إسرائــــــــيل تستغل أحداث سورية لتســـريع الاستيطان في الجولان
في الوقت الذي ينشغل النظام السوري بقمع الثورة الشعبية ضده المستمرة منذ 15 شهراً، صعّدت إسرائيل من وتيرة الاستيطان في الجولان المحتل، والذي يطال جميع المجالات السياحية والزراعية والاقتصادية والمصادر الطبيعية، حيث شرع الاحتلال في الإعلان عن حملات تسويقية لتشجيع الاستيطان في الجولان، وجلب المستوطنين والعائلات اليهودية.
وتشمل هذه الحملات توزيع أراض مجانية على اليهود، خصوصاً الشباب، وذلك من خلال تخصيص ما يقارب 200 قطعة أرض مجاناً بمساحة تصل إلى دونم واحد للقطعة الواحدة، ولم تتوقف حملات الاحتلال التسويقية لتسريع الاستيطان في الجولان عند هذا الحد، بل أعلن الاحتلال أن للمستوطنين حرية اختيار تصاميم البناء، إلى جانب الدعم الكامل من قبل الحكومة الإسرائيلية.
ويقول الباحث في المؤسسة العربية لحقوق الإنسان «المرصد» في الجولان المحتل سلمان فخر الدين، لـ«الإمارات اليوم»، إن برامج الاستيطان في الجولان لا تقوم على رد الفعل، وإنما هي عبارة عن مخططات تقوم على نية مبيتة، ولكن أحداث الثورة السورية دفعت إسرائيل لاستغلالها وتسريع الاستيطان في الجولان لعرقلة أي مفاوضات مقبلة من شأنها تقليص نفوذ الاحتلال في الجولان، فأحداث سورية سرعت وتيرة الاستيطان في الجولان بنسبة 20٪.
ويضيف، «يبقى القلق يسيطر على سكان الجولان بفعل ما يجري في سورية من أحداث دموية، فاستمرار هذه الأحداث لوقت غير معلوم سيدفع إسرائيل إلى استغلال انشغال النظام والعالم بهذه الأحداث، وتصعيد الاستيطان في الجولان».
ويشير فخر الدين إلى أن جميع المستوطنات في الجولان المحتل والبالغ عددها 33 مستوطنة لديها في الوقت الحالي مشروعات للتوسع الاستيطاني، إذ إن كل متر مربع تم إخلاؤه من السكان هو مشروع استيطاني.
ويوضح أن الحكومة الإسرائيلية تشجع وتغري المستوطنين للسكن في الجولان حيث الأجواء الخلابة والطبيعة الساحرة، إلى جانب تلقي الدعم والحصول على رواتب عالية، لافتا إلى أن مستوى دخل المستوطنين في الجولان هو أعلى معدل دخل، إذ يصل راتب المستوطن شهريا إلى10 آلاف دولار، كما أن أهم مهنة للعيش والتقاعد في إسرائيل هي الاستيطان.
استيطان زراعي
يعد قطاع الزراعة من أكثر القطاعات التي يعتمد عليها سكان الجولان في حياتهم، خصوصاً زراعة التفاح والكرز، وأمام ذلك يحاول الاحتلال السيطرة على الكثير من الأراضي الجديدة التي تم استصلاحها للزراعة وتحويلها لمصلحة المستوطنين، إلى جانب دعمهم اقتصادياً وتأمين مداخيلهم، في سبيل إضعاف قدرة المزارعين في الجولان على المواجهة، وتضييق الخناق عليهم، بحسب فخر الدين، الذي يقول إنه «منذ احتلال الجولان قامت إسرائيل باستغلال كل موارده من مياه وطبيعة لخدمة وتدريب الجيش أو لإقامة نقطة للمستوطنين، كما يستهدف المياه التي تعد من أهم مصادر الجولان، فموسم المطر السنوي بالجولان ينتج 80 مليون متر مكعب من المياه، حيث يحصل سكان الجولان على أقل من ثمانية ملايين متر مكعب، بينما يذهب البقية لمصلحة المستوطنين».
ويبلغ عدد سكان الجولان المحتل في الوقت الحالي 21 ألف نسمة، وهم بقايا ما تبقى من سكان الجولان الأصليين الذين تم تهجيرهم عام ،1967 حيث كان يبلغ عددهم 137 ألف نسمة، بينما دمر الاحتلال 140 قرية ومدينتين بشكل كامل، وأقام على أنقاضها 33 مستوطنة يسكنها أكثر من 20 ألف مستوطن.
استغلال الموارد
من جهة أخرى، يقول الناشط الاجتماعي في الجولان المحتل مجيد قضماني لـ«الإمارات اليوم»، إن ما يحدث داخل الوطن السوري ينعكس على سكان الجولان المحتل، فالاحتلال يسعى إلى تشويه انتماء الأقلية العربية السورية في الجولان إلى وطنهم سورية، لكن هذه المرة الأولى منذ احتلال الجولان نشهد نقلة نوعية لتفاعل الأقلية العربية مع ما يحدث داخل الوطن السوري، حيث تجاوز هذا التفاعل فكرة الانتماء مع الشعب السوري ليرتقي إلى مرحلة التماهي مع الشعب وثورته.
ويضيف أن إسرائيل ومن خلال ما تقوم بتسريبه في الإعلام، توحي للعالم بأن ما يحدث داخل سورية هو من مسببات تصاعد الاستيطان، كأنها باتت مطمئنة إلى أن ملف الجولان تأجل لسنوات مقبلة، ما يتيح لها تمرير مخططات الاستيطان، فهناك تسويقات إعلامية لتسريع الاستيطان تعبر عن آراء ورغبة قيادات وأحزاب إسرائيلية.
ويؤكد أن الوضع الحالي في الجولان غير مفهوم ولا يدفع للاستقرار، «فإسرائيل قد تستفيد من أحداث سورية في حال لم يتوصل الشعب السوري لمخرج وحل للأزمة الحالية».
ويشير إلى أن الاحتلال خلال الفترة الحالية يحاول استغلال كل موارد الجولان، فقد أصدر أوامر قبل أيام عدة للمباشرة في عملية التنقيب عن النفط في الجولان.