أحمدي نجاد يتحدّى خامنئي علناً لحماية مستقبله السياسي
كانت لحظة غير اعتيادية في تاريخ إيران، عندما تبادل الرئيس محمود أحمدي نجاد، ورئيس البرلمان علي لاريجاني السباب على الهواء مباشرة، على الإذاعة الحكومية من قاعة البرلمان، يوم الأحد الماضي، بينما كان النواب المصدومون من الحدث يعربون عن عدم رضاهم.
ووصلت الحدة في الجلسة العاصفة إلى ذروتها، عندما أذاع أحمدي نجاد مقطعاً مصوراً يظهر فيه فضل شقيق لاريجاني فيما بدا أنه يطلب رشوة مقابل خدمات سياسية من واحد من أقرب حلفاء أحمدي نجاد، وهو مدعي طهران سعيد مرتضوي.
لكن الصراع الحقيقي، الذي ظهر وسط الاتهامات المتبادلة، هو الصراع بين أحمدي نجاد، والرجل الجالس على رأس النظام في إيران، وهو المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي.
وحذر خامنئي، في أكتوبر الماضي، من أن أي مسؤولين كبار من الأفرع الثلاثة للدولة يتجادلون علنا ـ خصوصا خلال فترة الاستعداد للانتخابات الرئاسية، التي تجرى في يونيو المقبل ـ سيدانون بتهمة الخيانة.
وتجاهل أحمدي نجاد ـ الذي يقترب من نهاية فترته الرئاسية الثانية، ولا يمكنه خوض الانتخابات التالية مباشرة، لكنه يريد حماية تاريخه ومصلحته ـ تحذيرات خامنئي هذا الشهر.
وقال مدير برنامج الدراسات الإيرانية في جامعة ستانفورد عباس ميلاني، إن «تحدي خامنئي صراحة ـ في العلن ـ أمر غير مسبوق، ستكون لذلك تبعات طويلة الأجل، هذا يظهر أن خامنئي لم تعد له السلطة التي كانت له من قبل». ويضيف «لم يحدث أن تحدى أي من الرئيسين السابقين خامنئي أبدا، كما فعل نجاد».
وبالنسبة لخامنئي، وأنصاره من ذوي النفوذ والقوة في الحرس الثوري الإيراني، لا يعني أي تحد من جانب أحمدي نجاد أن السلطة السياسية للزعيم الأعلى تتآكل فحسب، وإنما يضر أيضا بصورة الجمهورية الإسلامية. ويقول محللون إن صورة كبار مسؤولي الحكومة، الذين ينهبون الأموال بدلا من التعامل مع احتياجات الشعب، من الممكن أن تؤدي إلى اضطرابات.
وقال الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مهدي خلاجي «خامنئي خائف من أن تؤدي الضائقة الاقتصادية مع الموقف الاقتصادي السيئ، إلى ضائقة سياسية». وأضاف أنه «بدلا من اتباع خط الحكومة، وإلقاء اللائمة على العقوبات الغربية، ربما يبدأ الناس في إلقاء اللائمة على السياسيين، وهذا مصدر قلق كبير بالنسبة له». لكن تاريخ أحمدي نجاد السياسي ليس بالشيء الوحيد على المحك، بعد فترتين رئاسيتين، لكنه مهتم أيضا بمصلحته ومصلحة دائرته اللصيقة من الحلفاء السياسيين، بمجرد أن يترك المنصب.
ويواجه عديد من حلفاء أحمدي نجاد السياسيين تهما قانونية خطيرة، من الممكن أن يسجنوا بسببها، وأودع بعضهم أيضا السجن بالفعل. ومن الممكن أن يواجه احمدي نجاد نفسه اتهامات، بسبب تصرفه في البرلمان الأحد الماضي.
وقالت وكالة «فارس» للأنباء (شبه الرسمية وذات الصلة بالحرس الثوري)، إن رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني، وشقيق رئيس البرلمان، عقد اجتماعا طارئا مع الزعيم الأعلى. وقال صادق، في اجتماع مع مسؤولين قضائيين في اليوم التالي ، إنه يعتبر تصرفات أحمدي نجاد «جريمة»، لكنه لن يتابع الأمر بناء على طلب خامنئي، وسيبقي «هادئا الآن لمصلحة النظام، والتزاما بأوامر القائد الأعلى». وأكد أنه سيكشف عن «فساد اقتصادي، وأيديولوجي، وعملياتي» لحلفاء أحمدي نجاد.
وتعود جذور الخلاف إلى الانتخابات الرئاسية، التي أجريت عام 2009، عندما خرج عشرات الآلاف من الإيرانيين إلى الشوارع، للاحتجاج على فوز أحمدي نجاد أمام منافسه الإصلاحي مير حسين موسوي.
وفي هذا الوقت، واجه الزعيم الأعلى خيارا قاسيا، وهو دعم أحمدي نجاد أو التخلي عنه، واختار خامنئي مساندة أحمدي نجاد، وما حدث بعد ذلك كان حملة دامية أدت إلى مقتل العشرات وسجن المئات، ورغم تضحية خامنئي برأسمال سياسي ضخم، للاحتفاظ بأحمدي نجاد في السلطة، لم يرد الرئيس بما يكفي من الولاء، ففي ربيع 2011، عزل أحمدي نجاد وزير المخابرات حيدر مصلحي الحليف المقرب لخامنئي، وخلال أيام تدخل الزعيم الأعلى، وأعاد تعيين مصلحي بمنصبه، ما أدى إلى مقاطعة أحمدي نجاد اجتماعات الحكومة أكثر من أسبوع.
وبعد ظهور الخلاف في العلن، طارد الموالون لخامنئي الرئيس، وألقوا القبض على أكثر من 10 مسؤولين على صلة برئيس أركانه السابق المثير للجدل ومستشاره الرئيس أصفنديار رحيم مشائي. ثم تزايد الضغط، ففي سبتمبر الماضي، سجن المستشار الإعلامي لأحمدي نجاد علي أكبر جوانفكر، لنشره مقالات تنتقد القانون الذي يفرض الحجاب على النساء في إيران.
وإذا خسر نجاد معركته مع خامنئي، يقول محللون إن حلفاءه سيسقطون معه.
وقال خلاجي «عندما تنتهي الفترة الرئاسية لنجاد سيلاحقهم القضاء واحدا بعد الآخر، ويعرف أحمدي نجاد أنه إذا أصبح رئيسا سابقا مهمشا ودون أي سلطة فكل حلفائه الرئيسين سيمسحون تماما».
وبعد الصدام بالبرلمان، الأحد الماضي، قال أحد حلفاء الرئيس بوزارة الداخلية، إن هناك 1000 وثيقة، يمكن أن يظهرها أحمدي نجاد. وقال ميلاني إنه «يريد أن يجعل ملاحقته وأنصاره مسألة باهظة الكلفة بالنسبة للنظام، إن لم تكن مستحيلة على النظام».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news