أهالي الأقصر يخشون على السياحة من التطرف لا الحوادث

حادثة المنطاد أضرت العاملين في السياحة بالأقصر مؤقتاً. أ.ف.ب

شهد المرشد السياحي (أبوعلي) توقف النشاط في الأقصر من قبل. في المرة السابقة دفع المتشددون الإسلاميون السياح إلى الاحجام عن زيارة الأقصر، والآن يتعين على المدينة المصرية التاريخية أن تتعامل مع مأساة محلية وأن تواجه تداعيات الاضطرابات في القاهرة التي تبعد مئات الكيلومترات.

يتجول بضعة سياح في ممرات معبد الملكة حتشبسوت -الذي يعود تاريخه لنحو ‬3500 عام، والذي كان يوما أكثر المعالم الأثرية ازدحاماً في الأقصر- يعترضهم بين الحين والآخر مجموعة من الباعة تحاول أن تبيعهم الحلي بأسعار رخيصة. وتعيش الأقصر حالة من الصدمة بعد مقتل ‬19 شخصاً معظمهم من سياح آسيا وأوروبا في حادث تحطم منطاد يوم الثلاثاء الماضي. لكن أبوعلي مثل كثيرين في الأقصر يعتقد أن التهديد الأكبر للقمة العيش في المدينة يأتي من الصراع على السلطة في القاهرة التي تقع على بعد ‬500 كيلومتر، والذي يقول إنه لم يسفر الا عن اندلاع العنف في الشوارع بينما تم اهمال صناعة السياحة الحيوية. ويحن البعض للاستقرار النسبي الذي كانت تمتعت به مصر قبل الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك عام ‬2011.

ويقول المرشد السياحي البالغ من العمر ‬43 عاماً واسمه الكامل الجهلان العزب أبوعلي «في عام ‬2010 كانت المعابد مكتظة وتباع تذاكر زيارات المقابر الآثرية في غضون ساعات. الآن المكان خالٍ تقريباً».

وتعافت الأقصر التي تضم وادي الملوك ومقبرة «توت عنخ آمون» من ضربة تلقتها قبل ‬15 عاماً عندما تسلل متشددون مسلحون بالأسلحة النارية والسكاكين إلى معبد حتشبسوت وقتلوا أكثر من ‬60 شخصاً معظمهم من السياح الأجانب.

ويضيف أبوعلي «شاهدت توقف النشاط في الأقصر عام ‬1997 بعد الهجوم الارهابي المروع وأراها الآن تجاهد مرة ثانية لأن الساسة في القاهرة مشغولون بالتناحر فيما بينهم ويهملون أحد أهم المصادر الرئيسة للدخل في مصر». وبلغ عدد السياح الذين زاروا مصر عام ‬2010 نحو ‬14.7 مليونا لكنه تراجع إلى ‬9.8 ملايين خلال عام الانتفاضة. ثم عاد الرقم للارتفاع إلى ‬11.5 مليونا العام الماضي لكن بعد مرور عامين على الانتفاضة لاتزال أعداد السائحين أقل كثيراً من أوقات الذروة. وامتد الصراع السياسي بشكل متكرر إلى شوارع القاهرة وغيرها من المدن وبثت لقطات العنف على الشاشات في الدول الآسيوية والأوروبية التي يأتي منها أغلبية السياح الذين تحتاج مصر بشدة إلى اجتذابهم.

كما نظم سكان الأقصر احتجاجات ضد الرئيس الاسلامي محمد مرسي. وخرج الآلاف الى الشوارع أواخر العام الماضي عندما أصدر اعلاناً دستورياً اعتبره معارضوه محاولة منه لتشديد قبضته على السلطة. لكن الاحتجاجات كانت سلمية ويحرص سكان الأقصر على سلامة السياح مصدر دخلهم الأساسي.

وأضر حادث المنطاد بصورة مباشرة بالعاملين في قطاع السياحة بالأقصر ولو مؤقتا على الأقل إذ أمرت الحكومة ‬40 شركة تنظم رحلات المنطاد بوقف نشاطها انتظاراً لنتائج التحقيق في سبب الحادث.

وأحجمت بعض القنوات التلفزيونية عن بث أكثر اللقطات المروعة للمنطاد وهو يسقط في حقل وقد اشتعلت فيه النيران لكن قنوات أخرى أذاعت اللقطات كاملة. لكن سياحا من فرنسا وبريطانيا وألمانيا أبلغوا «رويترز» أنهم يشعرون بالأمان في الأقصر معتبرين حادث المنطاد مجرد حادث مؤسف. وقالوا إن صورة مصر كدولة تعاني عدم الاستقرار السياسي تلحق اضرارا أكبر بالسياحة.

وقال سائح فرنسي طلب عدم نشر اسمه «نشعر بالأمان تماماً هنا. هذه زيارتنا الثانية لمصر سيأتي المزيد من السياح في نهاية المطاف عندما يقل الشعور بالفوضى ويزيد الاحساس بالهدوء».

وزادت حالة الاستقطاب السياسي في مصر بسبب الخلافات بين الاسلاميين والليبراليين واليساريين والحرس القديم الذي ينتمي لعهد مبارك حول كل شيء من الانتخابات إلى الاقتصاد. بل أصبح زعماء الجماعة الاسلامية التي ينتمي اليها المتشددون الذين نفذوا هجوم عام ‬1997 في الاقصر من بين الساسة الذين يتصارعون حول مستقبل مصر بعد أن نبذوا العنف منذ سنوات وانضموا الآن للعملية الديمقراطية.

ويستبعد محافظ الأقصر عزت سعد أن تؤثر مأساة المنطاد في تدفق السائحين ويقول «راجعت بيانات الفنادق الكبرى وليس هناك أي الغاءات».

كما يلقي بدوره اللوم أيضاً في المشكلات التي تعانيها الأقصر على الأحداث في القاهرة ويضيف «نعاني سوء الحظ في الأقصر لأننا ندفع ثمن ما يفعله الأشقاء في القاهرة. الأقصر آمنة ومستقرة. ليس لدينا مشكلات تتعلق بالسياحة. لكن الحادث زاد من محنتنا».

ولا تلوح بوادر الاستقرار السياسي في الأفق. فقد أعلن عدد من أحزاب المعارضة هذا الأسبوع عن مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقرر أن تجري في الفترة من أبريل إلى يونيو.

ويقول أبوعلي إن من الصعب ألا يحن أبناء مهنته لأيام مبارك التي شابها الفساد والقمع لكن بلغت السياحة فيها أوجها.

ويضيف «عملت هيئة الآثار على زيادة عدد المواقع التي يمكن للسياح زيارتها لزيادة الدخل. لا نشعر أن هـذا يحدث الآن».

وذكر أن من بين المواقع التي يمكن أن تعزز ايرادات الأقصر معبد نفرتاري المغلق حالياً.

 

تويتر