مصر تحتاج إلى قروض عدة من صندوق النقد الدولي
تتأرجح مصر على شفير هاوية اقتصادية منذ أكثر من عام، في وقت يأمل الإخوان المسلمون وشركاؤهم الأوروبيون، أن يعمل الحصول على قرض بقيمة 4.5 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي الذي طال انتظاره على إنقاذها مما هي فيه.
ومن شأن هذا القرض أن يسمح في أفضل الأحوال بتدفق نحو 14.5 مليار دولار، إلا أن الدعم السياسي الداخلي ضروري لنجاح هذا السيناريو، وبالطبع شرط مسبق لإعطاء هذا القرض المالي من قبل الصندوق.
وكعادته فقد طلب صندوق النقد الدولي من مصر تحقيق بعض إجراءات تقشفية يعتبرها ضرورية لإنعاش الاقتصاد المصري، منها زيادة ضريبة المبيعات وتخفيف الدعم الحكومي للوقود والمحروقات، انطلاقاً من اعتقاده بأن تنفيذ هذه الإجراءات يبقي الثقة في الاقتصاد ويؤدي الى إيجاد وظائف وفرص عمل وعودة الاستثمار الى مصر، لكن تلك الإجراءت التقشفية وغيرها من الاصلاحات التي يطلبها الصندوق من مصر تحمل مخاطر عالية بإثارة المزيد من الانقسامات والقلاقل، ما يزعزع استقرارها.
من باب الضرورة الاقتصادية تحتاج مصر إلى قرض صندوق النقد الدولي، إلا أنها بحاجة أكبر وأهم الى توافق سياسي لتخطي العقبات الاقتصادية وإجراء إصلاحات، والتعامل مع تبعاتها التي يمكن أن تعمل على زعزعة استقرار البلاد على المدى القصير.
ومنذ نجاح ثورة 25 يناير 2011 شهدت الساحة السياسة في مصر الكثير من المد والجزر والتجاذبات بين القوى المختلفة التي أدت الى أزمات بين الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين من جهة وبقية القوى العلمانية والليبرالية من جهة أخرى، وزادت من عمليات الاستقطاب الحزبي الحاد بين الطرفين.
ويأمل الرئيس المصري محمد مرسي في أن تكون الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في أبريل المقبل خطوة مهمة وكبيرة على طريق تشكيل حكومة جديدة، ما يسهل حصول بلاده على القرض. وفي تصور لعالم مثالي بالنسبة للشعب المصري الذي يحبو وليداً في عالم الديمقراطية، سيقتنع في نهاية المطاف بضرورة ابتلاع مرارة الإصلاحات حتى ينتقل الى مستقبل أكثر حيوية وصحة. ولعل المأمول من الاصلاحات الصعبة إعادة تنشيط قطاع السياحة واجتذاب الاستثمارات، وإغراء الإخوان المسلمين لإقصاء الجبهة الوطنية للإنقاذ المعارضة، والعمل على إضعافها وتقسيمها.
وحينما دعت الرئاسة قوى المعارضة الى الحوار بدا هؤلاء كأنهم من هواة الاضواء الإعلامية والصور بلا تأثير أو نفوذ سياسي في عملية صنع القرار، كما تسعى الرئاسة الى وضع وتطبيق قوانين جديدة أكثر قسوة وحزماً للحد من التظاهر والاحتجاج وإضعاف نشاط جماعات ومنظمات المجتمع المدني. ويقول المحلل في معهد الأبحاث «سنتشري فاونديشن»، ميشيل وحيد يوحنا: «كان سلوك جماعة الإخوان المسلمين في العامين الماضيين يقوم على إعطاء الاولوية للمصالح الضيقة على حساب المصلحة الوطنية، وسعت بكل قوة للسيطرة على المؤسسات وزيادة قوتها».
ويواجه مرسي حالياً تحدياً كبيراً في الحفاظ على الثقة باستمرارية رئاسته، وهذا في حد ذاته لن يكون وحده كافياً لكي تفوز حركة الإخوان المسلمين التي ينتمي اليها في الانتخابات التشريعية المقبلة. كما يحتاج مرسي الى المضي قدماً في تنفيذ الاصلاحات على أساس التشاور بما يحفظ الحد الأدنى من الوحدة الوطنية، وأن يتيح للمعارضة فرصة المشاركة بطريقة فعلية، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لتصحيح العلاقة معها وتحرك السفينة.
هبة صالح كاتبة وصحافية مصرية
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news