غزة.
فلم يتمكن الصحافيون في غزة ورام الله من إجراء انتخابات موحدة لنقابة تجمع الكل الصحافي، فذهبت الكتل الصحافية التابعة لحركتي «فتح» والمقاومة الاسلامية (حماس) لتبادل الاتهامات، وبقيت الخلافات قائمة رغم الكثير من المحاولات لتقريب وجهات النظر، خلافات أفضت بذهاب رام الله إلى انتخابات قاطعتها الكتل الصحافية التابعة لحركتي «حماس» والجهاد الإسلامي بمشاركة صحافيين من غزة بواسطة التصويت الالكتروني بتاريخ 9-10 من شهر مارس الماضي، بينما ذهبت غزة الى انتخابات في ظل غياب الكتل الصحافية التي تمثل فتح وفصائل منظمة التحرير بتاريخ 18 مارس الماضي.
يقول رئيس منتدى الإعلاميين الفلسطينيين وعضو نقابة الصحافيين في غزة عماد الإفرنجي لـ«الإمارات اليوم»، إن «أزمة نقابة الصحافيين عمرها يقارب الـ15 عاما، ومن يتحمل سبب هذه الأزمة هو من استأثر بقرار النقابة، وعمل من أجل مصالحه الشخصية والفئوية، وأهدر مقدرات وإمكانية نقابة الصحافيين وأموالها ولا يريد شراكة مع الآخر».
ويضيف «نقابة الصحافيين السابقة عمقت أزمة النقابة من خلال مسرحية الانتخابات التي تمت في عام ،2010 دون مشاركة الصحافيين في غزة، ومن ثم بعد ذلك المسرحية الجديدة التي تمت بداية مارس الماضي».
ويتابع الإفرنجي قوله «نحن الآن في ظروف استثنائية من العمل الصحافي في غزة والضفة، فعلى الجميع في النقابتين أن يعمل من أجل مصلحة الصحافيين، فإذا قامت كل جهة برعاية حقوق الصحافيين وحمايتها سنشكل درعا واقية لهم».
ويبين رئيس منتدى الإعلاميين الفلسطينيين أن إعادة توحيد نقابة الصحافيين تتطلب إرادة سياسية وشعبية، وتشكيل مجلس أعلى للإعلام في فلسطين، وسن قوانين ناظمة للإعلام أيضا.
من جهة أخرى، يقول نقيب الصحافيين الفلسطينيين في رام الله عبدالناصر النجار لـ«الإمارات اليوم»، إن «ما حدث في نقابة الصحافيين الفلسطينيين هي ليست أزمة عصفت بها بقدر ما هي محاولة من مجموعة حاولت أن يكون لها جسم خاص بها على قاعدة الانقسام ومحاولة للاحتماء بما هو موجود في غزة».
ويوضح أن 85٪ من الجسم الصحافي الحقيقي موحد وتمثله نقابة الصحافيين التي انتخبها صحافيون من غزة والضفة الغربية، ومعترف بها فلسطينيا وعربيا ودوليا، وحاصلة على ترخيص لتمثيل الصحافيين الفلسطينيين.
ويشير إلى أن نقابة الصحافيين في رام الله امتداد في غزة من حيث تمثيل الهيئة العامة وأعضاء الهيئة الإدارية للنقابة، لافتا إلى أن النقابة التي شكلت في غزة لا يوجد لديها أي امتداد في الضفة الغربية.
ويقول نقيب الصحافيين الفلسطينيين في رام الله« قمنا بإعلان أسماء الهيئة العامة التي شاركت في انتخابات نقابة الصحافيين، وأعلنا أسماء أعضاء الهيئة الإدارية في غزة والضفة، أما النقابة التي شكلت في غزة فلم تنشر حتى الآن أسماء الهيئة العامة التي شاركت في الانتخابات، فمن القانوني أن يتم إعلان أسماء الهيئة العامة التي يتم الطعن والاعتراض والموافقة على أعضائها ولكن هم لم يعلنوا عن ذلك».
ويضيف «الكتلة الصحافية التي سيطرت على مقر النقابة في غزة كان مطلبها هو فتح باب العضوية أمام الصحافيين، ونحن استجبنا لهذا المطلب الذي هو كان ادعاء بأننا لم نفتح باب العضوية، لكن واضح أن هناك قرارا داخليا للانفراد بمقر نقابة الصحافيين، ففي الوقت الذي أعلنت في النقابة عن فتح باب العضوية للصحافيين استعدادا لانتخابات جديدة، اقتحمت مجموعة تابعة لحماس مقر نقابة الصحافيين في غزة، أكتوبر الماضي، وسيطرت عليه بعد أن تم إخراج أعضاء النقابة منه».
ويُلقي الانقسام الذي طال نقابة الصحافيين بظلاله على كثير من الصحافيين الذي يتطلعون للوحدة، خصوصا من قاطع تلك الانتخابات التي أجريت في رام الله وغزة، إذ إن الكثبر منهم يرون أنه من الصعب الحديث عن الحريات الصحافية في غزة ورام الله بعد الانقسام الذي شق الجسم الصحافي الذي ينقل صورة الحقائق في الأراضي الفلسطينية إلى العالم.
ويقول المصور الصحافي مجدي فتحي الذي لم يشارك في انتخابات نقابة الصحافيين التي أجريت في رام الله وغزة، إن واقع «الجسم الصحافي بدلا من أن يكون جسرا للوحدة والمصالحة وتقريب وجهات النظر، بات مرآة تعكس روح الانقسام، وتكرس الحزبية بين جموع الصحافيين».
ويضيف «هذا الانقسام دفع مجموعة كبيرة من الصحافيين لمقاطعة الانتخابات التي جرت في رام الله وغزة، وأصبحوا بلا نقابة تقودهم وتحميهم، ما يزيد من الصعوبات التي تواجههم في ظل الاستهداف الإسرائيلي لهم وهم ينقلون الحقائق للعالم».
من جهة أخرى يقول عميد كلية الإعلام في جامعة الأقصى بغزة أحمد حماد إن «انعكاسات الانقسام السياسي أثرت في مضامين الحياة في غزة والضفة الغربية، ومنها نقابة الصحافيين الفلسطينيين، لكن المجتمع الصحافي العربي والدولي يعترف بنقابة الصحافيين في رام الله التي تشكلت من صحافيين في الضفة الغربية وغزة».
ويوضح أن الحل الأمثل لحل أزمة نقابة الصحافيين هو إعادة توحيد كل الجهود في غزة والضفة الغربية، وتوحيد الكل الصحافي بمشاركة كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني في شطري الوطن.