أفكار غربية عن حل لحفظ ماء وجه الأسد

يدور الحديث في كواليس لندن وواشنطن وباريس عن خطة أميركية - بريطانية، تتحدث عن مساعٍ تُبذل لعقد قمة تحت رعاية الأمم المتحدة لمعالجة الأزمة في سورية، تتضمن عرضاً بمنح الحصانة للرئيس السوري بشار الأسد إذا انضم إلى محادثات تفضي إلى تخليه عن السلطة. واستناداً الى مطلعين على مضمون الخطة، فإن الأسد قد يحتل مقعداً في هذه القمة التي ستناقش بشكل أساسي وقف العنف ونزيف الدماء ونقل السلطة في سورية من نظام الأسد الى حكومة وقيادة انتقاليـة.

وقال محللون إن بريطانيا والولايات المتحدة بلورتا هذه الخطة التي ترتكز على جوهر صيغة الحل اليمني، بعد محادثات منفصلة أجراها كل من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الأميركي باراك أوباما مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأضاف هؤلاء أن المسؤولين في لندن وواشنطن لم يضعوا افكار الخطة وخطوطها، إلا بعد ان تلقوا من بوتين الإشارات الايجابية، ما شجعهم على ذلك كل على حدة، خلال مشاركة الزعماء الثلاثة في مؤتمر مجموعة الـ 20 في المكسيك أخيراً.

وتبدو بريطانيا والولايات المتحدة مستعدتين لتوفير مخرج للأسد، وحتى منحه العفو، كجزء من خطة ضغط دبلوماسي، ترمي إلى عقد مؤتمر في مدينة جنيف السويسرية، برعاية الأمم المتحدة لمناقشة المرحلة السياسية الانتقالية في سورية.

وطبقاً لمسؤول بريطاني رفيع المستوى «فإن من حضر اللقاءات الثنائية مع بوتين يخرج باعتقاد فحواه أن ما تسرب عن تلك اللقاءات يكفي لجعل الأمر يستحق بذل محاولة للتفاوض حول عملية انتقالية في سورية».

وطبقاً لتقرير صحافي، فإن وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، وفي ضوء نتائج محادثات بوتين مع كل من كاميرون وأوباما، ستسعى الى إقناع مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سورية كوفي أنان، بتغيير صيغة خطته ذات النقاط الست ومساعيه، لتشكيل «مجموعة اتصال بشأن سورية». ومن الأهمية بمكان أن نعيد إلى الاذهان ما اشار اليه بوتين في الايام الاخيرة من أن الروس ليسوا متمسكين ببقاء الأسد في السلطة إلى أجل غير مسمى، وإن الأمر يعود في نهاية المطاف إلى الشعب السوري.

كما ستحاول الوزيرة الأميركية إقناع أنان بضرورة العمل على خطة بديلة ترمي إلى استضافة مؤتمر دولي في جنيف تتم فيه دراسة عملية نقل السلطة في سورية، على غرار ما جرى في اليمن وفق المبادرة الخليجية التي أدت إلى تنحي الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح عن الحكم وتنازله لنائبه، الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي.

واستناداً الى صحيفة «الديلي تلغراف»، فإن الافكار البريطانية - الأميركية الجديدة تتضمن عرضاً بمنح الاسد الحصانة إذا شارك في محادثات تتناول تدابير عملية انتقالية في سورية تتضمن تخليه عن السلطة.

وتنقل الصحيفة عن مصدر بريطاني قوله «لقد أشار بوتين إلى أن الروس ليسوا متمسكين ببقاء الأسد في السلطة إلى أجل غير مسمى، وبالطبع مضوا إلى تكرار قولهم إن الأمر يعود في نهاية المطاف إلى المجتمع الدولي لكي يقرر».

ويأمل مسؤولون غربيون في تنظيم القمة المنتظرة بجنيف في غضون الأسابيع القليلة المقبلة ويمكن أن يحضرها الأسد أو أعضاء آخرون في نظامه، بالإضافة إلى ممثلين عن المعارضة السورية، والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، ولاعبين اقليميين مثل السعودية وتركيا وقطر. ويقول بعض السوريين إنهم يعتقدون أن بلادهم أصبحت في الآونة الاخيرة ملعباً لكرة القدم، وأن الدول الكبرى تلعب فيه كيفما تشاء.

وتأتي التقارير والمعلومات الصحافية عن الخطة الغربية بعد أن أن اعترف أوباما بفشله في تحقيق أي اختراق مع الرئيسين الروسي، والصيني هو جنتاو بشأن الازمة في سورية، وقوله «إن موسكو وبكين لم تنضما بعد الى أي خطة دولية ترمي إلى تنحية الأسد عن السلطة، وإن كانتا قد بدأتا تدركان الآن مخاطر اندلاع حرب أهلية شاملة في سورية».

وأضاف أوباما أن الأسد فقد شرعيته، وأنه في ظل العنف الدموي المتزايد في سورية، فإن من المتعذر تصور أي حل يبقيه في سدة الحكم في بلاده. من جانبه، نفى بوتين صحة ما نقل عنه أنه لم يعد يساند الاسد، وجدد التأكيد على أن بلاده ترى أن السوريين هم من يجب أن يقرروا وجوب بقاء الأسد في السلطة من عدمه. في السياق ذاته، أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أن روسيا تلعب دورها من أجل تحقيق العملية الانتقالية في روسيا بما يتضمن رحيل الأسد، مضيفاً أن الذين يذبحون شعبهم لا يمكن أن يشكلوا مستقبل سورية.

وطبقاً لمحللين في موسكو فإن الظروف لم تنضج بعد لنجاح أي خطة لانتقال السلطة في سورية على غرار ما حدث في اليمن، لأن كثيرين من خصوم الأسد غير مستعدين للتفاوض مع حكومته. فهل يبقى المجتمع الدولي مكتفياً بدور العاجز والمتفرج وهو يراقب نزيف الدماء التي تسيل بغزارة يومياً في سورية، بانتظار ان تنضج الظروف لتنحي الأسد وبدء عملية سياسية انتقالية في سورية؟