العباسية مسرحاً لصراع «العسكري» والتيار الإسلامي. رويترز

«عـض الأصـابع» يتـواصل بين «الإخوان» و«العسكري المصري»

اشتد الصراع بين المجلس العسكري الحاكم في مصر وممثلي التيار الإسلامي بالبرلمان المصري، بعد تعليق جلسات البرلمان، واعتراض اللجنة التشريعية على اتفاق المجلس مع عدد من الأحزاب لوضع معايير اللجنة التي ستضع دستوراً جديداً، وبينما ترددت موافقة المجلس على تكليف حكومة جديدة، قال عضو المجلس العسكري محسن الفنجري، إنه لا صحة لخبر تغيير الجنزوري وحكومته، فيما اعتبر مراقبون أحداث العباسية التي تصادم فيها الجيش مع انصار المرشح الرئاسي المستبعد حازم ابوإسماعيل مظهراً آخر لصراع العسكر والإخوان.

وكشف وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب صبحي صالح، لـ«الإمارات اليوم»، عن خلفيات جديدة لتعليق البرلمان جلساته جوهرها عدم احترام حكومة الجنزوري والوزراء للبرلمان، موضحاً أن «الوزراء وكبار المسؤولين في الحكومة يرفضون المثول امام المجلس ويرفضون تنفيذ توصياته». وقال إن «الحكومة الحالية مسؤولة بالسلب او الايجاب عن جميع الأزمات التي تضرب مصر بفعل فاعل»، موضحاً أن «جميع التحقيقات الاولية في شهداء بورسعيد وتفجيرات مستودعات السولار والبنزين في السويس وحرائق شركات العربي لانتاج الاجهزة الكهربائية وجميع الحرائق يقف خلفها فاعل متعمد، اما ان يكون حكومة الجنزوري او متواطئاً معها او هي غير راغبة او فاشلة في القبض عليه وتقديمه للعدالة، وهي في كل الاحوال مذنبة».

وقال صالح إن «البرلمان قدم كل الدعم للحكومة املاً في تنفيذ خريطة الطريق بإقامة مؤسسات الدولة، لكن حكومة الجنزوري تتعمد صنع الأزمات».

وفيما وصف بأنه اصرار على حالة الغموض والضبابية التي تضرب البلاد الآن، نفى عضو المجلس العسكري اللواء محسن الفنجري، وجود تعديل وزاري خلال الأيام المقبلة، وفي اشارة الى رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني الذي قال إن المشير طنطاوي ابلغه بالتعديل، قال الفنجري إن «الكتاتني هو ا لمسؤول عن كلامه»، مؤكداً أن «القوات المسلحة ملتزمة بتسليم السلطة في 30 يونيو المقبل».

ونفت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي الدكتورة فايزة أبوالنجا منع الوزراء من دخول مجلس الشعب، مؤكدة أن التواصل مستمر بين الحكومة والمجلس من أجل تجاوز هذه الأزمة، وقالت إن الحكومة مستمرة في العمل حتى آخر يوم في عمرها وفقاً للإعلان الدستوري.

من جهته، اعتبر عضو ائتلاف الثورة يوسف البحيري، أن «جماعة الاخوان تجني الآن حصاد قراءتها الخاطئة للعملية السياسية المصرية»، موضحاً أن «اطماع الجماعة في الهيمنة على السلطة وسرقة منجزات ثورة الشباب جعلاها تتواطأ مع عدوها التاريخي وهو المجلس العسكري في احداث ماسبيرو ومحمد محمود وبورسعيد، وهي الحوداث التي قُتل فيها عدد كبير من الثوار، لكن الجماعة وقفت مع الجاني ضد الضحية».

وتابع «كان أفراد (الاخوان) يظنون انهم يقدمون للمجلس خدماتهم، مقابل ترك البلاد لهم، لكن المجلس استخدم هذه التسهيلات للتخلص منهم وتشويه صورتهم في الشارع». وتابع «إنهم الآن يواجهون الناخبين الذين فشلوا في انهاء ازماتهم والمجلس العسكري الذي يلغم الارض تحت اقدامهم والقوى السياسية التي تشعر بخيانتهم وتريد الانتقام منهم». وقال البحيري إن «البلاد في حالة فوضى قانونية ودستورية وضبابية، لا يمكن معها معرفة مَن مع مَن، ومن ضد من، وهو ما ينبئ بموجة ثانية للثورة ستكون اكثر عنفاً ودموية».

واعتبر الناشط في حملة «كاذبون»، سمير المراكبي، أن «جماعة الاخوان انشغلت بالحصول على جزء من السلطة وتركت المجلس العسكري يقتل الثوار، باعتبارهم بلطجية». وقال المراكبي لـ«الإمارات اليوم»، إن «مصر مقبلة على صراع دموي وليس على استقرار، بسبب اصرار المجلس العسكري على البقاء في الحكم، واصرار جماعة الاخوان على الانفراد بالسلطة، باعتبارها حزب الاغلبية، محملاً جماعة الاخوان مسؤولية شق صف الثورة وفتح الطريق امام طموحات (العسكري)، التي لم تكتف بسيطرة حكومة الجنزوري على السلطة التنفيذية، لكنها توجه إهانات متتالية للبرلمان»، وقال إن «زمن التفاهم بين (العسكري) والجماعة انتهى بسبب اصرار الجماعة على الحصول على منصب الرئيس»، مؤكداً ان «العسكر يرغبون في رئيس ووزارات سيادية وترك الوزارات الخدمية فقط للإخوان والقوى الاخرى»، وقال المراكبي، إن «كل من الطرفين يحاول ان يثبت انه الاقوى، وأنه يحكم مصر الآن. وكان المجلس العسكري عرض على جماعة الاخوان تشكيل حكومة بشرط أن يكون للمجلس 10 وزارات سيادية، منها الدفاع والداخلية والخارجية والعدل والمالية والبترول والتعاون الدولي، ونائبان لرئيس الوزراء ، لكن الجماعة رفضت العرض وأعلنت أنها لن تكتفي بالوزارة وستحصل على مقعد الرئاسة». وقال الإعلامي عبدالله السناوي إن «البرلمان سيعود للانعقاد، وإن ما حدث مجرد لعبة واستعراض للقوة»، مؤكداً لـ«الإمارات اليوم»، أن «الجماعة ستقبل العروض لأنها لا تتحرك من منطلق ثوري، لكن فقط مساومات للحصول على مكاسب»، متمنياً «تشكيل الجماعة للحكومة في الوقت الحالي، حتى يعلم الشارع أنهم لا يملكون القدرة السياسية ولا التنفيذية على إدارة البلاد». وشدد نائب البرلمان حسن بكري، على ان الهدف من تعليق جلسات البرلمان، ليس اسقاط حكومة الجنزوري، لكن اعادة هيبة البرلمان وحفظ كرامته.

وقال لـ«الإمارات اليوم»، إن «قبول المجلس العسكري بتغيير عدد من الوزراء سيكون كافياً لنزع فتيل الازمة، وانهاء مرحلة عض الأصابع بين الاخوان والعسكري»، مشيراً الى ان «المجلس العسكري نجح في تحريك اعضاء برلمانيين ضد الاغلبية لاثبات انه يملك تعطيل البرلمان من الداخل، وهي خطوة جديدة يمكن ان تؤدي الى شلل أعمال البرلمان».

يذكر أن 82 نائباً رفضوا قرار الأغلبية بتعليق الجلسات، وقاموا بعقد جلسة موازية في قاعة أخرى، وهو ما اعتبر بداية لانتقال فوضى الشارع للمجلس التشريعي. وكان الإعلامي عماد اديب، قد اعتبر أن «الصراع بين المجلس العسكري والإخوان حتمي، وأكد انه لا يوجد ما يجمع الطرفين سوى هدنة انقضاض كل طرف على الآخر».

الأكثر مشاركة