صحافيون مصريون خلال اعتصام يندد بمقتل «أبوضيف».. ويطالب بالتحقيق ومحاسبة الفاعلين. الإمارات اليوم

طيف «أبوضيف» يخيم على مشهد انتــخابات الصحافة المصرية

طغى طيف شهيد الصحافة المصرية الحسيني أبوضيف، الذي لقي حتفه برصاصات مجهولة، أثناء تأدية عمله أمام قصر الاتحادية، في ديسمبر الماضي، على مشهد انتخابات نقابة الصحافيين، التي انتهت بالتأجيل، الجمعة الماضية، لعدم اكتمال النصاب القانوني للجمعية العمومية، وتطورت فعاليات قادها صحافيون لـ«انتخاب الشهيد أبوضيف نقيبا»، إلى ملاسنات، ومحاولة للاعتداء على النقيب ممدوح الولي، وختمت بمعارك بالايدي بين يساريين وليبراليين من جهة، وإسلاميين من جهة أخرى، ودانت جموع الصحافيين اللجوء إلى العنف، والشروع في ضرب النقيب، فيما تخوف كثيرون من تجدد الصدامات، مع استئناف الانتخابات، ‬15 مارس المقبل.

فقد احتشد أنصار (أبوضيف)، صباح الجمعة الماضي، على جانبي مدخل السرادق المخصص لانتخابات نقابة الصحافيين المصريين، بشارع عبدالخالق ثروت وسط القاهرة، حاملين صوره، وداعين عبر مكبرات الصوت لانتخابه «نقيباً»، بعد أن اعتصموا منذ أربعة أسابيع في مدخل النقابة، وأغلقوا لساعات نقابة الصحافيين عشية الانتخابات، وسكبوا طلاء أحمر (رمزا لحق الدم)، على سلالم النقابة، وتطور الاحتشاد قبيل الثالثة، حيث أعلن عن تأجيل الانتخابات أسبوعين، إلى ملاسنة بين ناشطة من أنصار (أبوضيف) والنقيب ممدوح الولي، تطورت إلى محاولة للاعتداء عليه، بحجة عدم قيامه بدوره في الدفاع عن «دم الحسيني»، وممالأة جماعة «الإخوان المسلمين»، التي اتهمها أهل الحسيني بالتورط في قتله، وتدخل مجموعة من أنصار الولي، وأنقذوه من محاولة الاعتداء، بعد دفعه إلى المصعد، وإدخاله إلى إحدى الغرف، فيما واصل المعتصمون من أنصار الحسيني احتلال الدور الأرضي، ومدخل النقابة، والهتاف ضد النقيب وجماعة «الإخوان» والمرشد، وانتهي الموقف باشتباكات بالايدي، بين صحافيين إسلاميين وآخرين من القوى الليبرالية واليسارية، تم فضها عبر تدخل محايدين. ومن جملة آراء، شملت ‬50 صحافيا استطلعت «الإمارات اليوم» مواقف بعضهم، أجمع غالبيتهم على التمسك بإدانة مطلقة لحادث محاولة الاعتداء على النقيب، فيما ربط ثمانية منهم الإدانة الواضحة بخلفيات تراوح بين التسبيب والتبرير للواقعة. وقال الكاتب الصحافي وعضو مجلس نقابة الصحافيين عبدالعال الباقوري، إن «الدفاع عن الحسيني قضية نبيلة، لكن العنف ومحاولة الاعتداء على الزميل ممدوح الولي، أو أي زميل صحافي آخر، أمر مستهجن ومرفوض دون تحفظ».

«أبوضيف».. تاريخ بين الصحافة والعمل العام

لقي الصحافي الحسيني أبو ضيف مصرعه، في ‬10 ديسمبر الماضي، أثناء تلقيه رصاصة من قناص، لدى وجوده مع المتظاهرين أمام قصر الاتحادية، ممن احتشدوا واعتصموا، احتجاجا على ما سموه سياسات «أخونة البلاد»، التي يقودها الرئيس محمد مرسي.

واتهم شقيق الحسيني وأسرته وسكرتارية نقابة الصحافيين جماعة «الإخوان» رسميا، باغتياله، استنادا إلى اتخاذ مكتب الإرشاد التابع للجماعة، قرارا بنزول مجموعات شبابية إخوانية لمواجهة المتظاهرين وفض الاعتصام. وعرف الحسيني طريقه مبكراً إلى العمل الوطني العام، فالتحق بالحزب الناصري، وهو طالب بجامعة أسيوط، ورفع قضية شهيرة لإلغاء المصروفات الجامعية، استنادا إلى مبدأ مجانية التعليم، وكسبها قبيل تخرجه بأشهر. والتحق الحسيني بالحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية)، منذ لحظة ولادتها، وشارك في تأسيس «الجمعية الوطنية للتغيير»، بقيادة محمد البرادعي، كما لعب دورا بارزا في كل الفاعليات التي عارضت «التمديد والتوريث»، في عهد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، والتي مهدت لقيام ثورة ‬25 يناير.

وشارك الحسيني في التحركات الشبابية الأولى، التي قادت ثورة يناير، ولعب دورا أساسيا في التصدي لفلول الحزب الوطني، فيما عرف إعلاميا بـ«موقعة الجمل».

وأجرى الحسيني، كصحافي، تحقيقات جريئة في صعيد مصر، أبرزها تحقيق استقصائي عن الضغط على الأهالي لبيع أراض لمصلحة شركات متنفذة، فيما عرف بـ«قضية المريس»، ولعب التحقيق الصحافي دوراً حيوياً في تغذية دعم جهود أهلية ونضالية، قام بها أهل المريس، نجحت بالنهاية في إيقاف المشروع. ونشر الحسيني، قبيل اغتياله، تحقيقا صحافيا في صحيفة «الفجر»، اتهم فيه الرئيس محمد مرسي بالافراج غير القانوني عن صهره المتهم في قضية اختلاس، لكن جماعة «الإخوان» نفت صحة الاتهام.

وعرف الحسيني، وسط أصدقائه، بحمله الكاميرا طوال الوقت، وقال أصدقاؤه إن السبب الرئيس في استهدافه بالاتحادية، هو توثيقه وقائع الاعتداء على المتظاهرين بالصورة، ويؤكدون ذلك باختفاء الأفلام بعد مصرعه. من أبرز الشعارات التي قيلت في تظاهرات الحسيني: «يا حسيني نام واتهنى.. ليهم العار وليك الجنة». و«يا حسيني ياولد.. دمك بيحرر بلد».

وقال مدير تحرير جريدة «الدستور» السابق سامي جعفر، لـ«الإمارات اليوم»، إن «حملة الدفاع عن الحسيني بدأت بالطريق الصحيح، عبر اعتصامها في النقابة قبيل الانتخابات، أو فرضها قضيته بوسائل حضارية صحيحة، لكنها انحرفت عن الطريق، بمحاولة الاعتداء على النقيب، المرفوضة والمدانة بكل الوسائل».

وأضاف جعفر، الذي ربطته «صداقة عمر» بالحسيني، «أدعو للعودة إلى السبل المشروعة، مثل الاعتصام أمام مكتب النائب العام، أو تقديم مذكرة لمجلس القضاء الأعلى، أو غير ذلك».

وكانت حملة الدفاع عن الحسيني، قد أعلنت ـ في تصريحات سابقة ـ أن هناك تلكؤاً وغموضاً مريبين في تأخير نظر قضية الحسيني، وفي قضية هجوم شباب جماعة «الإخوان المسلمين» على متظاهري قصر الاتحادية، في ديسمبر الماضي، كما اتهمت الحملة، ومعها سكرتير نقابة الصحافيين في بلاغات، عناصر من جماعات «الإخوان» بقتل الحسيني، فيما شككت أيضا في تقرير الطب الشرعي لجهة تأخره وعدم كفايته.

على الجانب المقابل، اعتبر نائب رئيس صندوق تكافل نقابة الصحافيين محمد عارف، أن ما حدث الجمعة الماضية «انعكاس لما يجري بين الإسلاميين من جهة، والناصريين واليساريين من جهة أخرى، انتقل من ميادين مصر إلى أرض النقابة».

وقال لـ«الامارات اليوم»، إن الاعتداء الشخصي على الولي، تم بمباركة التيارين الناصري واليساري، وكان يستطيع بعض قادة التيارين منع الاعتداء، لأن الجميع يعرف قدرتهم على التأثير في شباب المعتدين». وأضاف «ما جرى يعد أيضا استمرارا للصراع داخل مجلس النقابة بين الولي، المنسوب إلى التيار الاسلامي، وبقية أعضاء المجلس من اليساريين والليبراليين، الذي امتنع الولي بسببه عن الحضور إلى النقابة لمدة عام».

وفي ما يتعلق بارتباط الاعتداء بقضية الحسيني، قال عارف «لماذا يحملون الولي المسؤولية الشخصية عن الشهيد الحسيني، فالراحل قتل على أبواب الاتحادية، وليس على أبواب النقابة، والولي قام بواجبه النقابي، حيث تابع نقل جثمانه إلى سوهاج، وتابع تمويل النقابة استحقاقات الجنازة كافة، وتبنى مع زملاء إطلاق اسمه على مسرح النقابة، ويتابع كل الإجراءات القانونية المتعلقة بقضيته».

وحذر عارف من أن «ما حدث خطير، وينذر بتداعيات غير مسبوقة في المستقبل، والمؤسف أن الجميع التزم الصمت تجاه الواقعة، وامتنع عن التدخل رغم وجودهم في الخيمة المقامة أمام النقابة أثناء الاعتداء».

وأضاف «وأقصد بالجميع المرشحين لمنصب النقابة، ضياء رشوان وعبدالمحسن سلامة، والمرشحين الـ‬50 لمجلس النقابة وصحافيين بارزين من قوى سياسية، ومعظمهم من القوى الليبرالية واليسارية».

الأكثر مشاركة