صفحة المعارضة السورية ليست خالية من الانتهاكات الحقوقية. أ.ف.ب

المعارضة المسلحة السورية تنتهك حقوق الإنـسان أيضاً

اعتاد مسؤولون في دول كثيرة التنديد بالانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي تقوم بها قوات نظام الرئيس السوري بشار الاسد، إذ يقول معظمهم إن هذه الانتهاكات ترقى في كثير من الأحيان إلى جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية، لكن يغيب عن هؤلاء او انهم يتعمدون تجاهل أن المعارضة السورية المسلحة ترتكب ايضاً تجاوزات لحقوق الإنسان قد لا تقل خطورة عن تلك. واستناداً الى مصادر عدة فإن عدد ضحايا الاقتتال السوري سجل رقماً قياسياً، خلال الشهر الماضي، ما يؤشر الى أي مدى تصاعدت حدة المواجهات، ومدى الآثار الكارثية التي خلفها هذا الصراع على المدنيين.

وفي هذا السياق، حذرت مسؤولة الإغاثة في الأمم المتحدة نافي بيلاي، من هذه الآثار المدمرة على المدنيين السوريين، وقالت أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف إن «استخدام الحكومة السورية الأسلحة الثقيلة وقصفها للمناطق المأهولة بالسكان تسببا في وقوع عدد كبير من الإصابات بين المدنيين وتشريد المزيد منهم داخل سورية وخارجها، ما زاد من تفاقم أزمة إنسانية خطيرة».

كما عبرت بيلاي عن قلقها من أن تلك الانتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وقالت «إنني قلقة بشكل مماثل من الانتهاكات التي ترتكبها القوات المعارضة للحكومة، بما في ذلك جرائم القتل والتعذيب والإعدامات المخالفة للقانون بالإضافة إلى تزايد عدد التفجيرات».

ويقول ناشطون في جماعات لحقوق الإنسان، إن سوريين من الطرفين سيتم تقديمهم إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مهما طال الوقت، رغم معارضة الصين وروسيا لذلك بالنسبة لمسؤولي نظام بشار الأسد.

واعترف ضباط انشقوا عن القوات السورية في حلب بارتكاب الجيش السوري الحر مجازر جماعية، قد تكون الأسوأ منذ بدء الانتفاضة السورية، إذ يوضح شريط فيديو أن 20 شخصاً يرتدون الزي العسكري تم اعدامهم وهم معصوبو العيون ومكتوفو الأيدي، وهذا مخالفة واضحة لأحكام القضاء المرافق، وأن هؤلاء الرجال هم أعضاء في الأجهزة الأمنية السورية.

وتشير التقديرات إلى أن 23 ألف سوري قد قتلوا خلال الأشهر الـ 18 الماضية، وأن سلسلة من التفجيرات وقعت أخيراً في دمشق وحلب وحمص، وغيرها أوقعت اعداداً كبيرة من الضحايا بين قتيل وجريح.

كما أصبح مجلس الأمن الآن مشلولاً وعاجزاً من الناحية الفعلية في ما يتعلق بالملف السوري، وذلك بسبب الصراع الدائر بين فرنسا وبريطانيا من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى، إضافة الى، خلافات حول اقتراح تشكيل «مجموعة الاتصال» التي تضم كلاً من مصر والسعودية وإيران وتركيا، فالسعودية تدعم المعارضة السورية، في حين تساند ايران نظام الاسد، ما دفع المبعوث الدولي السابق كوفي أنان الى استثنائهما من جهوده لاستعادة الامن والاستقرار الى سورية.

وانتعشت الآمال ببروز دور فعال لمصر، وهي أكبر الدول العربية وتتسلح الآن بسلطة معنوية بعد نجاح ثورتها، خصوصاً بعد إدانة رئيسها الجديد محمد مرسي للرئيس السوري بشار الأسد ونظامه، لكن الولايات المتحدة وبريطانيا تعارضان أي دور رسمي لإيران في حل الأزمة السورية، وتستشهدان دائماً بمساعداتها السياسية والعسكرية والأمنية لنظام الأسد.

ويقول مسؤول بريطاني «نحن نشكك بقوة في قدرة إيران على لعب دور بناء في الأزمة السورية»، في وقت يسعى فيه المبعوث الجديد للأمم المتحدة والجامعة العربية الدبلوماسي الجزائري المخضرم الأخضر الإبراهيمي، الى ابقاء التوقعات منخفضة ومتواضعة بشأن النجاح، حينما وصف مهمته بأنها «مستحيلة تقريباً». وأضاف الابراهيمي الذي سجل نجاحات كبيرة في مهمات قام بها لمصلحة الامم المتحدة في مناطق عدة من العالم، إنه سيتوجه الى دمشق «لتقديم ما أستطيع من مساعدة للشعب السوري، رغم أنني أدرك أن المهمة شبه مستحيلة». ولا يبدو مرجحاً في الوقت الحالي أن تغير ايران من موقفها وتخفف دعمها الكبير للاسد ونظامه، وكذلك الحال بالنسبة لروسية والصين اللتين توفران غطاء سياسياً له في مجلس الامن الدولي، ما يحول دون صدور أي قرار ملزم ذي شأن يسمح بالتدخل في سورية.

وطبقاً لمسؤولي الأمم المتحدة، فإن عدد اللاجئين السوريين المحتاجين لمساعدات إنسانية اصبح يزيد على ربع مليون منهم 85 ألفاً في الأردن و78 ألفاً في تركيا و66 الفاً في لبنان و22 الفاً في العراق.

 

الأكثر مشاركة