جدل بسبب مقال عن كراهية الرجل العربي للمرأة
انطلق جدل مستفيض عبر العالم العربي عندما ظهر مقال يدعي بأن رجال العرب «يكرهون» النساء العربيات، ويدور هذا الزعم حول خضوع النساء في بلدان مثل مصر والمغرب والمملكة العربية السعودية لسطوة الرجال. وانقسمت النساء بحدة حول مقال ظهر بعنوان «لماذا يكرهوننا» كتبته الصحافية الأميركية - المصرية منى الطحاوي، الذي يضرب على وتر «كراهية النساء في الشرق الأوسط»، ويصل الى ذروته بقوله «ليس لدينا حرية والسبب هو انهم يكرهوننا.. نعم يكرهوننا علينا أن نؤكد ذلك».
ليست الطحاوي وحدها من تعتقد أن الثورة جاءت وذهبت ولم تفعل سوى القليل لنساء العرب، فالصورة الماثلة للعيان هي ان مقاعد البرلمان المصري الـ500 لا تضم سوى خمس نساء، وليس هناك امرأة واحدة مرشحة لرئاسة الجمهورية، ولايزال العنف المنزلي والزواج القسري وختان الاناث يشكل القدر الأكبر من الوضع الراهن عبر منطقة تضم 20 دولة و350 مليون نسمة.
وذكرت الطحاوي في مجلة فروين بولسي، انه «على الرغم من كل هذه الثورات يعتقد الجميع أن الامر يسير جيداً طالما ان النساء يتغطين ويحبسن في المنازل ويتم حرمانهن من ادنى نوع من التحرك باستخدام سياراتهن الخاصة، ويضطررن للحصول على إذن من ازواجهن للسفر، ولا يستطعن الزواج من دون مباركة اولياء الأمور او الطلاق من دون موافقتهم». وتمضي قائلة إنه «ينبغي تدمير ذلك النظام السياسي والاقتصادي الحالي- الذي يعامل نصف البشر كحيوانات- جنباً الى جنب مع أولئك الطغاة الذين يخنقون مستقبل المنطقة، ولن تبدأ ثورتنا الا بعد ان ينتقل الغضب من المضطهدين بكسر الطاء- في القصور الرئاسية الى المضطهدين-بفتح الطاء- في شوارعنا ومنازلنا».
وأدرجت الطحاوي قصصاً وبيانات مستمدة من التجربة دعمت بها خطبتها تلك المسهبة، إذ تدعي بأن 90٪ من النساء المتزوجات في مصر «تعرضن للختان باسم العفة»، وأنه ليس هناك دولة عربية واحدة من بين الـ100 دولة في العالم التي تم تصنيفها أخيراً، على انها تساوي بين الجنسين، وأن النساء السعوديات تتم محاكمتهن بتهمة قيادة السيارات، بيد ان نساء كثيرات في العالم العربي يعترضن على الشجب العام الذي ساقته الطحاوي على الرجال.
وتقول المؤلفة والصحافية اللبنانية جمانة حداد «أتفق مع ما قالته، الا ان عليها الاعتراف بأن الرجال ليسوا هم من يكره النساء، لكن بعض من يتكلمون باسم الدين».
وتضيف الباحثة في قضايا الصحة التابعة للمبادرة المصرية لحقوق المرأة، داليا عبدالحميد «نبالغ عندما نقول إن الرجال العرب يكرهون النساء العربيات، لأن ذلك من شأنه ان يظهرنا بمظهر من يحتاج الى انقاذ، لا اريد من احد ان ينقذني لأنني لست ضحية، ولا يمكننا ان نضع جميع النساء المصريات في فئة واحدة، دعك عن جميع النساء في الدول الاخرى من العالم العربي، فمشكلتي مثلا ليست مثل مشكلة المرأة الريفية في صعيد مصر».
الناشطة السياسية سارة نجيب تقول «من الخطأ بأمانة ان نتساءل ما اذا كان الرجال العرب يكرهون النساء العربيات؟ لأن ذلك يتساوى مع قولنا إن جميع المسلمين ارهابيون، وإن جميع اليهود اشرار، وإن الحلم الاميركي لايزال حياً».
المحاضرة التونسية لينا بن مهنا، التي ترشحت العام الماضي لجائزة نوبل للسلام تقول «يبدو لي ان هذه المقالة وضعت عن طريق الخطأ جميع الرجال في فئة واحدة، ومن وجهة نظري الخاصة، فإن المكانة التي احظى بها اليوم كمدونة مدافعة عن حقوق المرأة والمجموعات الاخرى يعود الفضل فيها لوالدي، الذي يعتبر اكثر دفاعاً عن حقوق المرأة مني». وتشير مهنا الى أن رجال تونس ونساءها يعملون جنباً الى جنب للدفاع عن حريات وحقوق المرأة، وتقول إن «الامثلة التي ساقتها منى واقعية بما فيه الكفاية، بيد انها تبالغ في جعل الكراهية سببا لمثل هذا التمييز، وعلينا ان نتمعن في جميع العوامل التاريخية والاجتماعية والسياسية التي تقف وراء ذلك فقد ضيقت الانظمة العربية كثيراً من آفاقنا ودمرت نظامنا التعليمي وحظرت النواحي الثقافية وأصبحت استراتيجيتها هي استقلال التجمعات لتوجيهها في اتجاه معين».
وفي بيروت اشارت حداد الى انه في الوقت الذي لا يستحق فيه الرجال كل هذا اللوم «فإن الكثير من النساء يدعمن هذه الفكرة السلبية عن حقوق المرأة: مثل مساندة النظام الأبوي، الخضوع والخنوع والاعتماد المالي على الرجل، وإن هناك الكثير من النساء اللاتي لا يعتقدن بأن النساء يلعبن دوراً مهماً في الأعمال او المطالبة بحقوقهن السياسية».
وعلى الرغم من صحة معظم ما ورد في مقال منى، فليس هناك شك في ان القانون اللبناني يعمل ضد المرأة في بعض الأحيان، إذ تقول النائبة البرلمانية اللبنانية، ستريدا جعجع «ليس هناك قانون يحمي المرأة من العنف المنزلي، اذ يستطيع الزوج ان يضرب زوجته ويغتصبها ايضاً، وليس هناك من يحميها منه». وتضيف «قبل شهرين اجزنا مشروع قانون يحرم ما يسمى بقتل الشرف، وقبل ذلك كان يستطيع الاب او الاخ قتل امرأة في العائلة اذا شك في انها تقابل رجلاً آخر، ولا يقضي في السجن اكثر من شهرين»، وتمضي قائلة «لقد تغير ذلك الآن الا ان التغيير في السلوك سيستغرق وقتـاً طويلاً».
البعض الآخر يقول ان النساء يمثلن جزءاً من المجموعات المضطهدة، ففي موضوع نشره موقع «كومنت از فري» هذا الاسبوع، علقت نسرين مالك قائلة «في مصر تخضع المرأة لاختبار عذريتها، وفي السودان تتعرض المرأة للجلد لأنها ترتدي بنطالاً، علينا ألا نقلل من القضايا التي تواجهها المرأة ولا محاولات النيل من مكانتها، لكن علينا ان نضع كل هذه القضايا في اطار عريض يحتاج الى اصلاح شامل، لا يمكن لأي أحد منا ان يضع مسألة عالمية ومعقدة مثل هذه في اطار النوع أو الجنس».
السينمائية المغربية ليلى مراكشي تعتقد أن عبارة «كراهية» لا تناسب الموقف لأن الكثير من الرجال العرب مضطهدون ايضاً.
قد تكون تونس من الناحية التاريخية اكثر ليبرالية من غيرها من دول العالم العربي حيال حقوق المرأة، الا ان البعض يخشى من تبدل الاحوال، على الرغم من ثورة العام الماضي. تقول المحاضرة بجامعة تونس، سلوى كاروي اونالي «تغيرت الامور فقط خلال اشهر قليلة، لا استطيع ارتداء التنانير القصيرة الآن في العمل او في المدينة الجامعية خوفاً من ان يهاجمني احدهم، ولا ارتدي الآن سوى البنطال، هذا التغيير في البيئة بدأ قبل عامين عندما بدأ يزداد عدد النساء اللاتي يرتدين الخمار».
الصحافية المغربية، نادية لامليلي تقول إن العالم العربي يحتاج الى ثورة ثقافية تعلم الناس كيفية تنشئة الصغار والطريقة التي يتم فيها الفصل بين الجنسين، «يبدو لي ان المشكلات التي تواجه المرأة العربية تنبع من انعدام الفهم بين الجنسين، الذي يعود الى حرمانهما من الاختلاط، ورغبة الانظمة العربية في جعل المجتمع مقسماً: الرجال في جانب والنساء في الجانب الآخر».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news