إسرائيل تفرض «العقاب الجماعي» علـى أهالي سلوان والعيسوية
يبتدع الاحتلال الإسرائيلي ـ في كل يوم ـ خطة وسياسة جديدتين، ضد سكان مدينة القدس المحتلة، من أجل تضييق الخناق عليهم وتشريدهم، سواء من خلال الاعتقالات، أو الاعتداءات على المقدسيين وممـتلكاتهم، أو هـدم منازلهم. ومن بين هذه الممارسات مواصلة الاحتلال فرض حملة «العقاب الجماعي»، التي أطلقها، أخيرا، ضد أهالي أحياء سلوان والعيسوية في المدينة.
هذه الحملة تنفذها وحدة إسرائيلية خاصة تدعى «سبير»، وهي التي تتبع سياسة «العقاب الجماعي»، في البلدات والقرى المقدسية، التي تدعي إسرائيل أنها مخلة بالنظام، كما يشترك معها في تنفيذ هذه الحملة وحدات مشتركة من قبل عناصر الشرطة، وأفراد مصلحتي «التأمين الوطني» و«الضريبة»، التابعتين للاحتلال.
وانطلقت حملة «العقاب الجماعي»، عقب مواجهات بين شبان من سكان سلوان والعيسوية، مع عناصر الشرطة ومراقبي البلدية و«سلطة الطبيعة» الإسرائيلية، التي جاءت لهدم منازل فلسطينية، بدعوى البناء من دون ترخيص.
استهداف
وتشمل هذه الحملة ـ التي تنفذ في سلوان والعيسوية ـ إقامة حواجز إسرائيلية دائمة في الشوارع والمداخل، وحملات اعتقالات عدة، وهدم منازل، وقطع مياه، وجباية ضرائب، وفرض غرامات مالية مختلفة، إلى جانب التفتيش والتدقيق العشوائي على الهويات، وتحرير مخالفات مرورية تعسفية وصلت إلى مئات آلاف الشواكل، بحسب الناطقة باسم مشروع حقوق الإنسان في القدس الشرقية، التابع لجمعية حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، هنادي قواسمي.
وتقول قواسمي، لـ«الإمارات اليوم»، إن هذه الحملة بدأت في حي العيسوية، عقب دخول الأسير الفلسطيني سامر العيساوي، وهو من سكان الحي، في إضراب عن الطعام داخل السجن بسبب سوء المعاملة، إذ قام المعتدون اليهود ـ في منطقة «التلة الفرنسية» القريبة من العيسوية ـ بتقديم شكوى للشرطة ضد سكان الحي.
وتضيف «على الفور قامت الشرطة الإسرائيلية بإغلاق مداخل الأحياء الفلسطينية لحي العيسوية، والبالغ عددها ثلاثة مداخل، وتم توقيف السيارات وفحص هويات المواطنين، وجمعوا مبالغ كبيرة وطائلة بفعل المخالفات المرورية المبالغ فيها، كما تبعتها عمليات اقتحام للمنازل والأحياء المكتظة بالسكان، والاعتداء على الأطفال، وتم اعتقال أطفال كانوا يلعبون كرة القدم في ملعب العيسوية، من قبل وحدات مستعربين إسرائيلية ترتدي الزي المدني». وتـؤكد أن أحد سكان العيسوية اشتكى أن مدير شرطة القدس أبلغه بأنهم لن يتوقفوا عن هذه الحملة، حتى يتصرف الفلسطينيون كالسكان اليهود في القدس، «وهذا دليل على أنها حملة انتقام وعقاب للمقدسيين». وتوضح أن هذه الحملة «هي تعمد واضح من قبل الشرطة للانتقام من السكان، وتعمد واضح لإغلاق مداخل حارات فلسطينية».
أما في حي سلوان ـ الذي يعد الحاضنة الجنوبية للمسجد الأقصى ـ فإن القوات الخاصة، إضافة إلى قوات حرس الحدود، تقتحم الأحياء والمنازل، وتعتقل الأطفال وتخالف وتفحص السيارات.
وتشير الناشطة الحقوقية إلى أن طبيعة الحملة في سلوان تختلف عن العيسوية، حيث إن المستوطنين وحراس المستوطنات يقومون بالاعتداء على المواطنين، وهذا ما حدث مع ابن المقدسي محمد أبوالحمص، الذي لا يتجاوز عمره سبع سنوات، حيث تم الاعتداء عليه وإصابته بكسور في يده.
وتقول قواسمي إن «هذه الحملة لها تأثير كبير في الحياة اليومية على المقدسيين في أحياء سلوان والعيسوية، وأصبح الآباء والأهالي يخافون على أطفالهم من الخروج إلى الشوارع، لإمكانية تعرضهم للاعتداء والاعتقال، كما أصبح السكان متخوفين من الخروج إلى أعمالهم والعلاج، خصوصا التي تقع خارج أحياء العيسوية وسلوان، فلو افترضنا جدلاً أن هناك مخالفة فمن الطبيعي أن تتم معاقبة صاحبها، وليس تعمد جميع السكان، واقتحام المنازل والاعتداء على الأطفال واعتقالهم».
وكانت «جمعية حقوق المواطن في الأراضي المحتلة» تقدمت بشكوى مطولة، جاءت في ثلاث صفحات، إلى مدير الشرطة الإسرائيلية في القدس، طالبته بالتوقف عن هذه الحملة، وأوضحت أن الأحياء المستهدفة هي مناطق مكتظة بالسكان، وأن الغاز الذي يطلق على السكان والأحياء يؤذي الجميع، مشيرة إلى أن عناصر الشرطة يقومون باستخدام غير مبرر للقوة ضد السكان والأحياء المقدسية، «حيث تحولت حياة السكان العادية إلى سؤال يومي، عنوانه هل سنتعرض للخطر».
وتقول قواسمي إنه «وبعد طول انتظار حصلنا على رد من قبل مدير الشرطة، حيث نفى كل ما تحدثنا به في الشكوى، واعتبرها ادعاءات غير صحيحة وغير موجودة».
تفتيش واعتقالات
من جهة أخرى، يقول مدير مركز معلومات وادي حلوة في سلوان بالقدس جواد صيام، إن القوات الإسرائيلية الخاصة نصبت حواجز مكثفة ومفاجئة، في شوارع وأحياء سلوان، ثلاثة حواجز في شارع وادي حلوة، وثلاثة أخرى في شارع حي وادي الربابة، إضافة الى نقاط تفتيش في أحياء عين اللوزة والعباسية وبئر أيوب والبستان والعين وفي حي الثوري، حيث تقوم قوات الاحتلال بإيقاف السيارات على أكثر من حاجز، وتدقق في هوية ركابها وتحرر مخالفات تعسفية للعديد منها، راوحت قيمتها بين 250 و1500 شيكل
ويضيف أن القوات الإسرائيلية قامت ـ ضمن حملة العقاب الجماعي ـ بسلسلة اعتقالات واسعة، طالت الأطفال والفتية والشبان والنساء، وكانت اعتقالات عشوائية من دون سبب، حيث إن معظم المعتقلين أخلي سبيلهم بعد توقيفهم لأيام.
ويوضح صيام أن الحملة شملت دهم المنازل من دون إذن تفتيش، والاعتداء على السكان، كما تم توزيع أوامر هدم من قبل بلدية الاحتلال، وأوامر «تنظيف الأرض» من قبل سلطة الطبيعة، وفحص عشوائي للهويات.
قطع المياه
وسجل، الشهر الماضي، الذي بدأت فيه الحملة اعتقال أصغر طفل من القدس، وهو عمر نواف الأعور، والبالغ من العمر خمس سنوات ونصف السنة من حي سلوان، حيث تم اللحاق به واعتقاله بحجة إلقائه حجراً على القوات الإسرائيلية، إضافة إلى اعتقال المصور الصحافي جميل القضماني، وأكثر من نصف المعتقلين من بلدة سلوان، ثم قرية العيسوية، والقدس القديمة.
كما طالت حملة «العقاب الجماعي» عدادات المياه الموصلة لمنازل المقدسيين، حيث أقدمت شركة المياه الإسرائيلية «جيحون»، قبل أيام، على خلع عدادات المياه الموصلة لنحو 20 منزلا، في أحياء وادي حلوة والعين بسلوان.
ويقول مدير مركز معلومات وادي حلوة، «إن الاحتلال خلع عدادات المياه من دون سابق إنذار، ومن دون علم أصحابها، بذريعة تراكم الديون على أصحابها، وهذه ادعاءات غير صحيحة ويتوجب إخطار المواطنين قبل إزالتها».