شفيق ومرسي يختلفان في كل شيء إلا الاهتمام الأكاديمي بالطيران. رويترز

الحكم على مبارك يربك حسابات مرشحَي الرئاسة

ليس واضحاً كيف سيؤثر الحكم على الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، في فرص المرشح العلماني للرئاسة، أحمد شفيق، الذي يجد معارضوه صعوبة في الشرح كيف نجح المرشح الأكثر تماثلاً من الجميع مع النظام القديم في مصر، في نيل نحو ربع الاصوات في الانتخابات للرئاسة، والانتقال الى الجولة الثانية، الى معركة رأس برأس حيال مرشح الإخوان المسلمين، محمد مرسي.

وائل غنيم، الذي يعتبر قائد «جبهة الانترنت للثورة الشعبية»، رمز الجيل الشاب، المثقف والليبرالي العلماني في مصر، صرح بأنه سيعطي تأييده لمرسي، وأعلن أنه هو الذي يمثل الثورة في مصر، وبالتأكيد ليس شفيق. «انتصار شفيق سيكون فشلنا لانه سيثبت أننا لم ننجح في تربية الشعب»، قال غنيم في مقابلة الأسبوع الماضي. وانضم إليه في الأيام الاخيرة منذ نشرت نتائج الجولة الاولى الكثيرون من على صفحات «فيس بوك»، وكتبوا إن «انتخاب شفيق رئيسا سيكون جائزة للصهاينة. لن نبيع الثورة».

مشكلة شفيق، الطيار السابق الذي قاد على مدى ست سنوات سلاح الجو المصري، لا تكمن في ولايته الطويلة وزيراً للطيران المدني، أو في ولايته القصيرة رئيساً للوزراء أخيراً عينه مبارك. شفيق (71 عاماً)، الذي يحمل لقب الدكتور على «استراتيجية وطنية في الفضاء الخارجي»، مشبوه في أنه غارق عميقاً في قضايا فساد النظام السابق. في فبراير ،2011 قبل أسبوعين من رحيل مبارك عن كرسيه، نشر متظاهرون في ميدان التحرير منشوراً فيه قائمة أعمال الفساد هذه. وضمن اتهامات أخرى تقول إن شفيق أحاك عطاءات تتعلق بصناعة الطيران لمقربيه ومقربي الحكم، ومنح سوزان مبارك، عقيلة الرئيس السابق، ختماً مصرياً عتيقاً بقيمة 750 ألف جنيه مصري، دفع لقاءه من أموال وزارته.

وهذه مجرد بداية القائمة الطويلة والمفصلة. وبحسب المنشور، عين شفيق رفاقه من سلاح الجو المصري في وظائف عليا في الحكم، ودفع لهم رواتب عالية، صادق على انفاق سبعة ملايين جنيه لهايدي راسخ، زوجة علاء مبارك ولخديجة الجمل، زوجة جمال مبارك، في صالح المعرض الجوي في باريس. ويتضمن ملكه الشخصي ضمن أمور أخرى ثلاثة قصور في الحي الخامس في القاهرة، أحد الاحياء الاكثر فخامة في العاصمة المصرية، وشقة في باريس وبيت استجمام في المارينا، وبيتاً آخر في القاهرة، بجوار بيت رجل فاسد آخر، هو رئيس هيئة الرقابة الإدارية السابق هتلر طنطاوي (لا صلة له برئيس المجلس العسكري الاعلى المشير حسين طنطاوي).

شفيق، كما يدعي معارضوه، كان مشاركاً في محاولات مبارك توريث الحكم في مصر الى ابنه جمال، وليس أقل اهمية من ذلك، فانتخابه هو أمنية حكومة إسرائيل، التي ترى في شفيق ركنا مهما لمواصلة العلاقة مع النظام المقبل في مصر.

شفيق مقرب أيضاً من رجل الأعمال حسين سالم، الذي وقف على رأس الشركة التي باعت الغاز لاسرائيل، وهو مطلوب الآن للسلطات. ومع مثل هذا السجل، كيف يمكن ان يكون شفيق نال عدداً شبه مماثل من الاصوات للعدد الذي ناله مرسي في الجولة الاولى؟ غنيم يفضل الاشارة الى نصف الكأس المملوء، وبموجبه، فالإنجاز الحقيقي هو أن نصف الناخبين صوتوا لممثلي الثورة، الذين يعد مرسي واحداً منهم. تفسير آخر يقول ان الجمهور العلماني في مصر فضّل شفيق على (الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية) عمرو موسى، بسبب «الروح المتعالية» للأخير، وبسبب انقطاعه عن الجمهور، لكن هكذا أيضا شفيق، الذي امتنع عن طرح «برنامج جبد» واعتبر «رجل النخب المكروهة».

اذا كان ثمة شيء يربط بين مرسي( 61 عاماً) وشفيق، فانه يوجد بالذات في مجال اهتمامهما الاكاديمي. مرسي نال الدكتوراه عن رسالة في جامعة جنوب كاليفورنيا في مجال الدفاع عن محركات المركبات الفضائية، كما أنه قام ببحوث لوكالة الفضاء الاميركية (ناسا)، وعمل مدرساً في جامعة جنوب كاليفورنيا، ومن هناك واصل حياته الاكاديمية في جامعة الزقازيق في مصر. مرسي ليس الزعيم الكاريزماتي الذي اختارته حركة الاخوان المسلمين للرئاسة. في شهر ابريل الماضي الماضي فقط عندما تبين نهائياً أن زميله، رجل الاعمال اللامع خيرت الشاطر، لن يتمكن من التنافس على الرئاسة، بسبب قرار معلق ضده، قررت قيادة الاخوان تكليف مرسي بالمهمة.

خلافاً لشفيق الذي صرح بانه لا يرى في إسرائيل عدواً، فإن مرسي كان عضواً مؤسساً في اللجنة المصرية لمكافحة «المشروع الصهيوني». واليوم ايضا لايزال يستخدم تعبير «الكيان الصهيوني» بدلاً من اسرائيل. ومع ذلك، في الوقت نفسه، كان شريكاً ممثلاً للاخوان في حركات علمانية لتغيير النظام، في الهيئة السياسية التي اقامها المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية محمد البرادعي، ومثل كثيرين من زملائه هو ايضاً قضى فترة في السجن، بسبب نشاطه ضد نظام مبارك.

لكن مرسي، الذي حتى الآن لم تعلق به شائبة علنية من الفساد، يعتبر جزءاً من الجهاز المحافظ لحركة الاخوان حين خرج ضده في 2007 نشطاء الجيل الشاب من الحركة مطالبين بالاصلاح والتحول الديمقراطي في اتخاذ القرارات.

وأجرى مرسي في حينه لقاءات مع ممثلي المدونين من الشباب، حين شرح بانه وإن كان يعارض أن تقف امرأة على رأس الدولة، لكن في الوضع الذي كان قائما في حينه، حيث أن كل الصلاحيات هي بيد الرئيس لا مجال لولاية امرأة في هذا المنصب. في الايام الاخيرة غير ذوقه وأعلن في كل منصة ممكنة أن للمرأة حقوقا مساوية لحقوق الرجل، كما أوضح أنه لا يعارض ان يكون قبطيا رئيسا. هذا ايضاح نظري فقط، فهل الجمهور المصري سيفضل بعد أسبوعين الرجل الذي يساوي الملايين أم عالم الفضاء المتدين؟ بالنسبة لمبارك هذا لن يغير شيئا. بالنسبة له، النتائج باتت واضحة. وقال بحسب أحد حراسه «حتى لو أدار الرجلان (شفيق ومرسي) كشكاً لبيع السجائر فانهما سيحملانه الى الافلاس».

الأكثر مشاركة