صراع مؤسسات يهدد بتآكل الدولة المصرية
حذر ناشطون وقانونيون من انهيار الدولة المصرية وتآكل مؤسساتها بعد قرار الرئيس محمد مرسي إعادة البرلمان وإغفال حكم المحكمة الدستورية ببطلانه، وشكل الهجوم على مؤسستي القضاء والرئاسة، سابقة تنذر بفشل السلطتين التنفيذية والقضائية كما تفشل الآن سلطة «الداخلية» في حفظ الامن، ويتخوف خبراء من كسر هيبة القضاة، خصوصاً بعد الهجوم عليهم في الفضائيات والصحف بعد أن كان المساس بالقضاء جريمة يعاقب عليها القانون، واستخدمت اطراف النزاع في البلاد ألفاظاً يعاقب عليها القانون وتشكل وفقاً لرجال القانون جريمتي السب والقذف. وقال وكيل اللجنة الدستورية بالبرلمان المصري، محمد العمدة، إن مصر دخلت في فوضى قانونية ودستورية تهدد بانهيار مؤسساتها وتحولها الى دولة فاشلة. وأكد العمدة لـ«الإمارات اليوم» أن ما يحدث هو التنفيذ الثاني لخطة الفوضى التي أعلن عنها الرئيس المخلوع مبارك في خطابه الأخير قبل نجاح الثورة في 11 فبراير .2011
وأضاف ان «خطة الفوضى القانونية والدستورية بدأت بقيام المحكمة الدستورية بحل البرلمان كله رغم أن الطعن كان على الثلث فقط، وهو ما أفسد مبدأ الفصل بين السلطات من وجهة نظر البعض، وتسبب في تجرؤ الناس عليها وعلى قضاتها».
وتابع العمدة أن قيام إعلاميين بسب وشتم محمد مرسي، واتهامه بالعمالة من قبل رئيس نادي القضاة أحمد الزند، الذي اعتبر أن قرار وقف حل البرلمان جاء بإملاء أميركي مثل وجهاً إضافياً. وقال العمدة ان ما يحدث اليوم على الرغم من انه يعكس صراعاً على السلطة فإنه تحول الى دهس وتدمير لسلطات الدولة.
وكانت البلاد قد شهدت انقساماً حاداً بين أنصار مرسي الذين اعتبروا قراره بإعادة البرلمان استعادة لصلاحياته، وبين الفريق الآخر الذي اعتبر القرار بداية لتدمير موسسة القضاء الراسخة وخطوة نحو «اخونة» الدولة، أي تحويلها لدولة إخوان مسلمين لا دولة كل المصريين، والهيمنة عليها.
في الطرف المقابل، قال الناشط والمحامي سيد عبدالغفار، «إن مصر في خطر حقيقي وأزمة تهدد بالفعل بفشل الدولة والتحول للفوضى والعنف».
وأوضح عبدالغفار لـ«الإمارات اليوم»، أن انصار حزب الحرية والعدالة احتلوا مقر محكمة القضاء الإداري الثلاثاءالماضي، وقاموا بالاعتداء على عدد من نواب البرلمان الذين طالبوا بحله، وطاردوا النواب حتى تم تهريبهم من البوابة الخلفية من المحكمة. وتابع «كان هناك اكثر من 5000 من جماعة الإخوان وأنصار مرسي يرهبون القضاء الإداري ويعتدون على المخالفين لهم في الرأي داخل قاعة المحكمة، ولم تستطع الشرطة إنقاذهم، لأن رجال الأمن الآن عاجزون وخائفون ولا يستطيعون حماية أحد».
وأشار عبدالغفار إلى قيام متظاهرين بالبصق على صور رئيس نادي القضاة وضربها بالأحذية أمام الكاميرات وهو ما يعني انهيار سلطة وهيبة القضاء، محذرا من تحول هذه الافعال الى أعمال عنف موسعة يتم فيه الاعتداء على المحاكم وإحراقها بالضبط كما حدث مع أقسام الشرطة. وأضح ان انهيار جهاز الشرطة بشكل كامل سيؤدي حتماً الى انهيار بقية أجهزة الدولة، خصوصاً مع استمرار الصدام الحاد بين أنصار الرئيس وأنصار سيادة القانون وقدسية أحكام القضاء.
من جهته، اعتبر العميد السابق بالبحث الجنائي حسين إبراهيم، أن الصراع على السلطة بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان وصل الى مراحله الأخيرة التي يستخدم فيها كل طرف أدواته وأنصاره بكل قوة ضد الطرف الآخر، وقال ان الصراع غامض يشير الى تعاون أحياناً وإلى كسر عظام في احيان اخرى، مشدداً على أن هناك اتفاقاً في ما يبدو على أن يلعب كل طرف بأوراقه، ولكن دون أن يؤدي ذلك إلى تفجير البلاد.