محمد درباس.. براءة فلسطينية لم تنجُ من الاعتقال
الانتهاكات التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة لا تفرق بين طفل أو شاب أو مسنّ، بل تتجاوز حدود المنطقي والمعقول، وتنتهك جميع القوانين الدولية وحقوق الإنسان، حيث تستهدف قوات الاحتلال الأطفال خصوصاً دون سن الـ10، وتعتقلهم وتعتدي عليهم، وتوجه لهم تهم رشق الحجارة، ضاربة بعرض الحائط براءة الأطفال وحقوقهم التي كفلتها جميع الأعراف.
الطفل محمد علي درباس (سبع سنوات ونصف السنة)، من سكان بلدة العيسوية في القدس المحتلة، يعد أصغر طفل تعرض للاعتقال من قبل القوات الإسرائيلية في القدس، فقد تم اعتقاله وهو في السادسة من عمره، بتهمة رشق جنود الاحتلال بالحجارة، ليعتقل مرة أخرى قبل أيام من داخل منزله وهو عائد من المدرسة، فيما تعرضت والدة الطفل للاعتداء خلال محاولتها حماية ابنها من بطش الجنود.
ويقول عم الطفل، محمد أبوداود درباس، لـ«الإمارات اليوم»، إنه «في تمام الساعة الواحدة من ظهر يوم الاثنين 21 يناير 2013، كانت قوات الاحتلال منتشرة في وسط بلدة العيسوية، وكانت في مواجهة مع الشبان المقدسيين، وبينما كان محمد عائداً وحده من المدرسة إلى منزله لاحقته قوات الاحتلال، ما دفعه للهرب منهم حتى وصل باب منزله، وهناك استطاعوا الإمساك به».
ويضيف، «قام جنود الاحتلال بدفع والدته (عائشة درباس) هي وعدد من النسوة في المنزل، وتم الاعتداء عليهن لدى محاولتهن منع الجنود من اعتقال الطفل محمد، حيث لم يكن أي رجل في المنزل، كما قام الجنود بإطلاق قنابل صوتية خلال عملية اعتقال الطفل».
ويشير درباس إلى أن الاحتلال قمع كل من حاول الدفاع عن الطفل محمد، ومنع عملية اعتقاله، فخلال محاولة شابين التدخل لحماية محمد تم رشهما بغاز الفلفل على وجههما من قبل قوات الاحتلال، كما تم الاعتداء على ابن عمه يزن يوسف درباس (22 عاما) بغاز الفلفل.
ويوضح أن قوات الاحتلال تعاملت مع الطفل محمد كأنه «مجرم»، إذ اقتادته «إلى سيارات الجيب العسكرية، ومن ثم تم نقله إلى مركز التوقيف في مستوطنة (أبوغنيم) في القدس، وهناك تعرض لأساليب الترهيب، وتم اتهامه برشق الحجارة على الجنود».
ويقول عم الطفل محمد، «بعد نحو ساعتين من اعتقال محمد، تمكنت من الوصول إلى مركز التحقيق، وقدمت للمحقق تقارير طبية حول وضع محمد الصحي، حيث يعاني صعوبة في التنفس، ونوبات تشنج، فتم اخلاء سبيله على الفور، علما بأنه لم يقم برشق الحجارة كما يدعون». ويصف الحالة التي كان بها محمد لحظة خروجه من مركز التوقيف، بالقول «عندما شاهدت محمد كان في حالة نفسية سيئة، وكان يبكي ويصرخ بصورة هستيرية، وكانت ملابسه ممزقة نتيجة الاعتداء عليه من قبل الجنود».
وتركت عملية الاعتقال التي تعرض لها الطفل محمد أثارا نفسية سيئة داخله، حيث تدهورت نفسيته بشكل كبير بعد أن تم إخراجه من مركز التوقيف، كما يعيش حاليا في حالة ذعر مستمرة، حيث انه يبكي ويصرخ بصورة هستيرية عندما يشاهد الجنود أو يسمع صوتهم.
ويشير عم محمد إلى أن هذه الحالة تدل على الصدمة التي تعرض لها خلال عملية ملاحقته واعتقاله، إلى جانب عملية الاعتداء عليه وإرهابه داخل مركز التوقيف «والجيبات العسكرية».
ويقول الطفل محمد بصوت مرتجف، «مشهد الجنود المدججين بالسلاح مرعب ومخيف، لا يمكن أن أنساه، فقد طاردني عدد كبير من الجنود، وأنا أحاول الهرب منهم، لكنهم أعتقلوني وضربوني، وأنا كنت خائفاً وأبكي، ولا أحد يمكنه إنقاذي منهم».
ويضيف، «اليوم أخاف أن أمشي في الشارع وحيداً، وعندما أشاهدهم من بعيد أو أسمع صوتهم أصرخ وأبكي وأهرب مسرعا إلى المنزل».
عملية الاعتقال التي تعرض لها الطفل محمد قبل أيام هي الثانية، فقد تم اعتقاله عندما كان يبلغ من العمر ستة أعوام في ظروف مشابهة للاعتقال الأخير، حيث كانت قوات الاحتلال منتشرة في بلدة العيسوية وفي أماكن مختلفة، وكان محمد في ساحة صغيرة أمام باب منزله، وفجأة دهمته قوات الاحتلال واعتقلته من دون أي مبرر أو أي ذنب اقترفه.
ويقول عم الطفل محمد، إن قوات الاحتلال دهمت المنزل بعد أن هرب منهم محمد ودخل المنزل محاولاً الاحتماء بوالدته، لكن الجنود الذين ماتت ضمائرهم اعتقلوه من حضن أمه، على الرغم من البكاء والصراخ الذي دوى المكان من أطفال ونساء المنزل».
ويضيف، «بعد أن تم اعتقاله، نقله الجنود بالجيبات العسكرية إلى مركز توقيف المسكوبية بالقدس، ووجهت إليه تهمة رشق الحجارة، فيما أخلي سبيله بعد ساعات».
ويوضح درباس أن عملية الاعتقال الأولى التي تعرض لها محمد، تسببت له في الكثير من الأزمات النفسية، وزادت حالته الصحية سوءاً، حيث أصبح يعاني ضيق في التنفس، ونوبات تشنج صعبة.
وعن إمكانية اعتراض العائلة على ما يتعرض له طفلها، قال أبوداود درباس، «لا يمكن لنا أن نعترض على مثل هذه الممارسات الظالمة، التي ترهب أطفالنا، وتنال من براءتهم، إذ ان الاحتلال هو من يعتقل ويقتل، وهو نفسه من يحكم ويصدر القرارات القضائية، فلا طريق أمام شكوانا إلا الله عز وجل».
وتنتهج القوات الإسرائيلية عملية اعتقال الأطفال في القدس منذ فترة طويلة، حيث يتعرضون لاعتداءات، وأعمال عنف واعتقال من قبل الجنود والشرطة الإسرائيلية والقوات الخاصة، والتي تشهدها جميع أنحاء مدينة القدس.