نداء أوجلان لإلقاء السلاح منعطـف للأكـراد في الشـــرق الأوسط

نداء أوجلان لإلقاء السلاح أنعش آمال السلام مع تركيا. أ.ب

يشكل النداء الذي وجهه زعيم حزب العمال الكردستاني، السجين عبدالله أوجلان، إلى مقاتلي الحزب لالقاء السلاح، منعطفاً في تاريخ الاكراد الذين تعرضوا قبل ‬25 عاما لهجوم بالأسلحة الكيماوية (في العراق)، ويخوض نزاعاً مسلحاً للحصول على استقلاله (في تركيا).

وأثار النداء الذي جاء ضمن رسالة تليت في ديار بكر (جنوب شرق تركيا) آمالا بالتوصل الى حل نهائي للنزاع المستمر منذ ثلاثة عقود مع تركيا، وأوقع عشرات الآلاف من القتلى، معظمهم من الاكراد.

ومع أن هذا النداء يأتي بعد سلسلة من الخطوات الإيجابية، إلا أن الاكراد في العراق وتركيا وسورية وإيران لايزالون أمام تساؤلات جدية على المدى الطويل حول علاقاتهم مع الحكومات المركزية غير المتعاطفة مع قضيتهم.

وقالت جاين كينيمونت من مركز «تشاتهام هاوس» في لندن إن وقت النداء «سينطوي على انعكاسات مهمة لمجمل الحركات الكردية في المنطقة».

وأضافت أن «النداء قد يبرز خيارات أكثر لتطلعات الأكراد، يجب تعزيزها ضمن نظام الحكومة الإقليمية الحالي»، لكنها أشارت الى «التوتر بين هذه الاحلام المثالية بإقامة دولة تجمع المناطق الكردية، وواقعية القادة السياسيين في الشرق الاوسط، القائم على نظام دول متعددة الاثنيات والطوائف، لكن لديها مخاوف كامنة من التجزئة».

ومعظم الأكراد في الشرق الاوسط المتحدرين من أصل هندو-أوروبي من الإسلام السنة، ويراوح عددهم بين ‬25 و‬35 مليوناً، وهم يختلفون في لغتهم وثقافتهم عن العرب والاتراك والفارسيين.

ولذلك غالباً ما تنظر الدول الاربع التي ينتشر فيها الاكراد في المنطقة إليهم على انهم تهديد. ويعاني هؤلاء منذ زمن طويل المضايقات والتمييز، وكانوا ضحية مجازر. وتمتع الاكراد بفترات من الحكم الذاتي في قرون سابقة، ومع أنه تم الاعتراف بحقهم في دولة مستقلة في المعاهدات بعد الحرب العالمية الاولى، إلا أن هذه التعهدات لم تنفذ. ومع استثناء اعلان الاكراد في إيران عن جمهورية مستقلة لفترة وجيزة بعد الحرب العالمية الثانية، فإنهم عانوا الاضطهاد طوال عقود في الشرق الاوسط. وحتى عام ‬2002، كانت تركيا تحظر استخدام اللغة الكردية، كما لم يكن من المسموح استعمال كلمة «كردي» في الخطابات الرسمية، بينما شن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين حملة دامية، دمر فيها قرى وبلدات بالكامل.

وأسوأ تلك الحملات كان في عام ‬1988 عندما شارفت الحرب بين العراق وإيران على النهاية، وقامت مقاتلات عراقية بقصف مدينة حلبجة، ما أدى إلى مقتل نحو ‬5000 شخص في ما يعتبر أسوأ هجوم بالغاز ضد مدنيين.

وقال شوان زلال، وهو مستشار سياسي مقيم في لندن ومتخصص في شؤون كردستان «لقد كبرت في العراق حتى الـ‬20 من العمر، لكنني تعلمت أن أكره هذا البلد». وتذكر زلال الذي نشأ في السليمانية، وهي المدينة الثانية في كردستان العراق، لكنه رحل إلى لندن في عام ‬1994، كيف أضطر مرة لدفع مبلغ من المال لتسلم جثمان عمه بعد إعدامه.

وأضاف «كيف من الممكن التعريف بدولة تقوم بذلك بحقك؟ هناك جروح لا تندمل». وأكد أنه «عندما يحاول أحد انتزاع هويتك فأنت تتمسك بها أكثر وبقوة أكبر». لكن في السنوات التي تلت مجزرة حلبجة، اتخذ اكراد العراق خطوات لتعزيز حكمهم الذاتي، وانتقلوا نحو الاستقلال اقتصاديا عن بغداد، بعد الغزو الاميركي في عام ‬2003، الذي أطاح بنظام صدام حسين.

في المقابل، النزاع المستمر منذ عامين في سورية جدد آمال السكان الاكراد هناك بإقامة منطقة لها حكم ذاتي، على غرار كردستان العراق، وبمنأى عن اعمال العنف التي تشهدها سائر البلاد، إلا أن نداء اوجلان زاد من احتمال التوصل الى سلام دائم في تركيا، التي تشهد نزاعاً طويل الامد بين قوات الامن ومقاتلي حزب العمال الكردستاني، لكن التقدم الذي تم تحقيقه في إيران كان محدوداً، فقد شهد اقليم كردستان (غرب) مواجهات دامية بين قوات الامن الايرانية ومجموعة بيجاك الكردية المتمردة والناشطة انطلاقاً من قواعد خلفية في العراق.

واعتبر رئيس هيئة العلاقات الخارجية في كردستان العراق فلاح مصطفى أنه «قد يكون من المبكر أن نصدر أحكاماً أو تكهنات، لكن المهم هو حصول تطورات ايجابية وخطوات في الاتجاه الصحيح». وقال «أنا متفائل وإيجابي، لاننا قبل ‬25 عاماً كنا نتعرض للقتل بالاسلحة الكيماوية».

تويتر