وسط أزمة اقتصادية انعكست على الاستقرار الاجتماعي والأمني
انتخابات الرئاسة لحظة فارقة في مستقبل مصر
بكثير من الترقب والاهتمام، ينتظر المصريون، ومعهم بقية العرب والعالم، الانتخابات الرئاسية المصرية التي يصفها كثير من المحللين السياسيين بأنها لحظة فارقة، ليست للمصريين فحسب، بل بالنسبة لمستقبل المنطقة ايضا.
فعلى نتائج هذه الانتخابات، وهي الأولى التي تتم على أساس تعددي وشفاف، منذ اكثر من 30 عاما، يتوقف مدى رغبة المصريين في بلورة نظام سياسي جديد، بدلا من النظام القديم المستبد، بقيادة الرئيس السابق حسني مبارك، الذي اطيح به في يناير 2011 الماضي.
كما أن الانتخابات الرئاسية المصرية التي ستحتاج ـ على الأرجح ـ إلى جولة إعادة منتصف يونيو المقبل، أثارت جدلا مطولا رسميا وشعبيا وإعلاميا في مصر، لاسيما أنه سبقها انتقال للسلطة، كان مشوشا وتخللته فترات من العنف.
ومنذ سقوط دكتاتورية مبارك عبر انتفاضة شعبية، قبل 15 شهرا، فإن الجنرالات، الذين ساعدوا على إخراجه من المسرح، ظلوا يراوغون لحماية امتيازاتهم، والتأكد من استمرار ميزانياتهم الضخمة، ومن أن إمبراطوريتهم الخاصة للأعمال التجارية لن تخضع للتدقيق من قبل عامة المصريين.
وخلال الفترة الماضية، بدا الإسلاميون ـ الذين فازوا بنصيب الأسد في انتخابات مجلس الشعب التي أجريت العام الماضي ـ متأرجحين في مواجهة الجيش والتواطؤ معه. وما يثير القلق أن السلطات الممنوحة للرئيس المصري المقبل لم تحدد بعد، مع تزايد الاعتقاد لدى البعض بأن المخاطر المقبلة على مصر كبيرة، إذ يتوجب على الرئيس المقبل أن يتعاون مع مجلس الشعب، للتأكد من سير العملية السياسية، طبقا للاصول الدستورية وتشكيل حكومة مستقرة.
وتعاني البلاد ـ منذ إطاحة نظام مبارك ـ صعوبات اقتصادية متزايدة تنعكس على الاستقرار الاجتماعي والأمني. وقررت المحكمة المصرية العليا، أخيرا، حل الجمعية التأسيسية التي شكلها الاسلاميون لوضع الدستور المصري الجديد، رغم تمثيلها الشكلي للاحزاب والقوى الممثلة في مجلس الشعب، لأن الجمعية لم تكن تجسد في تشكيلها مختلف أطياف وشرائح الشعب المصري، ولخلوها من تمثيل النساء والقوى الليبرالية والأقباط.
ومن الأهمية بمكان أن تبدو هذه الانتخابات حرة ونزيهة، فهناك العديد من المؤشرات إلى أنها ستكون كذلك بعد اكثر من ثلاثة عقود من الحكم الرئاسي الفردي، القائم على انتخابات تفتقر إلى تعدد المرشحين والشفافية.
في مؤشر يبعث على التشاؤم، أظهرت بعض استطلاعات الرأي تصدر المرشح أحمد شفيق، الذي عمل رئيسا للوزراء في عهد مبارك، ما أصابه بإحساس عال من «الفرعونية»، وقدر مبالغ فيه من الثقة بالنفس، ما أزعج كثيرا من المصريين الذين يعدونه من بقايا رموز النظام السابق. ويتوقع بعض المراقبين ان تستقر المواجهة النهائية بين الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، الذي عمل وزيرا للخارجية في عهد مبارك والمرشح الاسلامي المعتدل والمستقل عبدالمنعم أبوالفتوح. ويقول موسى إن هناك حاجة لخبرته لتجاوز هذه المرحلة الانتقالية الصعبة بما فيها من مشكلات والحفاظ على الوجه العلماني لمصر. ويتمتع أبوالفتوح ذو العقلية المنفتحة والميول الليبرالية والنزعة للحلول الوسطية والعملية بشعبية كبيرة، ليس في أوساط الشباب من حركة «الإخوان المسلمين» التي طردته من صفوف قياداتها وفصلته منها فحسب، وإنما بين شباب الشرائح العادية والعلمانية التي تبدي إعجابا متزايدا بما يطرحه من أفكار سياسية واجتماعية واقتصادية وغيرها. ومن خلال هذه الصورة وما يحمله الشباب المصري له من تصور، فإن أبوالفتوح قد يصبح النسخة المصرية من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الذي نجح حزبه الإسلامي في التعايش مع نظام علماني، متجذر في تركيا منذ أكثر من 100 عام، وربما كان هذا واحدا من الأسباب الرئيسة التي تقف وراء الخوف المتزايد من جانب «الإخوان المسلمين» من أبوالفتوح، وما يمثله من تحد لنفوذها المسيطر على الساحة المصرية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news