اليونان صاحبة تقليد تاريخي في «النقاشات العقيمة»
كشفت النقاشات الطويلة التي تجري في اليونان، منذ مطلع مايو، لتشكيل حكومة ائتلاف بعد الانتخابات التشريعية في السادس من مايو الجاري، التي لم تفضِ إلى اكثرية، عن تقليد سياسي تاريخي في صعوبة التفاهم.
ولأربعة ايام متتالية حاول الرئيس اليوناني كارولوس بابولياس (82 عاماً) اقناع المسؤولين السياسيين بوقف شجاراتهم والاتفاق لتفادي تنظيم انتخابات تشريعية جديدة في خضم ازمة اقتصادية.
ولم تفضِ جهوده الى نتيجة، بما ان انتخابات تشريعية جديدة ستنظم في 17 يونيو. الا انه كان هناك شفافية سياسية بعد نشر مضمون هذه اللقاءات.
وعوض ذلك عن غياب المداخلات التلفزيونية خلال الحملة الانتخابية الأولى قبل السادس من مايو بسبب عدم توصل الأحزاب الى ادنى مستوى توافق حول طريقة الحكم.
وقال العالم الاجتماعي في جامعة كريت، مانوليس اليكساكيس «النقاش الذي لم يحصل تم» بحضور الرئيس اليوناني. واضاف ان تسجيل المشاورات اكد الحفاظ على نوع من اللياقة.
وبحسب هذه التسجيلات عمد الزعيم الاشتراكي وزير المالية السابق، ايفانغيلوس فينيزيلوس، الى تقييم المناخ داخل منطقة اليورو.
وقال لمحاوريه «لا احد سيحذركم من ان منطقة اليورو على وشك الانهيار، او انه يتم وضع آلية في حال خروج بلد منها». واضاف ان «الأوروبيين يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر».
من جهته، قال زعيم حزب الديمقراطية الجديدة، انطونيس ساماراس«اعتقد ان على كل واحد منا ان يستعد لتسوية».
اما الكسيس تسيبراس (37 عاماً) الذي وصل حزبه سيريزا (يسار متشدد) في المرتبة الثانية، في اقتراع السادس من مايو بسبب استياء الناخبين من خطة التقشف، فقال «اننا ملتزمون حيال مليون ناخب صوتوا لنا، ليست هناك شرعية سياسية لمواصلة تطبيق برنامج التقشف» الذي فرضه الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي منذ عامين على اليونان.
وقال تسيبراس ان «الدواء أسوأ من الداء، وهذا يقتل الاقتصاد اليوناني».
وحاول الرئيس اليوناني مراراً ان يؤكد ان هذه النقاشات اساسية وملحة. وحذر لدى بدء الجولة الأخيرة من المشاورات من«اننا سنلقى تعاملاً صارماً اذا ما استمر عدم الاستقرار السياسي في التأثير سلباً في وضع» البلاد.
وقال «خلافاتنا تافهة امام حجم ديون البلاد» مذكراً محاوريه بأوضاع البلاد المالية وانهيار القطاع المصرفي ودعوات القادة الأوروبيين اليائسة للتوصل الى حل سياسي. واضاف في ظل غياب تفاهم في الأفق «أشعر بقلق كبير للمشكلات التي تواجهها بلادنا». واكد المسؤولون السياسيون الذين اجتمعوا مع بابولياس، ان اليونان بحاجة الى حكومة في اقرب فرصة، لكن كان لكل واحد منهم آراء حالت دون تشكيلها في نهاية المطاف.
والتوافق الوحيد كان في التصدي لحزب النازيين الجدد الذي دخل البرلمان بعد ان صوت له 440 الف ناخب، وحصل على 21 نائباً واستقبل زعيمه نيكوس ميهالولياكوس من قبل بابولياس المقاوم السابق للاحتلال النازي. وتطول النقاشات وغالباً ما تأخذ منحى سلبياً. وقال فينيزيلوس «لا اقبل دروساً لجراءا مفاوضات، توليت منصب وزير المالية لإنقاذ البلاد من الانهيار، تحملت عبئاً كبيراً واجريت نقاشات شاقة للغاية». كما دار حديث حاد بين انطونيس ساماراس وبانوس كامينوس.
وقال الأخير الذي ترك أخيراً صفوف حزب الديمقراطية الجديدة ويتزعم حزباً قومياً شعبوياً صغيراً «هل تريد ان تكون رئيساً للوزراء؟ هل ترغب في تولي هذا المنصب؟»، فأجابه رئيسه السابق «هذا آخر ما اريده». وقال بابولياس «لقد نفد صبري»، مضيفاً «لقد أنهينا النقاشات ولم نتوصل الى اي نتيجة».