مليون طفل أفغانـي يعانون نقص الغذاء
كشفت دراسة حكومية في أفغانستان عن قدر هائل من الصعوبات التي يواجهها الأطفال الأفغان في ما يتعلق بتوافر الغذاء لهم، وما يترتب على ذلك من ضعف صحي عام وتهديدات بالأمراض الناجمة عن سوء التغذية، وقالت إن المجاعة تتهدد اكثر من مليون منهم. وطبقاً للدراسة التي تدعمها الأمم المتحدة فإن القسم الأكبر من هؤلاء الأطفال المهددين بالجوع يعيشون في مناطق مختلفة جنوب افغانستان، وأن المجاعة تهدد تلك المناطق، رغم ملايين الدولارات التي تبرعت بها جهات عدة.
وأضافت أن «ما يسبب الصدمة العنيفة اوضاع نحو مليون طفل افغاني دون الخامسة يعانون بشدة الحرمان ونقص الغذاء ومضاعفاته وأغلبهم في جنوب افغانستان، لاسيما في قندهار وهلمند وضواحيهما».
ويقول نائب رئيس بعثة الامم المتحدة في افغانستان ميشيل كيتينغ، إنه «لأمر محزن للغاية ان يكون مستوى تغذية الاطفال هنا في مناطق جنوب افغانستان لا يختلف عنه في افريقيا، وبعض اكثر مناطق العالم فقرا وبؤساً، التي لا تسترعي انتباه المجتمع الدولي»، وتوصلت عملية مسح افغانية الى ان نحو 30٪ من الاطفال يعانون نقصاً شديداً في التغذية مضاعفاتها، وأن وصول أسر هؤلاء الاطفال وعائلاتهم الى حاجتها الأساسية من الغذاء صعب للغاية بسبب الفقر الشديد، ما يجعلها تحت تهديد سيف الجوع.
ويقول خبراء إن مناطق جنوب افغانستان تحصل على حصتها من امدادات الغذاء، ولكن مشكلتها مع تفاصيل عملية التغذية والعوز الذي يسحق قدرة العائلات على الشراء ويعرض الاطفال لخطر الأمراض، لا سيما الاسهال الذي ينال كثيراً من الصحة العامة لكثير من الاطفال.
وثمة مشكلة أخرى وهي الرضاعة الطبيعية للأطفال، إذ تقول خبيرة التغذية المتخصصة في الامم المتحدة إلهام منصف «يتم غالباً ابلاغ الامهات بأن حليب الرضاعة الطبيعية وحده لا يكفي ولابد من استكماله بعناصر غذائية، وأن الماء والشاي يفتقران الى العناصر المغذية، وأن استخدام المياه غير الصحية وغير الصالحة للشرب ينطوي على آثار صحية خطيرة».
وأصبحت هناك معايير صحية عامة متفق عليها معتمدة بين الدول النامية تضمن توازن النمو العقلي والنفسي والجسمي للطفل كزيادة الفيتامينات والأملاح، وغيرها من العناصر الغذائية في الحليب والماء، لكنها ليست منتشرة على نطاق واسع في افغانستان.
وفي جناح المواليد الجدد في مستشفى ميرويز في قندهار، لوحظ أن الهزال والضعف العام هما السمة الغالبة على الاطفال الذين يعاني معظمهم الأمراض ذات العلاقة بنقص البروتين.
وتروي الأم الأفغانية فاطمة الهاربة من العنف في مقاطعة سانغن في اقليم هيلمند الى المستشفى المذكور، انها جاءت لطلب المساعدة في علاج ابنها «صدام»، الذي لم يتجاوز العام ونصف العام، والذي لا يزيد وزنه عن 4.5 كغم، وأن الفقر جعلها في حالة بؤس ويأس شديدة بسب الحالة الصحية لابنها. وقالت «لا يمكنني انتاج حليب الأم لأننا لا نملك ما نشتري به الطعام او حتى الحليب الصناعي المسحوق. وقد توفي ابني الأصغر لهذه الأسباب».
ويعترف موظفو اغاثة في افغانستان بأن معظم الافغان يعانون مشكلات نقص التغذية بشكل منهجي ومزمن، ما يدل على وجود ازمة غذاء مستحكمة ومستفحلة في افغانستان.
وفي هذا السياق، يقول رئيس مكتب الأمم المتحدة المسؤول عن تنسيق الاحتياجات الانسانية في افغانستان ايدان اوليري «من الصعب للغاية تجاهل الوضع الصحي للأفغان، سواء كانوا كباراً أو صغاراً بسبب ضخامة اعداد من يعانون نقص التغذية والمجاعة، ولابد من تضافر الجهود للتحرك في مواجهة هذه المشكلة». ومنذ 2004 ضخت الوكالة الأميركية للتنمية مئات ملايين الدولارات لتنمية المرافق في جنوب افغانستان وتطوير ادائها، بينما خصصت بريطانيا عشرات ملايين الجنيهات لتحسين الخدمات الصحية وغيرها في اقليم هيلمند، الذي يشهد مع غيره من مناطق الجنوب منافسة كبيرة بين وكالات المساعدة الإنسانية لحل المشكلة الصحية.
ويحذر الأطباء والخبراء من ان الازدحام الشديد للمرضى في الاجنحة المختلفة للمستشفيات يزيد من صعوبة التغلب على مشكلة نقص التغذية، ويقولون إنه لا بد من وضع نظام اولوية صارم تراعيه الحالات الصحية الخطيرة الطارئة. وتقول نائبة رئيس منظمة اليونيسيف في افغانستان فضية غانيش إن «التحدي الرئيس امامنا هو التغذية الصحية العلاجية في المستشفيات فهي جوهر المشكلة».
وتقول الأم مراز غول التي دخلت المستشفى مع ابنها الرضيع أسدالله (خمسة أشهر)، الذي كان يعاني اهتراء بشرته وتفسخها بسبب نقص التغذية «كنت اعطيه حليب الأم، ثم اصبحت الكمية لا تكفيه ولم يكن باستطاعتي شراء الطعام لكي انتج له حليب الأم، أو حتى شراء الحليب الصناعي».