نساء مصر عدن للتظاهر بعد أن ألغى الدستور الجديد الكثير من حقوقهن. أ.ف.ب

المرأة المصرية في الشارع بعد خســارة حقوقها

بعد أن وقفت النساء المصريات بجانب الرجال كتفاً بكتف في ميدان التحرير في ايام «ثورة ‬25 يناير» في مصر، وبعد أن خسرن حقوقهن وما حققنه من مكاسب قبل الثورة، ها هن يعدن الى الشارع متظاهرات محتجات على الدستور الجديد الذي يلغي حقوقهن، ويمسح طموحاتهن، ويفتح الباب امام تزويج الفتيات وهن في سن الـ‬13.

في أحد الايام وقع كمين من الجهة اليسرى، من شارع جانبي يؤدي إلى مسجد المقطم، وتدافع مئات الرجال وهرولوا في مسيرة مناهضة للحكومة، واذا بقعقعة مفاجئة لصخور هبطت من كل صوب، ودوى صوت طلقات نارية وأزيز قنابل الغاز المسيل للدموع. ثم ظهرت عصي وحجارة وقضبان معدنية من قلب الدخان، فيما تعالت صرخات النساء والرجال الذين راحوا يركضون في كل الاتجاهات بالطريقة ذاتها التي جاؤوا بها.

وصاحت امرأة محجبة، وفمها ينزف دماً وعيناها تدمعان من الغاز المسيل للدموع في وجه مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي اليها الرئيس المصري محمد مرسي وحكومته، قائلة: «لستم الإسلام، لستم مصر، أين هي حريتي؟». ويتكرر هذا المشهد بعد صلاة كل يوم جمعة في القاهرة.

ولمست النساء في مصر أن مكاسبهن تراجعت بعد الثورة، وان الحصة النسائية في مجلس الشعب (البرلمان) ألغيت، فيما خابت آمالهن في يكون منهن نائب لرئيس الجمهورية، وتعرضن لأرقام قياسية من الاعتداءات وللتحرش الجنسي.

كما لوح الرئيس مرسي ثم تراجع عن تجريم ختان الفتيات في مصر، الذي تخضع له ثلاث أرباع الاناث في مصر، موضحا انه لن يتدخل في ما وصفه بـ«مسألة عائلية»، مثيرا بذلك غضب النساء.

وتقول طالبة هندسة تدعى فاطمة (‬24 عاماً)، إن «الاخوان المسلمين»، «يرون في المرأة أداة للجنس أولاً، ثم ماسحة للارض وخادمة ثانياً، وهذا كل ما يمثله الاخوان، وما يفهمونه عن المرأة، ودورها في الاسرة والمجتمع».

وتضيف «يريدوننا أن نتزوج في سن التاسعة، هل هؤلاء هم حقاً من نريد لهم حكم بلادنا؟ ترى ما الفرق بينهم وبين المتحرشين بالاطفال؟».

ووصفت المذيعة المصرية الناشطة مشيرة خطاب فكر «الاخوان المسلمين» تجاه النساء، وموقفهم العام منهن بـ«المتطرف والمناهض للنساء».

وألغى الدستور الجديد كثيرا من حقوق المرأة وخفض سن الزواج للفتيات من ‬18سنة الى ‬13 سنة، بينما اشار بعض الشيوخ لدى «الاخوان المسلمين» الى ان تزويج الفتاة في التاسعة أمر مقبول ايضاً.

كما يتلقى الاطباء الرشوة لتزوير شهادات ميلاد وسن الفتيات لتصبح ابنة الـ‬14 في سن الـ‬18، وهي السن القانونية المتعارف عليها للزواج. واما الفتيات اللواتي ينجبن اطفالاً غير شرعيين او بزواج عرفي فإنهن يحرمن التسجيل والحصول على شهادات ميلاد او الالتحاق بالمدارس.

وجاء تأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة في ابريل الى اجل آخر غير مسمى ليزيد من احباط المصريين بشكل عام، لاسيما النساء. وتعيش اعداد كبيرة من النساء حاليا مع ازواجهن واسرهن في شقق في عشرات الابراج السكنية الحديثة في ضواحي القاهرة، ويكرسن أوقاتهن لشؤون العائلة وتأمين مستقبل الابناء من غير اهتمام كبير بسياسة الحكومة وتفكير« الاخوان المسلمين».

وتقول سهام أحمد (‬38 عاماً) لقد تزوجت وانا في سن الـ‬14، وليس لدينا الوقت الكافي لنتبادل الحديث مع جاراتنا «فهناك الكثير الكثير من الامور والاعمال التي ينبغي علينا القيام بها في المنازل، ولمساعدة أزواجنا، وأنا أتطلع الى ان تتاح الفرصة لبناتي في النمو والنضج الجسمي والعقلي على الرغم من أن زوجي يفضل تزويجهن في سن مبكرة لكي يعفي الاسرة من إعالة شخص».

وتقول أسماء محمد فوزي (‬21 عاماً) انه تمت خطوبتها لاحد الشبان في سن الـ‬15، واصيبت بصدمة شديدة حينما قضت صديقتها آية اثناء ولادتها لأول اطفالها، وهي في سن الـ‬16 ما دفعها الى فسخ خطوبتها. وتضيف «كنت محظوظة للغاية ان أمي ساندتي وأيدت تأجيل مشروع زواجي بضع سنوات اخرى».

وتقول نوال راشد (‬21 عاماً) المتزوجة من رجل يكبرها بكثير «لقد قبلت الزواج من رجل مسن، لانني كنت ارغب في التضحية لمساعدة اسرتي الفقيرة المكونة من امي وابي واربعة اشقاء». وهناك جارتها عتاب (‬19 عاماً) الام لطفلين، والمطلقة التي تعيش مع امها ووالدها العجوز واشقائها الثلاثة.

وتقول أمها «كنا نعتقد ان زواجها يحقق لها السعادة والحياة الزوجية الطيبة، لكنها تطلقت لانه كان سيئا وهي ترفض الزواج ثانية، لان طليقها سيأخذ حق حضانة الطفلين».

وتقول نوال «لقد شاركت في تظاهرات كثيرة قبل الثورة وأثناءها كتفاً بكتف الى جانب الشبان وكنا نهتف للحرية لمصر كلها وللجميع، وكنا نكافح من أجل حقوقنا جميعها ومن ضمنها حقوق المرأة، لكني اليوم أخشى المشاركة في اية ميسرة او تظاهرة، بل اخشى مغاردة باب منزلي لان كابوس الاعتداء الجنسي او التحرش او الاختطاف يسيطر على تفكيري، إنه لامر مؤسف ومحزن حقا ان ارى تراجعاً كبيراً في حقوق النساء وأوضاعهن».

على مسافة غير بعيدة في الشارع يتناقش مجموعة من الشبان في موضوع الزواج وضرورة تمسك الشاب بان تكون شريكة حياته جميلة وصغيرة، قائلين انها تبقى جميلة وصغيرة بعد ان يكون هو قد تقدم في السن.

ويقول مدير جمعية خيرية لتوعية الأسر المصرية محمد جازر، بشأن تجنب تزويج بناتهم للاجانب «يقوم سائقو سيارات الاجرة بتوصيل الاجانب الراغبين في الزواج من مصريات من المطار الى وسطاء لهذا الغرض يقومون بتشجيع اولياء الامور على اتمام صفقات هذا الزواج، والتي تشبه صفقات التجارة، وتتضمن بيع الفتاة لعريس غريب لا يعرف عنها شيئاً، ولا تعرف عنه شيئا، لكنها سرعان ماتكتشف ان حياتها قد دمرت».

تريسي ماكفاي كاتبة ومحررة في «الأبزيرفر»

 

الأكثر مشاركة