لعبة الخداع والمراوغة تتواصل بين إيران وإسرائيل
لعبة شدّ الحبل المميتة من الخداع والمراوغة، مستمرة بين إسرائيل وإيران حول البرنامج النووي الايراني، ورغبة إسرائيل الجامحة في تدميره. وها هي اسرائيل تقرع طبول الحرب مجدداً على لسان صحافيين من ذوي الاطلاع الحسن، وهما ناحوم برنيع وشيمون شيفر، اللذان قالا إن «الضربة الإسرائيلية لإيران ستتم خلال أسابيع وليس شهوراً، وقبل انتخابات الرئاسة الأميركية».
وكان يمكن أن تكون هذه التوقعات صحيحة لو كان اتخاذ القرار بيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير حربه إيهود باراك، لكنه ليس كذلك.
ويبدو أن حماسة نتنياهو وباراك لضربة جوية ضد إيران قد وحد المؤسسة الأمنية والعسكرية معهما، كما أن الحكومة الاسرائيلية المصغرة ودوائر أخرى بحاجة الى إقناع من أجل أن تدعم تصوراتهما.
ومن نقاط ضعف تصّور باراك أنه إذا ضربت إيران فهو يعتقد أنها ستتحلى بضبط النفس ولن تقصف الأهداف الأميركية في الخليج، وما قد يعنيه هذا من خطر اندلاع حرب في المنطقة، ولكن إذا كان هذا هو الحال ألا يناقض هذا ما يفترض عن إيران من أنها دولة غير عقلانية، ما يجعل خطرها النووي كبيراً، ويبرر ضربة استباقية ضد طهران؟
وإذا كان باراك على صواب فإن الردع هو الأفضل لتجنب تدمير البلدين بعضهما بعضاً حال امتلاك إيران سلاحاً نووياً، علماً بأن إسرائيل تملك كميات كبيرة منه. وربما كان يدور الحديث بصوت عالٍ عن ضربة جوية تهدف إلى ليّ ذراع واشنطن، وإذا كان الحال كذلك فسيكون هذا سبباً لتقوية معارضة الرئيس الأميركي باراك أوباما للضربة الإسرائيلية، لأنه سيستنتج أن نتنياهو يمارس ألعابه السياسية لا في بلده فحسب بل في الولايات المتحدة أيضاً، ما يجعل أوباما بحاجة ماسة وعاجلة الى تغطية ظهره، والتأكد من ان الضربة الاسرائيلية لإيران لن تتم.
وطبقاً لأحدث تقديرات الاستخبارات الاميركية ومعلوماتها فإن لدى طهران حاليا 170 كغم من اليورانيوم المخصب بشكل متوسط، يمكنها ان تنتج منها قنبلة نووية. كما يشعر باراك بالقلق لأن كثيراً من أجهزة الطرد المركزي تم اخفاؤها تحت سطح الارض، ما يعني انها اصبحت بعيدة عن ان تصل اليها اسرائيل من خلال أي ضربة عسكرية، ما يحملها على الاعتقاد بان الرئيس الاميركي باراك أوباما لن يصدر أمراً بشن هجوم على ايران.
ولا يشارك كثيرون في المؤسسة العسكرية الاسرائيلية باراك ثقته بأن ايران ستبدي تفكيراً عقلانياً بعد تعرضها للهجوم، ولن تلجأ الى تصعيد كبير، ما يعني ان الردع يخدم نتنياهو وحكومته.
واذا كان باراك على صواب فإن الردع المتبادل سيعمل بشكل فاعل وشامل اذا امتلكت ايران قنبلة ذرية. ويزعم نتنياهو بكل غطرسة وجنون، ان باراك اوباما لا يجرؤ على اعلان موقفه الرافض لشن هجوم اسرائيلي على ايران، لأنه لو فعل ذلك سيسارع منافسه الجمهوري في انتخابات الرئاسة مت رومني الى الصراخ عالياً بان الديمقراطيين في البيت الابيض يعرضون أمن إسرائيل للخطر، لكن هذا المنطق لن يكون ناجحاً بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية في نوفمبر المقبل.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إن التقديرات الجديدة للاستخبارات الأميركية بشأن البرنامج النووي الإيراني تظهر أن لدى الأميركيين والاسرائيليين وجهات نظر متطابقة حول نطاق تطور البرنامج النووي الإيراني وسرعة تقدمه، من حيث التحكم في حجم الرؤوس الحربية النووية، وتطوير نظم التوصيل. وكان وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا قد قال، في الاسابيع الاخيرة، إنه يعتقد بأن الاسرائيليين لم يتخذوا بعد قراراً نهائياً بمهاجمة ايران، لكن الاميركيين مازالوا يعتقدون بانه مازال هناك مجال لمواصلة التفاوض مع طهران.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news