جدل حول حقــــوق المرأة المصرية بعد الثورة

مصريات يردنَ الحفاظ على مكتسبات ما قبل الثورة. إي.بي.إيه

فيما ابتهج الكثيرون في مصر بقدوم أول رئيس منتخب في تاريخ مصر الحديث، عبر آخرون عن قلقهم من هذا التحول الديمقراطي غير المسبوق.

ومن هؤلاء الموظفة في أحد المصارف المصرية، هديل الشيخ، التي فضلت البقاء في المنزل عندما كان الآلاف يحتفلون بفوز الدكتور محمد مرسي بالانتخابات الرئاسية، لأنها رأت في الانتصار «انتكاسة» لحقوق المرأة في مصر.

وعلى الرغم من الضمانات التي قدمها مرسي، إلا أن هديل (29 عاما)، تتخوف من أن تنتزع منها جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي، مكاسب حققتها المرأة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، خصوصا تلك المتعلقة بالطلاق والتحرش الجنسي، وأيضاً مسألة ختان البنات.

وتعتقد هديل أن بداية «الإخوان» في البرلمان ليست مشجعة، إذ اقترح نواب في الجماعة تعديل قانون الخلع الذي يجيز للمرأة الحصول على الطلاق من زوجها دون موافقته من أجل حماية «مؤسسة العائلة»، حسب تعبيرهم.

فيما طالب نواب سلفيون بخفض سن الزواج للفتيات. إلا أن النواب وسرعان ما تخلوا عن هذه المطالب أمام ردود فعل غاضبة من المنظمات النسوية والليبراليين.

وتقول رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، نهاد أبوالقمصان، «يجب ألا ننخدع، فـ(الإخوان) يقدمون أنفسهم على أنهم ليبراليون، في الوقت الذي يدفعون فيه السلفيين لتقديم مشروعات قوانين رجعية»، وتضيف أن «الإسلاميين قلقون من ارتفاع معدلات الطلاق، وهم مقنعون بأن حقوق المرأة تهدد التوازن الاجتماعي».

يذكر أن مصر، البلد المحافظ، تبنت خلال سنوات العقد الماضي قوانين صارمة ضد التحرش الجنسي وختان الفتيات، اللذين باتا يعاقب عنهما القانون، لتتعزز بذلك حقوق المرأة المصرية، التي لا يسمح لها بأن تتزوج إلا عند بلوغها سن الـ.18 كما تمت مراعاة حقوق الأمهات المطلقات في ما يخص الأبناء.

وفي هذا السياق، تضيف الناشطة الحقوقية أبوالقمصان، أنه «لم يكن مبارك يهتم بهذه المسائل بشكل خاص، وكان دائما يعتبرها مسألة قابلة للنقاش، شأنها شأن بقية المسائل الخلافية»، إلا أن أبوالقمصان ترى أن الرئيس المخلوع اهتم بحقوق المرأة نسبياً، نظرا لفشله في مجالات اخرى مثل حرية التعبير والحد من التعذيب.

وبعد أيام من وصولهم إلى مجلس الشعب، طالب نواب حزب العدالة والحرية، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بإلغاء مجلس حقوق المرأة، الذي أسسته سوزان مبارك عقيلة الرئيس المخلوع، لأنهم يرون فيه امتداداً للنظام السابق.

ومن جهته، حاول مرسي تطمين الرأي العام مصرحاً، بداية يونيو، بأن «هناك قوانين موجودة تحمي النساء ولا نية لتغييرها، سواء في ما يتعلق بالسن القانونية للزواج، أو الخلع، أو الختان». أما النائبة الإسلامية عزة الجرف، فترى أن «هذا الجدل حول حقوق المرأة هو ثمرة حملة منهجية قام بها النظام السابق، لجعل الناس يفقدون الثقة بجماعة الإخوان». ويذكر أن الجرف أصبحت مصدر إزعاج لدعاة حقوق المرأة، منذ أن أعلنت موافقة على مراجعة نصوص القوانين السبع التي تنظم بالزواج والطلاق وحضانة الأطفال، لأنها رأت أنها تمثل مصدر ضرر للمجتمع. وتوضح النائبة، أنه «في الواقع لم نقدم أي مشروع قانون في هذا الصدد، لأن الأولوية بالنسبة لنا حاليا هي تشجيع تحرير المرأة من خلال التطور الاقتصادي للبلاد». ولا يبدو هذا الكلام مقنعاً لكثير من معارضي الجرف. مثل العديد من الناشطات في مجال الحقوق النسوية، تعتقد هديل الشيخ أن الصعود الأخير للتيار الإسلامي يمارس ضغوطاً على المرأة المصرية لم تكن موجودة في السابق، «قبل خمس سنوات، كان البنك الذي أعمل فيه يمنع المحجبات من الاتصال المباشر مع العملاء»، حسب هديل، التي تضيف «واليوم، يتعين علي ارتداء لباس طويل للقضاء على نظرات المارة العدائية بشكل أو بآخر، وفي بعض الأحيان أواجه تهديدات». أما إيمان محمد (23 عاماً)، فتجسد وجهاً آخر للمرأة المصرية، فهي ترتدي الحجاب لكن بطريقة أنيقة، وتقول انها تحلم بأن تسير على خطى منى الشاذلي، مقدمة البرامج الحوارية الشهيرة، لأنها تحب «اللباس المحترم»، ولا تشعر إيمان بالقلق أو الخطر من صعود الإسلاميين ووصولهم إلى الحكم في مصر.

تويتر