«وثيقة الأزهر» فشلت في إنهاء العنف
اعترف مستشار شيخ الأزهر الدكتور عبدالدايم نصير، بصعوبات كبيرة تواجه تطبيق «وثيقة الأزهر» لنبذ العنف التي وقعت عليها معظم القوى السياسية بداية هذا الشهر. وقال نصير، لـ«الإمارات اليوم»، إن وثيقة نبذ العنف والدعوة للحوار بحاجة إلى آليات على الأرض لتنفيذها وإقناع الشباب بها، مؤكداً أن الإعلام المصري، خصوصاً الفضائيات، لم يساند الوثيقة بشكل واضح، والتي تحتاج أيضاً الى لجان شعبية لشرحها وإقامة حوار مجتمعي حولها.
وأوضح نصير أن الأزهر الشريف وفر الرعاية الروحية مع الكنيسة، لكن القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام ومؤسسات الدولة يجب أن تتحرك لإنقاذ البلاد من انتشار العنف والفوضى، وإدخال البلاد في نفق مظلم، محذراً من أن «الخراب» سيطالنا جميعاً، إذا لم نتحرك قبل فوات الأوان.
وكان ممثلو 35 من الأحزاب والقوى السياسية وبينهم زعماء «جبهة الإنقاذ» وقعوا في السابع من الشهر الجاري مع الأزهر والكنيسة على وثيقة تدعو للحوار وترفض العنف أو الحض عليه، وتشكيل لجان من الموقعين لوضع أطر وبرنامج للحوار الوطني، ولكن أطرافاً كثيرة تنصلت من توقيعها في اليوم التالي الذي شهد ضرب القصر الجمهوري بقنابل المولوتوف.
واعتبر الناشط في حركة الاشتراكيين الثوريين، أشرف بركة، أن الوثيقة غير ملزمة للثوار في الميادين وأن أطرافها فقط هم من يلتزمون بها.
وقال لـ«الإمارات اليوم»، إن العنف «في مواجهة تسلط دولة الإخوان المسلمين وبلطجة الشرطة هو الطريق الوحيد لإنقاذ البلاد واستعادة الثورة من الذين سطوا عليها»، وشدد على رفضه الحوار أو وقف ملاحقة رجال الأمن الذين يعودون الى سابق عهد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك بالقتل والسحل والاختطاف، مشيراً الى أن «سحل مواطن الاتحادية عارياً»، أثبت وجهة نظرنا بضرورة مواصلة الموجة الثالثة من الثورة من دون النظر لـ«عواجيز» المعارضة.
وتفقد جبهة الإنقاذ، الممثل الرئيس للمعارضة المصرية، قدرتها على السيطرة على المتظاهرين، حيث تتحرك جماعات «الأناركية» الفوضوية و«الاشتراكيين الثوريين» وبعض الحركات الأخرى بعيداً عن أحزاب المعارضة، كما تبتعد جماعات الـ«بلاك بلوك» العسكرية عن تأثير أي قوة أخرى.
وقال أحد الملثمين المنتمين لـ«بلاك بلوك»، إن لعبة الوثائق والمبادرات انتهت ولم يعد لها وجود في زمن الثورة، وشدد العضو الذي حجب ذكر اسمه لـ«الإمارات اليوم»، على أن الأزهر والكنيسة بتمثيلهما الحالي يفتقران للشرعية الثورية، وأضاف أن كل من يجلس وينسق مع النظام الحالي «خائن للثورة» ولا يمكن سماع صوته.
ووقع على وثيقة الأزهر منسق عام جبهة الإنقاذ محمد البرادعي والقيادي حمدين صباحي وعمرو موسى وأيمن نور وأبوالعلا ماضي وعبدالمنعم أبوالفتوح، وغيرهم.
وقال البرادعي إن العنف لابد أن يستمر طالما استمر النظام في تعنته، ورفضه مطالب الإنقاذ، كما فرق صباحي بين توقيعه على المبادرة وتأييده للموجة الثالثة للثورة، مؤكداً أن النظام فقد شرعيته.
واتهم حزب الحرية والعدالة (الإخوان المسلمين)، ممثلي جبهة الإنقاذ بتوفير غطاء سياسي لأعمال العنف، وقال القيادي في الحزب عمرو زكي، إن أعضاء الإنقاذ خدعوا الشعب بتوقيعهم على «وثيقة الأزهر»، ودعوتهم للزحف على قصر الرئاسة في اليوم التالي.
وقال لـ«الإمارات اليوم»، إن الذين وقعوا على وثيقة الأزهر هم الذين قضوا عليها وحولوها الى حبر على ورق في استهانة واضحة بأكبر مؤسستين دينيتين في البلاد، وكشف عن تنسيق تام بين من وقعوا وروجوا للعنف في الفضائيات، محذراً من أن الدعوة لتدمير المؤسسات التي يقودها عدد من الشبان لن تستثني أحداً بمن فيهم زعماء المعارضة أنفسهم.
وشهدت الساحة السياسية المصرية مبادرات عدة لوقف العنف والدعوة للحوار بين المعارضة والسلطة، فبالإضافة الى مبادرة الأزهر، هناك مبادرة حزب النور السلفي الذي طالب بحل حكومة هشام قنديل وتشكيل حكومة ائتلافية تضم عدداً من أحزاب المعارضة والحزب الحاكم، وإقالة النائب العام، وهي مطالب جبهة الإنقاذ نفسها التي رفضتها الرئاسة وحزب الحرية والعدالة والجماعة الإسلامية.
كما تقدم «حزب مصر» بزعامة الداعية عمرو خالد بمبادرة ثالثة للحوار الوطني، لكن جميع المبادرات فشلت في وقف العنف الذي يتصاعد في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية ومدن القناة.
ولم تخل «مليونية نبذ العنف» التي دعا اليها أنصار التيار الإسلامي الجمعة الماضية من إشارات لاستعداد التيار للعودة للعنف، فقد تعمدوا صعود والدة خالد الإسلامبولي قاتل الرئيس الراحل أنور السادات، للمنصة والمبالغة في الاحتفاء، كما دعا الشيخ محمد نظمي الأثري، في بيان له، الإسلاميين الى الاستعداد لقتال العلمانيين، وقال إن الإسلاميين دعاة حوار وألفة ومحبة، والعلمانيين دعاة عنف ومولوتوف.
وأضاف «نحن الإسلاميون سلميون نعرف قدر الدماء ونحترمها، ولكن العلمانيين همج لا يعرفون قدر الدماء ولا يحترمونها، والمرأة عندنا محترمة عزيزة مصونة وعند العلمانيين سلعة مغتصبة للمتعة»، واختتم نظمي بيانه بالقول «اشهد يا شعب مصر أننا نحن الإسلاميين لن نبدأ المنافقين بقتال، ولكنهم إن بدؤونا فلن نرحم منهم أحداً، وقد أعذر من أنذر».
وقال رئيس «حزب غد الثورة»، أيمن نور، لـ«الإمارات اليوم»، إنه يسعى عبر صلاته الطيبة بالرئاسة والإخوان والقوى الوطنية لإنقاذ البلاد من الدخول في دوامة العنف، والوصول الى حوار جامع لا يتضمن تعالياً او فرضاً للشروط من أي طرف، مؤكداً انه لمس من لقاء جمعه بالرئيس محمد مرسي قبل ثلاثة أيام استعداداً لتلبية مطالب القوى الوطنية.