كاتب سعودي: العرب أعداء أنفسهم
حان الوقت لوقف الكراهية والحروب وخلق ظروف معيشية افضل لبناء مستقبل افضل للأجيال العربية القادمة.
تابعت على شاشة قناة العربية العديد من التقارير والأخبار، وشاهدت العديد من الصور لأطفال يتضورون جوعاً في اليمن، ولأسواق تاريخية في حلب تحترق ويتم تدميرها وسيارات مفخخة في العراق تودي بأرواح العشرات ومبان ومنازل مدمرة بأعداد كبيرة في ليبيا، وما يربط بين كل هذه الاحداث هو انها لم تكن من فعل ايادي عدو خارجي، بل القتل والتجويع والتدمير في هذه البلدان العربية جاء على يد اشخاص أوكلت اليهم مهمة حماية مواطني هذه الدول ووحدتها، فمن العدو الحقيقي للدول العربية؟
وتتهم أكثرية العرب اسرائيل عدوهم اللدود بأنها وراء كل المشكلات في المنطقة، ولكن تم اهدار مليارات الدولارات وازهاق عشرات آلاف الارواح في محاربة اسرائيل، مع ان العالم العربي لديه العديد من الاعداء، لذا يجب ألا تقتصر قائمة اعداء العرب على اسرائيل وحدها.
من اعداء العرب الفساد وغياب التعليم الجيد وقلة الرعاية الصحية والافتقار الى الحرية وغيابها وعدم احترام حقوق الانسان، واخيراً استخدام العديد من حكام الديكتاتوريين العرب قضية الصراع العربي -الاسرائيلي ستاراً او مبرراً لقمع شعوبهم وخنقها، كما أن المذابح التي يتم ارتكابها بحق المدنيين تخلق ظروفاً اكثر بؤساً مما تخلفه الحروب، وهناك الكثير من الأسئلة التي يرفض أي من العرب ان يسألوها لأنفسهم، ومنها ماذا كانت كلفة الحروب التي خاضها العرب ضد اسرائيل بسبب رفضهم الاعتراف بها؟ ولماذا لم تنفق الدول العربية اموالها واصولها على التعليم وخدمات صحية افضل وبنية تحتية لخدمة شعوبها بدلاً من الحروب ضد اسرائيل؟
وتحدثنا كثيراً عن الاعتداءات التي يقوم بها الاسرائيليون ضد الفلسطينيين، وشاهدنا الطائرات الاسرائيلية تقصف بلدانا عربية، إلا ان هذه الاعتداءات لا تقارن بتلك التي يمارسها الديكتاتوريون العرب حيال مواطنيهم في هذه الأيام.
فالأعمال الوحشية في سورية بعيدة كل البعد عن ان يتصورها العقل، ثم اليس العراقيون هم من يقومون بقتل انفسهم وتدمير بلادهم؟ ولماذا تهاجر العقول والادمغة العراقية بلدها، الذي تدخل عليه 110 مليارات دولار من عائدات النفط؟ ثم ألم يتمكن الرئيس التونسي السابق الديكتاتور زين العابدين بن علي من سرقة 13 مليار دولار من شعب بلاده الفقير؟ وكيف يجوع اطفال اليمن وفي بلادهم اخصب انواع الأراضي في العالم ؟ ولماذا يفشل اللبنانيون في ادارة وتصريف شؤون بلدهم، وهو من أصغر دول العالم؟
في 1948 خاض العرب حرباً استمرت 10 اشهر ضد قيام اسرائيل وخسروها، وأصبح عشرات ألوف الفلسطينيين لاجئين ومشردين، وسمي ما حدث بالنكبة، وفي يونيو 1967 لحقت هزيمة أخرى بالعرب واحتلت اسرائيل مزيداً من الأراضي العربية، ما تسبب في تشريد ولجوء المزيد من الفلسطينيين ليعيشوا تحت رحمة الدول المضيفة لهم، وسمينا ما حدث بالنكسة واليوم في ظل الربيع العربي لا وقت للاجئين الفلسطينيين أو القضية الفلسطينية لأن كثيراً من العرب اصبحوا لاجئين بفعل هجمات حكوماتهم عليهم.
السوريون يغادرون وطنهم ليس لأنه يتعرض لغارات الطائرات الاسرائيلية، وإنما لأنهم يتعرضون لغارات الطائرات السورية، في المقابل، فإن الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة يعيشون أحوالا اقتصادية واجتماعية وأجواء من الحرية افضل على اية حال من الأوضاع التي يعيشها أشقاء لهم في بلدان عربية، ولقد بين الربيع العربي للعالم أن الفلسطينيين يعيشون اوضاعاً عامة افضل من اشقائهم العرب، الذين قالوا انهم ناضلوا لمساعدتهم في التحرر من الاحتلال الإسرائيلي.
وبعد فقد حان الوقت لإيقاف الكراهية والحروب وخلق ظروف معيشية أحسن لبناء مستقبل أفضل للأجيال العربية القادمة.
عبداللطيف الملحم ضابط سابق في البحرية السعودية والمقال منشور في «التايمز» البريطانية
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news