الاحتلال ينوي تسليم «السلـطة» جثامين 100 شهيد من «مقابر الأرقام»
أم نادر تنتـظر جثمان ابنها منذ 44 عاماً
44 عاماً مضت والحاجة أم نادر تايه (85 عاماً)، من مدينة نابلس، لم تتوقف عن السؤال عن مصير جثمان ابنها الشهيد نادر تايه الذي تحتجزه إسرائيل منذ 21 ديسمبر 1968 في مقابر مغلقة يطلق عليها «مقابر قتلى العدو»، فيما يسميها الفلسطينيون «مقابر الأرقام»، فمنذ ذلك التاريخ وهي تنتظر لحظة العثور على جثمانه ووداعه، بعد أن حرمت منه وهو في العشرينات من عمره.
واليوم تجدد الأمل في قلب أم نادر بأن تعثر على جثمان ابنها، لاسيما أن الاحتلال الإسرائيلي أعلن نيته تسليم ما يقارب الـ100 جثمان لشهداء، محتجزة في مقابر الأرقام إلى السلطة الفلسطينية، فمنذ أن علمت أم نادر بهذا الإعلان لم تكفّ عن البكاء والسؤال في كل لحظة عن مصير جثمان ابنها. ويقول عزام تايه شقيق الشهيد نادر (52 عاما) لـ«الإمارات اليوم»: «كل يومين تسألني أمي ماذا حدث بخصوص جثمان شقيقي نادر، وهل تم العثور عليه، ومتى ستودع جثمانه، ومنذ أن عرفت عن تسليم إسرائيل جثامين شهداء مقابر الأرقام لم تكفّ عن البكاء، والسؤال في كل وقت، في انتظار أي خبر يتعلق بالعثور على جثمانه».
واستُشهد نادر تايه في اشتباك مع القوات الإسرائيلية في وادي القلط بمنطقة أغوار مدينة أريحا الفلسطينية، إذ كان ضمن صفوف ثوار حركة «فتح»، وبعد استشهاده هو ورفيقه مفيد بركات، نقل الاحتلال جثمانيهما بواسطة طائرة إلى منطقة المقاطعة حالياً في أريحا، ولم يعرف بعدها مصير جثمانه.
ويضيف شقيق الشهيد «منذ أن استشهد أخي، ونقل الاحتلال جثمانه هو ورفيقه، بدأنا نبحث عنه، ما شكل كابوسا لاحقنا حتى هذا اليوم، فقد توجهنا من نابلس إلى أريحا للبحث عنه، ومعظم السكان أكدوا أنهم شاهدوا الطائرة وهي تنقل جثمانه هو ورفيقه، ولكن الروايات كانت متضاربة، فهناك روايات تقول إن الاحتلال دفنهم في أماكن مغلقة، وروايات أخرى تقول إنه دفنهم في أريحا، حيث بحثنا في مقابر أريحا فترة طويلة، ولكن لم نستدل على شيء».
ويقول: «توجهت أمي إلى الاحتلال بعد استشهاد نادر، على مدار فترة طويلة، على أمل أن يخبروها عن مصير جثمانه، ولكنهم أنكروا علمهم بوجوده، كما توجهت إلى السجون الإسرائيلية للسؤال عن مصيره، ولكن النتيجة كانت واحدة».
ويوضح أن «إسرائيل تنكر وجود جثمان نادر، ونحن على يقين أنه محتجز لديها، إذ إن رفاقه أكدوا لنا أن الاحتلال أسر جثمانه، كما أن إسرائيل تعرف عن العملية التي خاضها شقيقي جيداً، لاسيما أن قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، الجنرال تسي عوفر، قُتل في العملية التي خاضها نادر».
فحص الـ «دي إن إيه»
وإن كان الاحتلال لم يعلن عن أسماء جثامين الشهداء الذين سيسلمهم للسلطة الفلسطينية، فإن الأمل يبقى قائما لدى الحاجة أم نادر، وإن كان ضعيفا، بأن يكون جثمان ابنها ضمن قائمة الجثامين الـ.100
ويقول شقيق الشهيد تايه: «يوجد 65 جثماناً معروفة أسماؤها وهوياتها لدى الاحتلال، وهناك 35 جثماناً مجهولة الهوية، ومن المحتمل أن نستدل على جثمان نادر حال كان الاحتلال قد وضع تاريخ الاستشهاد على قبره، فمن خلال ذلك ممكن أن نلجأ إلى فحص الحمض النووي (دي إن إيه)، على الرغم من أنه غير متوافر في الأراضي الفلسطينية، بل في الأردن وداخل إسرائيل، لكنه يبقى أملنا الوحيد في العثور على جثمان نادر، بعد 44 عاما من الانتظار».
من جهة أخرى، يقول مسؤول الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، سالم الخلة لـ«الإمارات اليوم»: «إن عددا كبيرا من جثامين الشهداء التي سيسلمها الاحتلال الى السلطة الفلسطينية هم من الذين استشهدوا على يد الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى المباركة التي اندلعت عام ،2000 إذ من المحتمل أن يتم تسليم الـ100 جثمان يوم الجمعة الأول من شهر يونيو 2012(غداً)».
جثامين محتجزة ومفقودة
أم نادر واحدة من بين مئات العائلات الفلسطينية التي تنتظر منذ عشرات السنين مصير أبنائها الشهداء الذين قتلهم الاحتلال الإسرائيلي، واحتجز جثامينهم في «مقابر الأرقام»، أو في ثلاجات الموتى، إذ تعرف القبور من خلال لوحات معدنية تحمل أرقاماً، فيما يخفي الاحتلال أسماء من يدفن بداخلها.
ويوضح الخلة، أن الاحتلال يحتجز 300 جثمان من جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب، الذين قتلهم أثناء مقاومتهم له، بعد أن احتل ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وأراضي عربية في يونيو ،1967 أو جراء اغتياله بعضهم، أو المدنيين الذين قتلهم وهم يلتحقون بعائلاتهم، فيما ارتقى بعضهم شهداء وهم أسرى داخل سجون المحتل، بالإضافة إلى 48 مفقوداً، والعشرات من الشهداء العرب والفلسطينيين من خارج الأراضي الفلسطينية.
وتقع مقابر الأرقام في مناطق عسكرية مغلقة، ويرفض الاحتلال الكشف عنها للتحقق من مدى مطابقتها الشروط الإنسانية والأخلاقية والصحية لدفن الموتى، فيما يمنع الأهالي من زيارة مقابر أحبائهم منعاً باتاً، كما أن أمر المنع هذا ينطبق على ذوي الشهداء المحتجزة جثامينهم في ثلاجات الموتى.
استرداد جثمانَي شهيدين
وكان مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان قد شكل حملة وطنية على مستوى الضفة الغربية وقطاع غزة عام ،2008 للمطالبة باسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب المحتجزة لدى الاحتلال، والكشف عن مصير المفقودين منذ عشرات السنين.
وتمكن المركز في شهر أغسطس 2010 من استرداد جثمان الشهيد مشهور العاروري بعد احتجاز جثمانه لأكثر من 34 عاماً، على الرغم من المماطلات والرفض من قبل المدّعي العام الإسرائيلي لطلبات الالتماس التي قدمها المركز، كما أفرج الاحتلال عن جثمان الشهيد حافظ أبوزنط في أكتوبر ،2011 والذي استشهد بتاريخ 18 مايو ،1976 خلال تنفيذه عملية فدائيّة للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في منطقة الجفتلك بالأغوار، رداً على قتل القوات الإسرائيلية الطالبة لينا النابلسي حينما كانت عائدة من مدرستها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news